لما كانت الليلة الثامنة والثمانون بعد الثلاثمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك عاصماً قال للوزير: إن بكائي ليس على المال، ولكني صرت شيخاً كبيراً، عمري نحو 180 سنة وما رزقت ذكراً ولا أنثى، فإذا مِتُّ ينقطع اسمي ويأخذ الغُرباء ملكي، ولا يذكرني أحد أبداً. فقال الوزير: يا ملك الزمان، أنا أكبر منك بمئة سنة، وما رزقت بولد قط، ولم أزل ليلاً ونهاراً في همٍ وغمِّ، والرأي عندي أن نتوجه إلى نبي الله سليمان بن داود عليه السلام، فإن له رباً عظيماً قادراً على كل شيء، ولعله يسأله أن يرزق كل واحد منا بولد. فقال له الملك: تجهَّز للسفر وخُذ معك هدية فاخرة وتوجّه بها إلى سليمان، للقيام بهذه المهمة.وفي هذا الوقت، أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه سليمان بأن ملك مصر أرسل إليه وزيره الكبير بالهدايا والتحف، فأرسل سليمان وزيره آصف بن برخيا لاستقباله بالإكرام والزاد في مواضع الإقامات، وما وصل فارس بن صارح، وزير الملك عاصم، إلى مدينة فارس، حتى وجد آصف بن برخيا في استقباله، حيث سلَّم عليه وأكرمه هو ومن معه، وصار يقدم إليهم الزاد والعلوفات في مواضع الإقامات، ثم قال لهم: أهلاً وسهلاً ومرحباً بالضيوف القادمين، أبشروا بقضاء حاجتكم، وطيبوا نفساً وقروا عيناً وانشرحوا صدراً. تعجب الوزير المصري وقال لآصف بن برخيا: من أخبركم بنا وبأغراضنا يا سيدي؟
أجاب آصف: سليمان بن داود أخبرنا بهذا. فقال له الوزير فارس: من أين علم به؟ فردّ: أخبره به رب السموات والأرض والخلق أجمعين. فتابع الوزير فارس: ما هذا إلا إله عظيم. فسأله آصف بن برخية: هل أنتم تعبدونه؟ فأجاب: بل نحن نعبد الشمس ونسجد لها. فقال آصف: الشمس كوكب من جُملة الكواكب المخلوقة لله سبحانه وتعالى، وحاشا أن تكون رباً، لأن الشمس تظهر أحياناً وتغيب أحياناً، وربنا حاضر لا يغيب، وهو على كل شيء قدير. ثم سافروا حتى وصلوا إلى قرب ملك سليمان بن داود عليه السلام، فأمر جنوده من الإنس والجن ووحوش البر والبحر، أن يصطفوا في طريقهم، ففعلوا ما أمرهم به، بعدما انحاز كل جنس إلى جنسه، وظهر الجان للعيون من غير خفاء، على صورة هائلة مخيفة، بينما حلقت الطيور ونشرت أجنحتها لتظللهم وهي تتناغى بالألحان، ولما رآهم أهل مصر، هابوهم ولم يجسروا على المشي، فقال لهم آصف: ادخلوا بينهم وامشوا ولا تخافوا منهم، فإنهم رعايا سليمان بن داود، وما يضرَّكم منهم أحد. ثم دخل بينهم فدخلوا خلفه أجمعين ومن جملتهم جماعة وزير ملك مصر. ولم يزالوا سائرين حتى وصلوا إلى المدينة، فأنزلوهم في دار الضيافة، وأكرموهم غاية الإكرام مدة ثلاثة أيام، ثم أحضروهم بين يدي سليمان، فلما دخلوا عليه أرادوا أن يقبلوا الأرض بين يديه، فمنعهم من ذلك قائلاً: لا ينبغي أن يسجد إنسان إلا لله عز وجل، خالق الأرض والسموات وغيرهما. امتثلوا وجلسوا، ثم مدوا لهم الأسمطة فأكلوا حتى اكتفوا.
