فيما يكشف مدى زيف تنظيم "داعش" الإرهابي واعتماده على قلعة فكرية أوهن من بيت العنكبوت، يحاول من خلالها شرعنة أعماله الإجرامية، وإضفاء طابع ديني عليها، يبرر التنظيم الإرهابي حرقه للطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي وقع في أسره أثناء تنفيذه طلعة جوية ضد معاقل التنظيم في سورية، بأن الصحابي أبوبكر الصديق أمر بقتل الفجاءة السلمي حرقاً بالنار أثناء حروب الردة، كما أمر الصحابي خالد بن الوليد بحرق رأس خالد بن نويرة.

اللافت للنظر أن العديد من الكتب الداعشية التي تعتبر مرجعيات للتنظيم على الأرض، مثل كتاب "إدارة التوحش" للداعشي أبوبكر ناجي، ادعى في الكتاب "أن المراحل الأولى من عمر الدولة الإسلامية لابد أن تشهد عمليات إرهاب لتقوية شوكة الدولة وبث الرعب في نفوس أعدائها خاصة من سماهم أعداء الداخل، وقال إن الوقوع في النواهي الشرعية أثناء الإثخان على الأعداء جائز، مثلما حدث من قبل أبوبكر الصديق الذي نشط في حروب الردة ونكل بالأعداء أشد تنكيل وارتكب نواهي شرعية، لكنه استهدف من خلال تلك الممارسات الحفاظ على دولة الإسلام".

Ad

والأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يثبت عنه أنه باشر حرق الأعداء أو أنه أمر بذلك، وأن الواقعة الوحيدة التي أمر فيها النبي بإحراق أحد من الأعداء تراجع عنها صلى الله عليه وسلم، قبل الفعل، حيث قال النبي: "لا يُعذب بالنار إلا رب النار"، ففي سُنن أبو دادود، روى حمزة الأسلمي أن رسول الله أمره على سرية، قال: فخرجت فيها، فقال: "إن أخذتم فلاناً فأحرقوه بالنار"، فوليت فناداني، فرجعت، فقال "إن أخذتم فلاناً فاقتلوه ولا تحرقوه، فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار".

أما احتجاج "داعش" بالروايات التي تزعم أن عدداً من الصحابة بينهم أبوبكر وخالد بن الوليد، حرقوا مرتدين، فلم تثبت تلك الروايات، فالرواية التي تزعم أن أبا بكر، أمر بحرق الفجاءة "باطلة" وأن من رواها هو (علوان بن داود البجلي) وهو من المطعون في روايته، قال عنه الحافظ ابن حجر "مُنكر الحديث"، كما روى العقيلي في "الضعفاء الكبير" أن علوان بن داود زاقولي من الزواقيل، والزواقيل هم اللصوص.

أما واقعة اتهام الصحابي خالد بن الوليد بحرق رأس خالد بن نويرة، فهي "باطلة"، إذ جاء في سندها (محمد بن حميد الرازي) وهو بحسب المحدثين "كذاب"، وقال عنه الإمام ابن حِبان: "ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات"، وقال عنه أبو زرعة "صح عندنا أَنه يكذب".