دبت الحياة مجدداً في فكرة مدينة الحرير والاستفادة من الجزر الكويتية من خلال تطويرها لتكون روافد جديدة للاستثمار غير النفطي، وهو موضوع قديم يتجدد بين الفترة والأخرى دون أن يكون هناك عمل فعلي على أرض الواقع.ومن دون الخوض في تفاصيل ما يتردد اليوم على لسان الحكومة والمسؤولين في الدولة، فالجمل المعلبة والثابتة معروفة منذ عشرات السنين، منها على سبيل المثال: سنعمل على ربط الشرق بالغرب، وفد من دولة عظمى سيزور الكويت قريبا لوضع الاستراتيجيات، سنوفر فرص عمل هائلة، ستنقسم مراحل التطوير إلى مراحل أساسية مكونة من ألف باء جيم، سيكون للمستثمر الأجنبي دور محوري. وغيرها من العبارات المعلبة التي قيلت مسبقا وستتجدد بين الفترة والأخرى، بل تكون مصحوبة أحيانا بتصور مرئي لها كما حدث قبل عام أو عامين عندما اجتمع المجلس الأعلى للتخطيط مع سمو الأمير وبث اللقاء عبر شاشات التلفزيون.
أما على أرض الواقع فنسبة إنجاز ما يقال هي 0%، ولم يعد لتلك العبارات والتصاريح أي معنى، بل لم تعد مجدية أيضا في بث ولو قليل من التفاؤل في نفوس حتى أشد المتفائلين، فالناس لم تعد تقتنع بالأوهام، وهي ترى من حولها التقدم يتحقق على أرض الواقع في الدول المحيطة مع كل زيارة يقومون بها لتلك الدول، فبعد خمس سنوات بالضبط ستستضيف قطر أكبر بطولة كروية على مستوى العالم، وقد شرعت في افتتاح الملاعب المخصصة لتلك البطولة والمكيفة بالكامل، وأصبحت دبي وجهة سياحية عالمية تتحدى حركة المطار فيها أكبر المطارات العالمية، بل تتفوق على تلك المطارات، ونحن لا نملك سوى أسطوانة مدينة الحرير وتطوير الجزر التي أذكر أنني كتبت عنها بتفاؤل في مناسبة سابقة تحديدا في عام 2007 عندما كنت أصدق ما يقال.أما واقعيا فلا يوجد أبلغ مما يحدث مع جسر جابر الأحمد الذي يربط الكويت بمدينة الصبية، والذي يفترض الانتهاء من تشييده مع نهاية العام المقبل، دون أن يتم تشييد أي شيء هناك إلى الآن، بمعنى أنه عند افتتاح الجسر سيتمكن الناس من العبور لمدينة الصبية في 20 دقيقة ليشاهدوا صحراء خالية ويعودوا أدراجهم!!ولا أبلغ كذلك من مشاهدة مبنى يسمى مستشفى جابر دون أن تتمكن وزارة الصحة من افتتاحه رغم انتهاء العمل به منذ سنوات.ما الخطوات الفعلية لمدينة الحرير؟ ومتى سيتم تطوير الجزر؟ وما التسهيلات المشجعة للمستثمر الأجنبي؟ ومتى سيتم افتتاح ميناء مبارك؟ لا أحد يعلم، فقط علينا الاكتفاء بتحديد سنة بعيدة جدا كسنة 2035 مثلا، وبيع الأوهام على الناس دون عمل فعلي.إن كانت الدولة جادة فعلا فعليها تحديد خطة عمل بجدول زمني واضح، يتم تنفيذ تلك الأحلام الوردية من خلالها، وإطلاع الناس على الخطوات التي تمت من خلال تلك الخطة بدلا من هذه الوعود الفارغة التي لم تعد تجدي حتى في تقديم التفاؤل للناس.أتمنى مخلصا أن أكون قد بالغت في تشاؤمي، وأن يكون هناك حراك فعلي في سبيل الاستفادة الفعلية من ثروات الدولة الجغرافية، والأيام كفيلة بإثبات من المخطئ.
مقالات
رؤية 2035
14-06-2017