حظيت الجهود الأخيرة التي بذلها سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد لرأب الصدع الخليجي بالدعم الدولي، وذلك بعدما نالت الدعم المحلي والإقليمي.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسونن مساء اليوم الأول، عن دعم أميركي كبير لمساعي وجهود الوساطة، التي يقوم بها سمو الأمير للتوصل إلى حل سلمي للأزمة الخليجية.

Ad

وبينما قال تيلرسون، في تصريحات أدلى بها في وزارة الخارجية الأميركية "نعم سنؤيد جهود الوساطة هذه مع أمير دولة الكويت"، أعربت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، اليوم الأول، عن دعم الاتحاد الأوروبي الكامل لجهود الوساطة التي يبذلها الأمير.

وقالت موغيريني، عقب اجتماعها مع وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن في بروكسل: "من الواضح بالنسبة لنا أن هناك جهود وساطة واحدة هي تلك التي نجحت خلال أزمة مماثلة، ولكن أقل دراماتيكية في عام 2014".

وأكدت "نعتقد أن جهود دولة الكويت يمكن أن تنجح.. ونحن نؤيد عملهم وقد وضعنا مساعدة الاتحاد الأوروبي ودعمه تحت تصرفهم".

وأشارت موغيريني إلى أنها أجرت اتصالاً هاتفياً مطولاً مع الشيخ صباح الخالد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، كما أجرت مكالمة هاتفية ثانية مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير.

وقالت إنها ستواصل اتصالاتها مع الأطراف في الأيام المقبلة "بهدف واحد لدعم العمل، الذي تقوم به الكويت". وذكرت أن الاتحاد الأوروبي يقيم علاقات طيبة مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي "وسنواصل علاقاتنا الجيدة مع جميع دول الخليج".

ترامب

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعا اليوم الأول قطر إلى التوقف "فوراً" عن تمويل الإرهاب، في تصريح وصفه مراقبون بأنه تصعيدي.

وقال ترامب خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروماني كلاوس يوهانيس في البيت الأبيض، إن "دولة قطر للأسف قامت تاريخياً بتمويل الإرهاب على مستوى عالٍ جداً".

وأضاف ترامب: "لقد قررت مع وزير الخارجية ريكس تيلرسون وكبار جنرالاتنا وطواقمنا العسكرية أن الوقت قد حان لدعوة قطر إلى التوقف عن تمويل الإرهاب".

وشدد الرئيس الأميركي على أن الدولة الخليجية الصغيرة "عليها أن توقف هذا التمويل وفكره المتطرف (...) أريد أن أطلب من كل الدول التوقف فوراً عن دعم الإرهاب. أوقفوا تعليم الناس قتل أناس آخرين".

وأعرب الرئيس الأميركي عن أمله في أن تكون القمة، التي عقدت في الرياض بداية النهاية لتمويل الإرهاب، متوجهاً بالشكر للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز على "القمة الاستثنائية".

وكان البيت الأبيض قد أعلن في بيان، أن ترامب تحدث مع الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وأكد "أهمية الحفاظ على الوحدة بين الدول العربية" وذلك في رابع اتصال هاتفي يجريه الرئيس الأميركي مع زعيم في المنطقة منذ قطع دول عربية علاقاتها الدبلوماسية مع قطر.

وقال البيت الأبيض، إن الزعيمين اتفقا أيضاً على ضرورة أن تنفذ كل الدول الاتفاقات، التي تم التوصل إليها أخيراً في قمة الرياض.

تيلرسون

وأتى تصريح ترامب بعيد ساعتين من تصريح أقل حدة تجاه الدوحة أدلى به وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، وناشد فيه السعودية وحلفاءها تخفيف الحصار، الذي فرضته على قطرن والذي قال إنه يضر أيضاً بالعمليات ضد تنظيم "داعش"، مع تأكيده في الوقت نفسه وجوب قيام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "بالمزيد وبشكل أسرع" في مجال مكافحة الإرهاب.

وشدد الوزير الأميركي على أن "قطر لديها تاريخ في دعم جماعات تراوح من ممارسة النشاط (السياسي) إلى ممارسة العنف"، مضيفاً "ندعو قطر لأن تتجاوب مع مخاوف جيرانها".

وتابع تيلرسون: "هناك تداعيات إنسانية لهذا الحصار. نحن نرى شحاً في المواد الغذائية. هناك عائلات فصلت عن بعضها عنوة وأطفال يتم غخراجهم من مدارسهم".

وتابع "نعتقد أن هذه التداعيات غير مقصودة ولاسيما في شهر رمضان المبارك هذا. ولكن هذه التداعيات يمكن معالجتها فوراً".

«البنتاغون»

وتناقض تصريح تيلرسون مع تصريح سبقه إليه قبل دقائق فقط مسؤول في وزارة الدفاع (البنتاغون)، أكد أن الحصار المفروض على قطر لا يؤثر بتاتاً على العمليات العسكرية للقوات الأميركية في المنطقة.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية الكابتن جيف ديفيس: "في هذه المرحلة ليس هناك أي تأثير (للحصار المفروض على قطر) على عملياتنا".

لا خلاف

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية قوله، إنه لا يوجد أي اختلاف سياسي بين ترامب ووزير الخارجية، وإن مواقفهما متسقة، إنما هو اختلاف في النبرة واختيار الكلمات.