قتل الثعبانين
لما كانت الليلة التاسعة والثمانون بعد الثلاثمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن نبي الله سليمان بن داود عليه السلام، قال لوزير مصر: لا تخف شيئاً مما جئت بسببه، فأنت ما جئت إلا لقضاء كذا وكذا، وإن ملك مصر الذي أرسلك اسمه عاصم، وقد صار شيخاً كبيراً ضعيفاً، ولم يرزقه الله تعالى ولداً ذكراً ولا أنثى، فصار في الهم والغم والفكر ليلاً ونهاراً. ثم أخبر الوزير فارس بما حصل بينه وبين ملك مصر من أوَّله إلى آخره، وقال له: هل هذا الذي قلته لك صحيح؟ فقال الوزير فارس: يا نبي الله إن ما قلته حق وصدق، فمن أخبرك بهذه الأمور كلها؟ أجابه: أخبرني ربي الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فحينئذ قال الوزير فارس: يا نبي الله ما هذا إلا إله كريم عظيم على كل شيء قدير. ثم أسلم هو ومن معه، وقبل سليمان ما حملوه إليه من التحف والهدايا، ثم وهبها لهم، وأمر بإنزالهم في ضيافته حتى يزول عنهم تعب السفر، وفي اليوم التالي يقضي حاجتهم على أتم ما يكون.لما دخل الوزير على سليمان في اليوم التالي قال الأخير: إذا وصلت إلى الملك عاصم بن صفوان واجتمعت أنت وإياه، فاطلعا فوق الشجرة الفلانية واقعدا ساكتين، فإذا كان بين الصلاتين وقد برد حر القيلولة، فانزلا إلى أسفل الشجرة وانظرا هناك تجدا ثعبانيْن يخرجان، رأس أحدهما كرأس القرد، ورأس الآخر كرأس العفريت، فإذا رأيتماهما فارمياهما بالنشاب واقتلاهما، ثم ارميا قدر شبر من جهة رأسيهما، ومن جهة ذيليهما كذلك، أما لحومهما فاطبخاها وأتقنا طبخها وأطعما زوجتيكما منها، فإنهما تحملان منكما في تلك الليلة بإذن الله تعالى .ثم إن سليمان عليه السلام أحضر خاتماً وسيفاً وصرَّة فيها قباءان مُكللان بالجواهر، وقال للوزير فارس: إذا كبر ولداكما وبلغا مبلغ الرجال فأعطيا كل واحد منهما قباء من هذين القباءين. وأذن له في السفر على بركة الله تعالى لأن الملك ينتظر قدومه ليلاً ونهاراً وعيناه دائماً تلاحظان الطريق. قام الوزير فارس وقبل يدي سليمان، ثم ودَّعه وخرج من عنده، وسافر بقية يومه وهو فرح بقضاء حاجته، وجدَّ في السفر ليلاً ونهاراً، ولم يزل مسافراً حتى وصل قرب مصر، فأرسل بعض خدامه ليعلمَ الملك عاصماً بعودته. لما سمع الملك عاصم بقدومه وقضاء حاجته فرح فرحاً شديداً هو وخاصته وأرباب مملكته وجميع جنوده، وخرجوا لاستقباله، فترجَّل الوزير وقبَّل الأرض بين يدي الملك، وبشره بقضاء حاجته على أتم وجه، وعرض عليه الإسلام فأسلم. وبعد ذلك قال الملك للوزير فارس: استرح هذه الليلة ثم ادخل الحمام وتعال عندي. فقبل الوزير الأرض بين يديه، وانصرف هو وحاشيته وغلمانه وخدمه إلى داره، واستراح ليلته، فلما أصبح توجّه إلى الملك وحدثه بجميع ما كان بينه وبين سليمان بن داود عليه السلام، ثم قاما وأخذا قوسين ونشابين، وطلعا فوق الشجرة وبقيا فوقها ساكنين إلى قرب العصر.