رصد كتاب "داعش في ميزان الإسلام"، الصادر حديثاً عن دار "الندوة" في القاهرة، للدكتور علي الأزهري، تاريخ الفكر الداعشي منذ بداية الإسلام وصولاً إلى عصرنا الحديث.

وفي مقدمة الكتاب بيَّن المؤلف خطورة الغلو في الدين، على الفرد والمجتمع فقال، إن "الغلو في الدين لم يكن بعيداً عن المجتمع الإسلامي، بل ظهر في عهد الخلفاء الراشدين، ونشر أصحابه الفتنة بين الصحابة، وعملوا على تمزيق أوصال الأمة، فقتلوا الصحابي الورع عثمان بن عفان، ولم يسلم منهم باقي الصحابة وكذلك التابعون، والعجيب أنهم زعموا أنهم يمثلون الإسلام ولبسوا رداء الورع والتقوى إلى الله تعالى، وسفكوا الدماء"، معتبرين أن من عداهم ليسوا من أهل القبلة، فكان المروق دأبهم والظلم نهجهم، وخيم الجهل على عقولهم فأظلمت قلوبهم، ولم يتورعوا عن تكفير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، واعتزلوا الناس لمعتقدهم أن المجتمع كله على ضلال يستحق التكفير دونهم.

Ad

ويقول المؤلف إن هؤلاء الخوارج قد خلفوا أتباعا كثيرين، جاءوا بعدهم يحملون معاول هدم الأمة، فلم تبرح هذه الفئة الضالة حتى خرجت من رحمها جماعة "التكفير والهجرة"، وإن تباعدت السنون، لكن منهجهم واحد فينظرون إلى المجتمع نظرة ازدراء، بل ينظرون إلى المساجد على أنها مساجد ضرار.

وقد جمع المؤلف مجموعة من الأفكار لتلك الفئة الضالة قديماً وحديثاً، وناقشها مناقشة علمية، وجاءت أبرز الشبهات التي تناولها الكتاب هي فتنة التكفير، وفتنة الخروج على الحكام، وفتنة التفجير والاغتيالات، والخطف والسرقات وأسر السيدات وجعلهن سبايا لهم، وكذلك فتنة الحكم بغير ما أنزل الله، وفتنة إقامة الحدود "حد الردة"، وبيان أن المجتمعات الموجودة الآن كلها أهل ردة.

ويحث الكتاب على مجموعة من المعطيات الفكرية يجب التسلح بها لمواجهة الأفكار الداعشية، من أجل تقوية عزيمة المسلمين تجاه هذا الخطر ومنها مطالبته بضرورة العمل على قبول الآخر، ونبذ العصبية والتشدد، وضرورة النظر إلى المناهج التعليمية، خاصة في البلاد التي تنتسب إلى السلفية.

ويوضح المؤلف أيضاً أن هذا الفكر المتشدد لا يرفع عقلا ولا يخصب فكراً، بل يعمل على طمس الهوية الدينية، ونشر العنف والإرهاب بعيداً كل البعد عن الرحمة والوسطية.

ويؤكد أن الفكر الداعشي ليس وليد اليوم، فقد مر التاريخ الإسلامي بفترات طويلة موصومة بهذا الفكر الذي ينمو ويظهر على السطح كلما ضعفت الأمة، أو تعرضت للفتن والوهن، ما يتطلب منا جميعا الوقوف صفاً واحداً أمام هذا الإرهاب الأسود الذي شوه صورة الإسلام والمسلمين، وضرورة أن يتصدى العلماء لهذا الفكر المنحرف، وترك الخلاف جانباً للوصول إلى بر الأمان بشباب الأمة.