الوحي عنصر استقرار الدين وانتشاره، فالمصطلحات والمعاني الغربية فشلت في تعريف موحد للوحي بصفته المكلف من رب العزة لنشر هدى الله للبشر من خلال الرسل والأنبياء.

هذا ما تناوله كتاب "الدين والوحي والإسلام" - تقديم وزير الأوقاف المصري الأسبق د. حمدي زقزوق - للشيخ الراحل مصطفى عبدالرازق من علماء الأزهر، والذي قدم معالجة لثلاثة مباحث يكمل بعضها الآخر، وهي الدين والوحي والإسلام، ومدى الارتباط الوثيق بينها ومدى تأثير ذلك في نفوس المسلمين، فالمبحث الأول وهو الدين يحث على استقرار وحقيقة الدين على العموم، وثانيها الوحي وهو تفسير لظاهرة مهمة اعتيادية صاحبت معظم الأديان، وتوقفت عليها نشأتها، وهي ظاهرة الوحي، وثالث هذه المباحث يوضح الدين والإسلام القائم على الوحي، الذي بلغ الأنبياء والرسل بهدى الله للبشر.

Ad

وعرض الكتاب في بابه الأول ثلاث قضايا: إحداها في العلاقة بين الدين والعلم، والقضية الثانية بيان أصل الدين في نظر الباحثين الغربيين، الذين شككوا في وجود الوحي، الذي ألهم الأنبياء والرسل رسالتهم التي أتوا بها إلى شعوبهم وأهلهم، ومن المسلم به أنه ليس هناك تصادم بين العلم والدين، باعتبارهما مذهبين، بل الاختلاف بين الروح العلمية والروح الدينية فقط، وليس التصادم القائم على تعارض الآخر، فليس يعني ما جاء في الدين متفقاً مع نتائج العلم لأن الأساس الذي يعتمد عليه العلم يختلف عن الأساس الذي جاء به الدين، وينصح المؤلف في هذه الحالة بضرورة أن يتيقن العقل والوجدان بثوابت دينه وكيفية وصول رسالته، ويعرضها في صورة تدل على اتصال الإنسان بنوع من التوافق الذي يعجز علمنا الطبيعي عن إدراكه.

ورصد الكتاب مجموعة المعاني المتداولة والمختلفة لكلمة "الوحي" في اللغات المختلفة وأسهب في الشرح اللغوي للوحي في القرآن الكريم والسنة، متناولا أهم النظريات التي تصدت لتعريف الوحي، ومذاهب المتكلمين ومذاهب الفلاسفة الإسلامية، ورأي الصوفية، وآراء المسلمين في العصور الحالية.