نور الشريف... الفيلسوف العاشق (21 - 30)

أشرف خاطئة

نشر في 16-06-2017
آخر تحديث 16-06-2017 | 00:00
سيطر على نور الشريف إحساس جديد بالمسؤولية، بعدما علم أنه في طريقه إلى أن يصبح أباً، فصار أكثر التزاماً، وأكثر حباً لعمله وبيته وحياته، ينتهي من فيلم ليدخل في آخر.
ما إن أنجز تصوير {الدموع الساخنة} حتى عمل مع المخرج حسين كمال في {لا شيء يهم}، قصة إحسان عبدالقدوس، وسيناريو ممدوح الليثي وحواره. شاركه بطولته كل من زبيدة ثروت، وصلاح قابيل، وناهد يسري، وعدلي كاسب، وأشرف عبد الغفور، وتوفيق الدقن. فيما كان يصوِّر المشاهد، فوجئ بالسيناريست ممدوح الليثي يعرض عليه فكرة فيلم انتهى من كتابته بعنوان {الكرنك} مأخوذ عن رواية بالاسم نفسه للكاتب الكبير نجيب محفوظ.
* أيوا بس أنا عرفت إنكم عرضتم الدور ده على أحمد زكي.

= إيه... آه فعلاً حصل.

* طيب إيه المشكلة؟ أحمد ممثل كويس أوي.. وبصراحة أنا شايف أنه يعمل دور «إسماعيل» حلو وحكاية أنه لسه ما عملش بطولة في السينما دي. كلنا بدأنا كده... ومن حقه ياخد فرصته.

= أنا مش مختلف معاك. بس بصراحة شركة التوزيع قالت إنه ما لوش سوق... وكمان يعني الموزع قال....

* قال إيه؟

= قال إنه أسمر وشعره أكرت... ومش ممكن سعاد حسني تطلع في الفيلم تحب واحد زيه!

* أنا أسف يعني. دي قلة أدب... ده منطق تاجر مش موزع سينما يا أستاذ ممدوح.

= أنا معاك بس دا السوق... والسينما زي ماهي فن وصناعة... كمان تجارة ولازم الموزع يضمن إنه يكسب مش يخسر.

* بس ما يكونش ده السبب اللي يترفض بيه ممثل... ده إعلان حرب عليه. وممكن تقضوا على مستقبله... وبعدين أكون أنا البديل!

= ما تحسبهاش كده. أنت دلوقت نجم... وده اللي يهم الموزع وتعرف السوق كويس ما بيرحمش.

* أنا عمرى ما حسبتها كده. وما تفرقش معايا دور كبير أو صغير. أنا اللي يفرق معايا أحمد زكي. اللي لسه بيبدأ حياته الفنية... ده ممكن مستقبله كله يضيع.

= ما تكبرش الموضوع ده مجرد دور. وأحمد هيلاقي عشرات الأدوار بعد كده.

* مش هوافق إلا لما أقعد الأول مع أحمد زكي.

التقى نور الشريف أحمد زكي في بيت الكاتب والشاعر والفنان صلاح جاهين، وبدل من محاولته استرضائه ورهن قيامه ببطولة الفيلم بموافقته، راح زكي يلحّ عليه بالموافقة على البطولة، مؤكداً له أنه الأصلح للدور، رغم إحساسه بالانكسار والقهر والظلم، ليس بسبب الشريف، بل من تلك النظرة العنصرية التي تقيم الإنسان قبل الفنان على أساس اللون والشكل. غير أنه لم يشأ أن يظهر ذلك أمام زميله وراح يؤكد له ضرورة قبوله الدور.

