قصور من رمال
![د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/991_1667658654.jpg)
والموقف في أيامنا هذه موقف مصيري، يحتاج إلى مراجعات حقيقية بعيداً عن التعصبات والفزعات. دول الخليج الصغيرة، منمنمة التوزع على ضفاف الخليج الصغير، في طرف من القارة الآسيوية الضخمة، بنفطك الكثير ومالك الوفير، ماذا أنتجت للعالم؟ ماذا صدرت من فكر؟ وماذا عاد إليك الآن؟ إنه زمن مراجعة التحالفات والولاءات، زمن محاسبة النفس قبل الغير، زمن تقييم الوضع بين الديمقراطية والشمولية، زمن تمحيص تهمة "احتضان وتشجيع الإرهاب" التي يتراشقها الأشقاء، فيما هم محتاجون لموقف صريح وشجاع منها. دول الخليج حلقات في سلسلة واحدة، سقوط إحداها يعني تداعي السلسلة وانفراطها بأكلمها. الشعوب الخليجية، إن كان لديها أقل حس غرائزي بالحفاظ على الحياة، ونعم هي مسألة حياة أو موت، فعليها ألا تنجرف في الصراع السياسي الحاصل الآن، عليها هي، وإن كان بحكم قرابتها وتناسبها وتعايشها الجغرافي والثقافي، أن تقاوم لغة الحقد السائدة وأن تصر على حكامها أن يجلسوا على طاولة حوار وأن يجدوا حلاً وفي أسرع وقت. الموضوع ليس فزعة، ولا مجال فيه للانقسام وذلك لسبب بسيط أن الفزعة لطرف ضد طرف سوف تحرقنا جميعاً والانقسام سوف يصنع منا فتافيت خبز ستذروها رياح الدول المتربصة، ومن تأخذه الحمية ولا يستطيع رؤية هذه الصورة فهو أعمى بصيرة يقودنا جميعاً من رقابنا إلى حافة الهاوية. الأجدى، عوضاً عن تراشق الاتهامات، أن تجلس دول الخليج مفكرة في سياساتها السابقة والكيفية التي تم بها صرف بترو دولاراتها، فهذه السياسات والكيفيات الجمعية، ومن كل دول الخليج، هي التي أوصلتنا اليوم إلى عنق الزجاجة الذي نتزاحم متضاغطين عنده. أهل الخليج على وسائل التواصل، قبل أيام كان تعصبكم الخليجي لبعضكم البعض لا مثيل له، ماذا حدث؟ أي علاقات هشة تظهرونها للعالم ومع أول خلاف جاد تنقلبون على بعضكم بهذه الصورة؟ اهدؤوا ولا تصبوا الزيت على النار، ستحرقوننا جميعاً.