أبطلت محكمة الجنايات إجراءات ضبط وقبض وتفتيش رجال المباحث الجنائية لأحد منازل المتهمين الآسيوين والعثور على مواد مخدرة (حشيش) ومؤثرات عقلية، لأن الإذن الصادر من وكيل النيابة باطل لعدم تحديده اسم الضابط الذي يتعين عليه القيام بإجراءات القبض والتفتيش.وقالت المحكمة في حيثيات حكمها الصادر أمس، برئاسة المستشار أحمد الياسين وعضوية القاضيين حازم شبل وأكرم الطويل وأمين سر الجلسة عادل بادي، إن الأمر بالتفتيش- وهو في تكييفه القانوني ندب من قبل المحقق الى أحد رجال الشرطة لمباشرة أحد إجراءات التحقيق على سبيل الاستثناء من الأصل بمباشرة المحقق إجراءات التحقيق بنفسه - يصدر لرجل الشرطة الذي قام بإجراءات التحريات، على اعتبار أنه من تتوافر لديه المعلومات عن الجريمة المتحرى عنها وعن شخص مرتكبها من جهة، ولأن التفيتش - باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي - يتضمن في جوهره المساس بمستودع السر للشخص الذي يحرص على حمايته من اطلاع الغير عليه.
إجراء تحفظي
وقالت المحكمة: ولذلك فإن الأمر الصادر به يجب أن يكون لأحد رجال الشرطة على نحو ما جاء بالعبارة الواردة بالأمر محل الدعوى (يؤذن لرجال الضباط القضائي....)، وذلك بخلاف الأمر بالقبض باعتباره إجراء تحفظيا، فإنه يجوز توجيهه الى رجال الشرطة كافة دون تحديد، أو الى رجل محدد منهم لتنفيذه، عملا بالمادة 1/64 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية سالفة البيان، ولما كانت القواعد المتعلقة بتفتيش الأشخاص والمساكن والرسائل متعلقة بالنظام العام، حيث إنها تستمد تلك الطبيعة من حماية المشرع الدستوري للأشخاص والمساكن والرسائل بالمواد 31/ 38 /39 من الدستور بعدم جواز تفتيشها إلا في الأحوال التي يبينها القانون، فإن لازم ذلك أن تبسط المحكمة رقابتها من تلقاء نفسها على الإجراءات التي تم اتخاذها في سبيل إجراء تفتيش شخص معين أو مسكنه أو رسائله لما سلف بيانه من جهة ولا قواعد الإثبات في القانون الجزائي هي بدورها متعلقة بالنظام العام، إذ تتطلب الرقابة على أدلة الإثبات بحث مشروعية الإجراء التي نتج عنه دليل المحمول الى القضاء، بحيث لا يمكن قبوله إن كان متحصلا بطريق غير مشروع. ولفتت المحكمة الى أنه بالتفتيش الصادر من وكيل النيابة محل هذه الدعوى قد صدر لعموم رجال الشرطة المخالفة لنص المادة 44 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وفقا لما سلف بيانه، فإن التفتيش الذي أجراه الضابط لشخص المتهم الأول ومسكن المتهم الثاني وما أسفر عنه من ضبط المضبوطات لديهما، وأخذ عينه من بول كل منهما وتحليلها والمضبوطات تكون جميعها إجراءات باطلة، وهو ما تقضي به المحكمة.