قال وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد إن رؤية 2035 تعد رؤية لسمو الأمير والكويت، حيث تتكون من 3 أجزاء رئيسة، هي ربط الاقتصاد بالأمن، ومن هنا جاءت الجزر الشمالية الشرقية، لأنها منطقة حساسة وقريبة من منطقتين حضاريتين مميزتين بالعالم، وهما حضارة بلاد ما بين النهرين، والفارسية، وأيضا شط العرب الذي يَصْب في طرف الجزر.

وأضاف وزير الديوان، خلال لقاء مفتوح نظمته جمعية الصحافيين للحديث حول رؤية 2035 والجزر ومدينة الحرير، أمس الأول، أن هذا المشروع سيكون له أهمية خاصة بفتح الأفق الاقتصادية مع جيراننا العراق وإيران، لاسيما أنهما في حاجة إلى تنميتها، وهذه الجزر ستوفر من المراكز المالية الدولية ما يسهل التعامل التجاري والاقتصادي مع كلتا الدولتين".

Ad

القطاع الخاص

وأشار إلى أن هذا المشروع الكبير سيقوم على القطاع الخاص والمستثمرين فقط، مؤكدا أن "آخر ما نريده هو أن الدولة هي التي تستثمر، وذلك لأسباب مهمة"، لافتا الى أن التشريعات والقوانين ستكون مشجعة تماما للأجانب والمواطنين للاستثمار في المنطقة.

وقال: "إننا لا نريد أن يستثمر الأجنبي فقط، بل نحرص على خلق الجو المريح للاستثمار والسكن ايضا، لأنه في السكن جزء من الحماية للدولة، وبوجود الآلاف من مواطني الدول الغربية والولايات المتحدة والدول الآسيوية يعطي هذا بعدا أمنيا كبيرا بالتزامن مع العملية الاقتصادية والتي هي غير بترولية تماما، وهي منطقة تجارية معتمدة على الإنسان واحتياجات المنطقة".

وذكر أن الجزء الثاني للمشروع يتمثل في إدارات الدولة كاملة، وأن تأخذ تلك الإدارات الشكل الذي يتناسب مع رؤية 2035. في حين أن الجزء الثالث هو إعادة الأنشطة العامة للدولة.

وحول مخرجات التعليم في الكويت وما إذا كانت تتناسب مع رؤية 2035، قال ناصر الصباح: "لقد اجتمعنا أمس مع وزير التربية د. محمد الفارس، ومدير الجامعة د. حسين الأنصاري، وتم تقديم أول دراسة جديدة عن الكويت 2035، وسوف نسمع ردودهم بشكل عام على الدراسة".

وأكد أن الجزء الأول أصبح شبه مكتمل، وتم أخذ كل التحديات مثل البيروقراطية والتعليم والتركيبة السكانية والأمن بأشكاله المختلفة والبيئة بعين الاعتبار.

وأضاف أن إحدى التوصيات التي ذهبت الى مجلس الوزراء هي إعادة التجنيد مرة أخرى، لافتا الى أن الهدف من إعادة التجنيد ليس حمل السلاح والدفاع وقت الطلب، ولكن دفاع المرء عن نفسه أولا ضد أمراض السمنة والسكر والاكتئاب، وهي من سمات الجنسية الكويتية والدولة جاهزة أن تحضر الدواء، ولكن نحن لا نريد إحضار الدواء، ولكن نريد القضاء على المرض أولا، ولذلك جاء الطلب بأن يكون التجنيد للجنسين حتى يكون لدينا جيل من الأصحاء، وهذه إحدى رؤى الكويت 2035.

إدارة «الجزر»

وأشار إلى أن من ستتولى إدارة هذه الرؤية الجديدة في الجزر، بعد إجراء الدراسة الأولية، هي إدارة سوف تتشكل عن طريق مجلس للأمناء، بعد أن يعلن مجلس الوزراء تشكيل الهيئة والمجلس المختص.

وأوضح أن مجلس الأمناء، هو الذي سيحكم هذه المنطقة، 75 في المئة منهم غير كويتيين من الشخصيات الدولية، التي خدمت في الأمم المتحدة والوكالات التنموية والبنوك الرئيسية أو في مؤسسات التأمين الاجتماعية أو الشركات، أو الدول التي لديها المشاريع نفسها ونجحت فيها، وشخصيات معروفة من العالم من أجل أن نقنع العالم بأن هذه المنطقة ليست عادية، ولها حاكمية من أعضاء لهم خلفية في النجاح.