ثم نزلا ونظرا فشاهدا ثعبانين خرجا من أسفل تلك الشجرة، وهما مطوقان بالذهب، فقال الملك: هذا أمر عجيب، ليتنا نمسكهما ونجعلهما في قفص لنتفرَّج عليهما، فقال الوزير: هذان خلقهما الله لمنفعتنا، فارم أنت واحداً بنشابة، وأرمي أنا الآخر بنشابة. وبعدما قتلا الثعبانين قطعا من جهة رأسيهما شبراً ومن جهة ذنبيهما شبراً، ثم ذهبا بالباقي إلى بيت الملك وطلبا الطباخ وأعطياه لحم الثعبانين وقالا له: اطبخ هذا اللحم طبخاً جيداً بالأبازير.ميدان الفيل
لما كانت الليلة التسعون بعد الثلاثمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن طباخ الملك أخذ اللحم وذهب به إلى المطبخ، فأتقن طبخه ثم غرفه في صحنين وأحضرهما بين يدي الملك والوزير، فأخذ الملك صحناً والوزير صحناً، وأطعماهما لزوجتيهما، وباتا تلك الليلة عندهما فحملت كل منهما بقدرة الله ومشيئته، ومكث الملك بعد ذلك ثلاثة أشهر وهو مشتت الخاطر يسأل نفسه: يا ترى هذا الأمر صحيح أم غير صحيح؟ وفيما كانت زوجة الملك جالسة يوماً من الأيام شعرت بتحرك الجنين في بطنها، فعلمت أنها حامل، وطلبت واحداً من الخدم الذين عندها وهو أكبرهم وقالت له: اذهب إلى الملك في أي موضع يكون وقل له: يا ملك الزمان أبشرك بأن سيدتنا ظهر حملها والولد تحرك في بطنها. خرج الخادم مسرعاً وهو فرح، ووجد الملك جالساً وحده ويده على خده، فأقبل عليه، وقبل الأرض بين يديه، وأخبره بحمل زوجته. لما سمع الملك كلام الخادم نهض من شدة فرحه، فقبل يد الخادم ورأسه، وخلع ما كان عليه وأعطاه إياه، وقال لمن كان حاضراً في مجلسه: من كان يحبني فلينعم عليه، فأعطوه من الأموال والجواهر والخيل والبغال والبساتين شيئاً لا يُعد ولا يُحصى. أما الوزير فدخل في ذلك الوقت على الملك، وقال له: يا ملك الزمان، كنت قاعداً في البيت وحدي مشغول الخاطر وأقول لنفسي: يا ترى هل تحمل زوجتي خاتون أم لا؟ وإذا بالخادم دخل عليَّ وبشرني بأن الولد تحرك في بطنها، فمن فرحتي خلعت جميع ما كان عليَّ من القماش وأعطيت الخادم إياه، وأعطيته ألف دينار وجعلته كبير الخدام. ثم إن الملك عاصماً قال للوزير: إن الله تبارك وتعالى أنعم علينا بفضله وإحسانه، وجوده وامتنانه، وقد أخرجنا من الظلمات إلى النور، وأريد أن أرفه عن الناس وأفرجهم. فقال الوزير: افعل ما تريد. فأمر الملك بإخراج كل من في الحبس من أصحاب الجرائم ومن عليهم ديون، ورفع عن الناس الخراج ثلاث سنوات، ونصَّب في دائر المدينة مطبخاً حول الحيطان، وأمر الطباخين أن يعلقوا عليه القدور ليطبخوا سائر أنواع الطعام في الليل والنهار، ليأكل من في المدينة وما حولها من البلاد البعيدة والقريبة ويشربوا ويحملوا الطعام إلى بيوتهم. كذلك أمر بتزيين المدينة سبعة أيام، وألا تغلق حوانيتها ليلاً ونهاراً...وبقي الناس في أكل وشرب ولعب وانشراح، إلى أن انتهت أيام الحَمل، فوضعت زوجة الملك ولداً ذكراً كالقمر ليلة تمامه، فسماه سيف الملوك، ووضعت زوجة الوزير ولداً كالمصباح فسماه ساعداً، وفرح كل منهما بذلك أشد الفرح.