هي أسماء بنت عميس الخثعمية، وأمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن كنانة، أسلمت قبل دخول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دار الأرقم بمكة، وهاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب، وهاجرت معه إلى المدينة سنة سبع هجرية، واستشهد زوجها في غزوة مؤتة، وبعد عام زوجها النبي (صلى الله عليه وسلم) أبا بكر، وتوفي الصديق عنها بعد قرابة أربع سنوات من زواجه منها، وأوصى لما حضره الموت أن تغسله، فغسلته، وتزوجت بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد تفاخر في حضوره ابناها وقد كانا في كنفه: محمد بن أبي بكر، ومحمد بن جعفر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال علي لأمهم: اقض بينهما، قالت: ما رأيت شاباً من العرب خيراً من جعفر، ولا رأيت كهلاً خيراً من أبي بكر، فقال علي: ما تركت لنا شيئاً، ولو قلت غير الذي قلتِ لمقتك، قالت: إنّ ثلاثة أنت أخسهم لخيار.

كانت شخصية إيجابية، تتحرك حباً في الله ولدينه ولرسوله، وطلباً للعلم، وكانت ممن يسألن النبي (صلى الله عليه وسلم) في كل شأن يعن لها أو واقعة تريد حكم الدين فيها، ويروى أنها لما رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب دخلت على نساء النبي فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن؟ قيل: لا، فأتت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت: يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار، قال: ومم ذلِك؟، قالت: لأنهن لا يُذكرن بالخير كما يُذكر الرجال، فأنزل الله هذه الآية: "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" (الأحزاب: 35).

Ad

كانت أسماء معلقة بمحبة النبي وآل بيته جميعاً، فكانت موجودة إلى جانب فاطمة يوم زفافها بناء على وعد سابق قطعته على نفسها أمام أمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها عندما أدركتها الوفاة، وظلت إلى جوار فاطمة حتى توفيت، وشاركت في غسلها، بناء على وصيتها، وكانت هي أول من أشار بنعش المرأة، وهو على شكل هودج، رأت النصارى يصنعونه بالحبشة، وكانت فاطمة الزهراء قالت لأسماء: إني أستقبح ما يصنع بالنساء، يطرح على المرأة الثوب فيصفها، فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة، فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوباً، فقالت فاطمة: "ما أحسن هذا، وأجمله، إذا مت فغسليني أنت وعلي ولا يدخلنَّ أحد عليَّ".

أسند عنها الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجة، وقال ابن حزم الأندلسي في كتابه: (أسماء الصحابة وما لكل واحد منهم من العدد): لها ستون حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وعدَّها الرقم 56 في ترتيب الصحابة من حيث الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وروى عنها عدد من الصحابة والتابعين.

ظلت رضي الله عنها على مستوى المسؤولية زوجةً لآخر الخلفاء الراشدين، حتى جاء خبر مقتل ولدها محمد بن أبي بكر، فتلوّت من الحزن والألم عليه، وعكفت في مصلاها، وحبست دمعها وحزنها، وتوالت الأحداث، واستشهد زوجها الخليفة عليٌ كرم الله وجهه، فأوجعتها المصيبة، وراحت تكتم أحزانها، وتطوي آلامها إلى أن أسلمت روحها الطاهرة لبارئها عز وجل، سنة أربعين هجرية.