وتابع: إنها رؤية الأمير الشخصية، والتي تطورت بأفكاره، مضيفاً أن الكويت كانت تحمل "ثقافة ميناء"، وهذه المنطقة كانت الكويت الحقيقية كلها قبل اكتشاف النفط "والآن جاء الوقت لنبصر بحالنا، فلا يمكن أن يكون اعتمادنا على النفط على المدى الطويل".

فك الارتباط بالنفط

وأكد الشيخ ناصر الصباح أنه لا يوجد خيار آخر إلا إتمام مثل هذه المشاريع للنهوض وفك الارتباط بالنفط، مبيناً أن القرار الصعب هو إعادة هيكلة الإدارة، بحيث تكون إدارة اقتصادية "رشيدة" تدخل إلى المال العام ولا تستهلك كل دخلها.

وأشار إلى أنه "بعد أربع سنوات لن يكون لدينا دخل بترولي إلا مصروف الموظفين، والشعب الكويتي قوي إذا أعطي الفرصة فإنه يستطيع العمل والإنجاز، وهذه البداية لخلق الفرص وإثبات وجوده".

وبسؤاله عن التشريعات المطلوبة للبدء برؤية 2035 لفت الشيخ ناصر الصباح إلى أن التشريعات لم يتم البدء بها حتى الآن، مضيفاً أنهم بدأوا بدراسات ما يحتاجه المستثمر والساكن.

وأكد أنه تم بحث القوانين في المناطق المشابهة بدول أخرى مثل جبل طارق وليختنشتاين وسنغافورة هونغ كونغ، مبيناً أنه تم البحث والتركيز على موضوع السيادة من جهة قانونية.

وأوضح أنه لا غبار على قضية السيادة والالتزام بها دولياً، ولهذا فإن الجيش والشرطة والحرس الوطني هم جزء من الحماية الخارجية، لكن حتى نوع الشرطة الداخلية سيختلف، لذلك سيكون مجلس الأمناء الذي يضم 75 في المئة من الشخصيات الدولية و25 في المئة من الشخصيات الكويتية، التي أثبتت مقدرتها الإدارية، وذلك من أجل بناء معرفة جديدة وأيضاً تجهيز كادر وفريق من المواطنين القياديين.

عدنان البحر: رؤية 2035 ستوجد «سويسرا شمال الخليج»

قال عضو المجلس الأعلى للتخطيط عدنان البحر إن الهدف من انشاء منطقة حرة في شمال الخليج ليس من اجل منافسة سويسرا، بل إنشاء منطقة تكون مناسبة لبيئة الاعمال لمن يوجد في المنطقة، بحيث نوفر له مكانا وبيئة افضل من البر الرئيسي للدول المحيطة.

وأضاف البحر في مداخلته: إننا لا ننظر في الوقت الحالي الى ذلك المشروع على أنه يشكل عامل منافسة للمناطق الحرة في منطقة الخليج، بل نتطلع الى انه على المدى البعيد ان تنمو المنطقة تدريجيا، بحيث يمكنها المنافسة وأن تصبح سويسرا شمال الخليج.

وأكد أن الفكرة هي انشاء منطقة حرة مشابهة باستقلال هونغ كونغ عن الصين، حيث تكون مستقلة اداريا وتشريعيا "بمعنى ان العمل في الجزر لا يتطلب العودة بعد التشريع الاول الى مشرعي ومراقبي البر العام، بمعنى اوضح هو خلق منطقة تحت السيادة الكويتية لكن مستقلة في إدارة شؤونها".

وأضاف أن إنشاء هذا المشروع يعد بيئة مناسبة لاستثمار رؤس الأموال الايرانية من شركات ومتنفذين، كما هو حاصل في دبي، حيث يحرص الجميع على استقرار دبي وأمانها.

وتابع "لا يمكن أن يتم تقديم الشرائع والقوانين الآن ما لم تكتمل الصورة كاملة، وأعتقد أنها تحتاج إلى ستة أشهر لمناقشتها، وما قدم لنا من شرائع حالياً لا يفي إلا 4 من 10 ولا تكفي للمستثمرين الذين سيسكنون، لذا أعتقد أن الصورة في الأشهر الستة المقبلة ستكون كاملة وواضحة حتى إذا تقدمت إلى الحكومة فستستطيع العمل مع مجلس الأمة، أو يكون الخيار لصاحب السمو مع تجبير الموضوع للمجتمع بحيث يستمع إلى رأي الشعب، وهناك خيارات مختلفة ومتاحة لكن من الضروري أن يكون للتشريع قيمة أكبر أن يتعاون ويتفهم وضع الكويت وحاجتها في هذا النوع من المشاريع".