كبر الغلامان حتى صار عمر كل منهما 20 سنة، فدعا الملك وزيره فارساً وقال له: خطر في بالي أمر أريد أن أستشيرك فيه، ذلك أني صرت شيخاً هرماً طاعناً في السن، وأريد أن أقعد في زاوية لأعبد الله تعالى وأعطي ملكي وسلطنتي لولدي «سيف الملوك»، بعدما صار شاباً مليحاً كامل الفروسية والعقل والأدب والحشمة، فماذا تقول أيها الوزير في هذا الرأي؟ أجاب الوزير: نعم الرأي الذي رأيته وهو رأي مبارك سعيد، وإذا فعلت أنت هذا فأنا أجعل ولدي وزيراً له، وهو شاب مليح ذو معرفة ورأي وبصيرة. وافق الملك وقال لوزيره: اكتب إلى جميع الأقاليم والبلاد والحصون والقلاع التي تحت أيدينا، واطلب من أكابرها الحضور للاجتماع في ميدان الفيل.خرج الوزير فارس من وقته وساعته وكتب إلى العمال وأصحاب القلاع أن يحضروا جميعهم، وأمر الفراشين أن يضربوا القباب في وسط الميدان، وأن يزينوها بأفخر الزينة، وينصبوا التخت الكبير الذي يجلس عليه الملك في الأعياد. فعلوا جميع ما أمرهم به، وفي اليوم المحدد للاجتماع، أمر الملك بأن يخرج النواب والحجاب والأمراء والوزراء وأصحاب الأقاليم والضياع إلى ذلك الميدان، فلما استقروا كلهم في مراتبهم، أمر بأن يمد السماط لهم، فأكلوا وشربوا ودعوا له.سيف الملوك
ثم أمر الحجاب أن ينادوا في الناس ألا ينصرف أحد حتى يسمع كلام الملك وقال لهم: أيها الأمراء والوزراء وأرباب الدولة، كبيركم وصغيركم، أنتم تعلمون أن هذه المملكة وراثة لي من آبائي وأجدادي، وكنا نعبد الشمس والقمر، ثم رزقنا الله الإيمان وأنقذنا من الظلمة إلى النور، وهدانا سبحانه وتعالى إلى دين الإسلام، فاعلموا أني الآن صرت شيخاً هرماً عاجزاً، وأريد أن أجلس في زاوية أعبد الله فيها وأستغفره من الذنوب الماضية، وهذا ولدي «سيف الملوك» كلكم تعرفون أنه شاب مليح فصيح، خبير بالأمور، عاقل فاضل عادل، فأريد في هذه الساعة أن أعطيه مملكتي، وأجعله ملكاً عليكم بدلاً مني، ليحكم بينكم بالعدل.قاموا كلهم وقبلوا الأرض بين يديه، وأجابوا بالسمع والطاعة قائلين: يا ملكنا وحامينا لو أقمت علينا عبداً من عبيدك لأطعناه وامتثلنا لأمرك، فكيف بولدك «سيف الملوك»؟ ثم قام الملك عاصم بن صفوان ونزل عن سريره، وأجلس ولده على التخت الكبير، ووضع التاج على رأسه، وشدّ وسطه بمَنطقة الملك، ثم جلس على كرسي إلى جانبه، فقام الأمراء والوزراء وأكابر الدولة وجميع الناس وقبلوا الأرض بين يدي سيف الملوك، ودعوا له بالنصر والإقبال، ونثر هو الذهب والفضة على رؤوس الحاضرين أجمعين.لما كانت الليلة الحادية والتسعون بعد الثلاثمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، أن سيف الملوك بعدما نثر الذهب والفضة على رؤوس الحاضرين، ووزع عليهم الخلع والعطايا، ثم وقف الوزير فارس وقال لهم: أنتم تعرفون أني أقوم بالوزارة من قبل أن يتولى الملك عاصم عليكم، وما دام خلع نفسه وولى ولده سيف الملوك بدلاً منه، فأنا الآن أخلع نفسي من الوزارة، ليحلّ محلي فيها ولدي ساعد، وهو عاقل فطن خبير. فقالوا: لا يصلح وزيراً للملك سيف الملوك إلا ساعد.