وذكر المسؤول الأميركي أن ترامب يرى أن قطر تستحق الحصار، وإن كان لا يعارض تخفيفه. وأضاف المسؤول لصحيفة "واشنطن بوست" أنه إذا كانت الدول الخليجية ومصر تريد إبقاء ضغوطها على قطر عبر إلغاء الرحلات وسحب السفراء، فإن ترامب لا يرى مشكلة في ذلك.

ترحيب ثلاثي

وعبر مصدر مسؤول عن ترحيب المملكة العربية السعودية بتصريحات ترامب. وأشار المصدر إلى أن "محاربة الإرهاب والتطرف لم تعد خياراً، بقدر ما هي التزام يتطلب تحركاً حازماً وسريعاً، لقطع كل مصادر تمويله من أي جهة كانت، وبما ينسجم مع مخرجات القمة العربية الإسلامية الأميركية".

من ناحيته، قال سفير الإمارات بالولايات المتحدة السفير يوسف العتيبة، إن بلاده قالت إنه "ينبغي لقطر الإقرار بالمخاوف المتعلقة بدعمها المقلق للتطرف وأن تراجع سياساتها الإقليمية".

وذكر العتيبة في بيان، أن "الإمارات ترحب بقيادة الرئيس دونالد ترامب في مواجهة دعم قطر المقلق للتطرف. الخطوة التالية هي أن تقر قطر بهذه المخاوف وتلتزم بمراجعة سياساتها الإقليمية". وأضاف "سيوفر هذا الأساس الضروري لأي مناقشات".

ورحبت مملكة البحرين بتصريح ترامب، وأكدت أن "هذا الموقف الحازم يأتي في إطار الجهود الأميركية الحثيثة، ويعكس إصراراً شديداً على مواصلة مكافحة كل صور الإرهاب، وضمان التكاتف الدولي للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة".

كما شددت البحرين على "ضرورة التزام قطر بتصحيح سياساتها والانخراط بشفافية في جهود مكافحة الإرهاب، لتتمكن دول المنطقة من معالجة الأخطار، التي تهددها ومواجهة جميع الكيانات الإرهابية والقضاء على كل من يدعمها، ويحاول زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة وشعوبها".

إردوغان

في المقابل، انبرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للدفاع عن قطر، مؤكداً أن بلاده ستواصل دعمها، وذلك قبل ساعات من وصول وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة إلى أنقرة للتباحث مع إردوغان حول الأزمة الخليجية.

وقال إردوغان في إسطنبول، اليوم الأول: "حتى هذا اليوم، لم أر أن قطر دعمت الإرهاب"، مطالباً برفع "الحصار المفروض على قطر بصورة كاملة". وتوجه إلى السعودية بالقول:"لدي طلب إلى الحكومة السعودية: أنتم أكبر دول الخليج، والأقوى، يجب أن تُعطوا علامة الأخوة، عليكم أن تجمعوا الكل".

وأكد أن بلاده ستواصل مساعدة قطر رغم أن "البعض قد ينزعج من دعمنا لإخواننا وأخواتنا في قطر (...) سنُرسل لهم المواد الغذائية والأدوية إلخ...". وتابع: "آسفون، لكننا سنواصل توفير كل أنواع الدعم لقطر".

ووافق الرئيس التركي على نشر قوات تركية في قاعدة تركية في قطر، بعد مصادقة البرلمان التركي هذا الأسبوع على قرار نشر تلك القوات. ومدافعاً عن قراره نشر القوات التركية في قطر، سأل إردوغان "أصدقاءه" الخليجيين "لماذا لستم منزعجين من القاعدة الأميركية وقواعد دول أخرى؟". وكان إردوغان يشير بذلك إلى قاعدة العديد في قطر التي تضم نحو 10 آلاف جندي أميركي.

موسكو

وفي موسكو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن روسيا قلقة من الأزمة الحالية بين قطر ودول خليجية وعربية وتدعو إلى حلها عبر الحوار.

وأشار لافروف خلال اجتماع مع نظيره القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى أن "قرار بعض الدول العربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة أثار قلق موسكو، إذ إن روسيا لا يمكن أن يسرها تدهور العلاقات بين شركائها".

وأكد لافروف، أن "الطريق إلى تسوية الوضع حول قطر يمر عبر الحوار المباشر وموسكو تواصل اتصالاتها بمعظم أطراف الأزمة الخليجية، وأنها مستعدة لاتخاذ خطوات إضافية لدعم جهود التسوية في حال موافقة الأطراف المعنية واهتمامها بذلك".

وشدد الوزير الروسي على أن الخطر الرئيسي على الجميع في المنطقة وخارجها هو الإرهاب، ولا بد من توحيد الجهود على كل الأصعدة لدرء هذا الخطر والتصدي له.

من جانبه، تقدم الوزير القطري بـ"الشكر للمؤسسات الروسية التي عرضت خدماتها في ظل الإجراءات التي فرضت على قطر، والتي وصفها الوزير بـ"غير القانونية".

وأكد الوزير القطري، أن بلاده "تسعى دائماً إلى حل الخلافات بالحوار، واعتبر أن مجلس التعاون الخليجي هو الإطار الأنسب لذلك"، وشدد على أن "الدوحة ترحب بجهود الوساطة التي تقوم بها الكويت لتجاوز الأزمة".

ميركل

من ناحيتها، قالت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، إنها تشعر بقلق بشأن الوضع في قطر. وأضافت أنه يتعين على كل دول الخليج وإيران وتركيا أيضاً العمل معاً لإيجاد حل لهذا النزاع الإقليمي، وأضافت ميركل أنها تريد الحفاظ على توازن القوى "بشكل معقول" في المنطقة.