وقال الشيخ ناصر، إنه لا يمكن أن نحصل على قيمة أمنية من دون وجود مقيمين في الجزر من مواطني دول تعتني بهم دولهم أكثر من الدول الأخرى، مثل الدول المتقدمة، وهذا بحد ذاته سيشكل لنا قيمة أمنية لا يمكن أن يستهان بها، وتكون بالتالي مقرونة باقتصادات غير البترولية.

فهم الرفاه

وتابع وزير الديوان الأميري أن الكويت تحتاج إلى نفض التراكمية الخاطئة التي جاءت طوال 50 سنة بحسن نية، من خلال إعطاء المواطن بقدر ما يمكن، ولكن مع الأسف أسأنا فهم الخير وفهم الرفاه، حيث أصبح هذا الرفاه يسبب السكر والضغط والاكتئاب والفساد أيضاً.

وذكر أن "هناك وفدا صينيا كبيرا متخصصا في التخطيط سيزور الكويت 10 يوليو المقبل لتجهيز ما نحتاج إليه من الصين وما تحتاج إليه الصين منا"، لافتا الى ان "الصين مستعدة ان تأخذ الميناء بالكامل عن طريق ثلاثة خيارات؛ ان تكون شريكا او بالتمليك او المقاول، ولهذا كل شيء متاح، ونحن نسير ولكن بحذر، والأصعب من هذا هو الادارة".

وأكد الشيخ ناصر أن هناك تفاهما مع العراق بشأن ميناءي مبارك والفاو "لأنهما متزاملان وهدفنا دائما أن يكونا متعاونين لا متنافسين، إلا ان الموضوع اخذ ابعادا مختلفة".

وأشار الى لقائه بالسفير الإيراني د. علي عنايتي وتساؤله: أين ايران من هذا المشروع القومي الوطني؟، وقوله للوزير: ان إيران جزء منكم ونريد التعاون معكم.

وأضاف أن السفير طلب مخاطبة الحكومة الإيرانية رسميا "ولعله يتم اعادة ما يتم بحثه من 15 سنة، وهم أبدوا استعدادهم، والآن من المفترض ان يكون هناك اتصال بين الحكومتين بخصوص هذا الموضوع".

وقال ان "20 في المئة من بوبيان منطقة بيئية مخصصة للطيور المهاجرة ومسجلة دوليا، ولكن المنطقة التي خارج الجزيرة ستكون المرشحة للمطار الدولي الذي يخدم جنوب العراق وإيران والكويت ومنها أيضا ستكون سفن النقل بشكل يومي".

وشهد اللقاء المفتوح عرضا وثائقيا مصورا لمشروع استغلال الجزر ومدينة الحرير، حيث تناول فكرته من بنى تحتية وأخرى علوية، فضلا عن أهدافه واستراتيجيته.

وشارك في هذه اللقاء نخبة من المسؤولين والقياديين في مختلف قطاعات وزارات وجهات ومؤسسات الدولة، إضافة إلى عدد من الإعلاميين والمهتمين بالشأن العام.

وكانت الحكومة أطلقت بحضور رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك، أواخر يناير 2017 خطتها التنموية ورؤيتها المستقبلة (كويت جديدة 2035) مستندة إلى خمسة أهداف استراتيجية وسبع ركائز تتحقق من خلال 164 مشروعا تنمويا، منها 30 مشروعا استراتيجيا.

وتتمثل هذه الركائز في إدارة حكومية فاعلة واقتصاد مستدام وبنية تحتية متطورة وبنية معيشية مستدامة ورعاية صحية عالية الجودة ورأسمال بشري إبداعي ومكانة عالمية متميزة.

استراتيجية وثلاثة محاور رئيسية

قال عضو لجنة السياسات العامة والتنمية الإدارية بالمجلس الأعلى للتخطيط، عبداللطيف المشاري، إن مشروع استغلال الجزر يهدف إلى إنشاء بيئة اقتصادية اجتماعية بيئية مختلفة.

وأوضح المشاري في مداخلة له خلال اللقاء المفتوح، أن هذا المشروع بدأ فعليا، إثر صدور مرسوم بإنشاء جهاز مدينة تطوير مدينة الحرير وجزيرة بوبيان، الذي يشرف حاليا على استراتيجية المنطقة الشمالية وإنشاء ميناء مبارك، الذي سيتم الانتهاء من أولى مراحله في عام 2020.

وبيَّن أن هذه الاستراتيجية ترتكز على ثلاثة محاور رئيسة، هي: حوكمة هذه المنطقة، واقتصاداتها وتمويلها، إضافة إلى البُعد السياسي لها.