عند ذلك قام الوزير فارس، وخلع عمامة الوزارة، ووضعها فوق رأس ولده ساعد، كما وضع دواة الوزارة قدامه، ثم قام الملك عاصم والوزير فارس وفتحا الخزائن وخلعا الخلع السنية على الأمراء وأكابر الدولة والناس أجمعين، وكتبا المراسيم بعلامة سيف الملوك وعلامة الوزير ساعد، واستمرت الأفراح في المدينة أسبوعاً، ثم سافر حكام الأقاليم إلى بلادهم، وأخذ الملك عاصم ولده سيف الملوك، وساعداً وزيره إلى القصر، وسار معهم الوزير فارس، وهناك أحضر الخازندار الخاتم والسيف والصرة.الصرة
أخذ سيف الملوك الخاتم والصرة، وأخذ ساعد السيف، ثم قبلا يد الملك عاصم، وذهبا إلى قصرهما حيث وضع سيف الملوك الصرة من غير أن يفتحها فوق التخت الذي ينام عليه في الليل هو وساعد وزيره وكان من عادتهما أن يناما معاً والشموع مضاءة حولهما، وبعد أن ناما حتى منتصف الليل، انتبه سيف الملوك من نومه، ورأى الصرة عند رأسه فقال لنفسه: يا ترى أي شيء في هذه الصرة؟ ثم أخذها ونزل من فوق التخت، وترك ساعداً نائماً...ودخل غرفة هناك ومعه شمعة فلما فتح الصرة وجد فيها قباءين من صنع الجان، فلبس أحدهما، وقرر ترك الآخر لوزيره ساعد، وفيما هو يتأمل في قبائه، رأى عليه صورة منقوشة بالذهب لفتاة جمالها عجيب، فلما رأى هذه الصورة طار عقله من رأسه، وصار مجنوناً يعشق تلك الصورة، يبكي وينتحب ويلطم وجهه وصدره، ويقبلها، ثم أنشد هذين البيتين: الحب أول ما يكون مجانةتأتي به وتسوقُه الأقـدارحتى إذا خاض الفتى لُجج الهوىجاءت أمور لا تُطاق كبار ولم يزل سيف الملوك يبكي وينتحب ويلطم على وجهه وصدره، حتى انتبه الوزير ساعد ولم يجد إلى جانبه سيف الملوك، فقال لنفسه: أين ذهب يا ترى؟ ثم أخذ شمعة ودار في القصر يبحث عنه، حتى وصل إلى تلك الخزانة، فرآه يبكي بكاء شديداً وينتحب، فقال له: يا أخي لأي سبب هذا البكاء؟ فلم يجبه سيف الملوك واستمر يبكي وينتحب ويدق صدره، فلما وجده ساعد على هذه الحالة قال له: إن لم تبين لي أمورك وتطلعني على سرك، فإني أقتل نفسي بهذا السيف. ثم وضع ذبابة السيف إلى صدره وقال لسيف الملوك: انتبه يا أخي، وقل لي أي أمر جرى لك. عند ذلك رفع سيف الملوك رأسه إلى وزيره ساعد وقال له: يا أخي أنا استحييت أن أخبرك بما جرى لي.فقال له ساعد: بالله رب الأرباب ومُعتق الرقاب ومُسبب الأسباب الواحد التواب الكريم الوهاب أن تقول لي ما الذي جرى لك، ولا تستح مني، فأنا عبدك ووزيرك ومشيرك في الأمور كلها. فقال له سيف الملوك: تعال انظر إلى هذه الصورة، فتأمل ساعد تلك الصورة، ورأى أعلاها كتابة باللؤلؤ المنظوم، قرأها فإذا هي «هذه صورة بديعة الجمال، ابنة شماخ بن شاروخ ملك ملوك الجان المؤمنين، الذين هم نازلون في مدينة بابل، وساكنون في بستان أرم بن عاد الأكبر».وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.وإلى حلقة الغد