تُعتبر المسألة الثانية في كتاب "مسائل في فقه الجهاد" - أحد المرجعيات الدينية للتنظيمات المتطرفة - التي تحمل اسم "لا عصمة إلا بإيمان أو أمان" سبباً رئيساً في استهداف تنظيم "داعش" الإرهابي غير المسلمين وخاصة المسيحيين، إذ ارتكب التنظيم جملة من الجرائم ضد تلك الشريحة منذ إعلان خلافته المزعومة في العراق، إما بالقتل أو نسف أماكن عبادتهم أو تهجيرهم بحجة أنه لا عصمة لكافر ولا أمان إلا للمسلم.وتزعم المسألة أن من هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه "من لم يأمنه المسلمون من أهل الكفر على اختلاف مللهم، وأجناسهم، وديارهم، بعهد من ذمة أو هدنة أو أمان: فلا عصمة له ولا أمان"، وقال عبدالله المهاجر مؤلف الكتاب إن الآية "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَة وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ " (الأنفال: 39) أمر القتال فيها مطلق، ولا يشترط فيه أن يبدأ الكفار بقتال المسلمين، وأن الفتنة هنا هي الشرك وما تبعه من أذى المسلمين.
واللافت أن المسألة التي يعرضها الكتاب على الرغم من أنها بدأت بالقول إنه لا عصمة ولا أمان لغير المسلم إلا بعهد من ذمة أو هدنة إلا أنه ازداد تطرفاً مع قرب اختتام عرض المسألة بالقول إن الأصل هو أنه لا عصمة لغير المسلم، وبالتالي فإن دماء غير المسلمين مهدورة من وجهة نظرهم حتى مع وجود اتفاق على هدنة أو نحو ذلك.المسألة الداعشية لم تذكر نهائياً الآية في سورة الممتحنة "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (آية: 8)، وفي تلك الآية تأصيل قرآني لكيفية التعامل مع غير المسلم، وهي الإبرار بهم والعدل معهم.ومن هدى النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه بايع اليهود وتبادل معهم المنافع وعاملهم بعد غزوة "خيبر" أن يزرعوا أرضها بشطر ما يخرج منها، كما أكل النبي من ذراع شاة قدمتها له ولأصحابه يهودية، كما قبل الهدية من عظيم الروم بعد غزوة "تبوك"، وكان يختلط بغير المسلمين ويناقشهم ويدعوهم إلى الإسلام ولم يرد عنه أنه نقض اتفاقاً مع غير المسلمين أو أخل بعهده معهم.
توابل - دين ودنيا
«لا عصمة إلا لمسلم» مبرر خاطئ لاستهداف المسيحيين
14-06-2017