وجهة نظر

وافق نور الشريف على القيام ببطولة فيلم «الكرنك» إلى جانب كل من سعاد حسني، وفريد شوقي، وكمال الشناوي، وشويكار، وعماد حمدي، وصلاح ذو الفقار، وتحية كاريوكا، ومحمد صبحي، وفايز حلاوة، ومن إخراج علي بدرخان. ولم يكن استبعاد أحمد زكي من الدور المشكلة الوحيدة في الفيلم، بل كانت أكبر مشكلة الموضوع نفسه، إذ يتناول حوادث، يرى مؤلف الرواية وكاتب السيناريو، أنها من مساوئ الحقبة الناصرية، غير أنهما بالغا في إظهارها. من ثم، طالب الشريف بحذف الأمور الزائدة، والإبقاء على ما يراه من أخطاء التجربة الناصرية، ما أثار استياء كثيرين من أصدقائه من المثقفين، خصوصاً الذين يشتركون معه في الفكر الناصري وكانوا يتخوفون من وجود حملة منظمة برعاية الرئيس السادات شخصياً للهجوم على مرحلة عبدالناصر، ما جعله يحتد في المناقشة مع صديق مقرّب:

* أنا ناصري أكتر من أي حد من اللي بتتكلم عنهم دول كلهم.

= مش بالكلام يا فنان.

* مؤكد مش كلام وأنت عارف كويس ومش نفاق... لأني عمري ما قلت إني ناصري وعبد الناصر عايش.

= أيوا لأن ما كنش فيه ناصرية وعبد الناصر عايش.

* ما تلفش وتدور أنت عارف قصدي إيه. أنا عمري ما بينت انحيازي للراجل وهو عايش.

= أمال ليه وافقت إنك تعمل الفيلم ده وأنت عارف إنه بيشوه فترة حكم عبد الناصر كلها؟

* مش صحيح. دي كانت من أعظم التجارب في تاريخ مصر الحديث.. ومش ممكن حد ينكر فكرة العدالة الاجتماعية والدفاع عن الفقراء، والتصنيع ومناصرة العمال والفلاحين، وعبد الناصر عمل كل ده وأكتر منه. لكن مؤكد كان في أخطاء، وأنا فنان ودوري تنويري... ومن أخطر أخطاء التجربة الحكم البوليسي اللي أنا ضده مهما كانت أسبابه.

= تقصد إن عبد الناصر عمل حكماً بوليسياً وكان يعرف باللي بيحصل وموافق عليه؟

* مستحيل. لو أنا عارف أنه يعرف باللي كان بيحصل ده... عمري ما كنت هبقى ناصرياً. مش ممكن يكون عبد الناصر يعرف الكلام ده مستحيل. عبد الناصر عمل حلماً وحاول يحقق الحلم ونجح في تحقيق جزء كبير جداً منه.. لكن مسمحولوش يكمله.

= مين دول... تقصد جوه ولا بره؟

* الاتنين.

بدأ نور الشريف بالفيلم وهو على قناعة بما يقدمه، ليس كفنان فحسب، لكن باعتباره ناصرياً يعشق عبد الناصر، وأنه الأولى بإظهار بعض الأخطاء التي شابت هذه التجربة. ذات يوم، كان من المفترض أن يُصوِّر مشهدين: الأول بينه وبين سعاد حسني وفيه يذهب «إسماعيل» و{زينب» لشراء خاتم الخطوبة، والثاني داخل البرلمان أو «مجلس الأمة». بينما هو مشغول في العمل، ويصوّر المشهد الأول فوجئ، وعلى غير العادة، بزوجته بوسي تزور مكان التصوير:

* إيه في إيه... مالك؟

= مش عارفة أقولك إيه؟

* اتكلمي فيه إيه... أنت بخير؟

= أيوا... بس... أختك عواطف...

* مالها عواطف. اتكلمي... حصل لها إيه؟

= عواطف اتصلت وقالت إن مامتك... تعيش أنت.

* أمي. أمي ماتت... لا حول ولا قوة إلا بالله.

= شد حيلك.

* أمتى ده حصل.

= من شوية.

انهار نور الشريف من البكاء، غير أنه لم يشأ أن يثير ضجة في مكان التصوير، بل انسحب بهدوء، بعدما حاول علي بدرخان أن يلغي التصوير. لكن الممثل أصرّ على استكماله، خصوصاً أنهم حصلوا بصعوبة على تصريح للتصوير داخل البرلمان، وإذا ألغي العمل سيضطرون إلى الانتظار عدة أيام أخرى للحصول على تصريح جديد.

ذهب الشريف بمفرده لحضور تشييع جثمان والدته إلى مثواها الأخير، ثم عاد فوراً لمتابعة التصوير، وبعد الانتهاء أقام في المساء سرادقات لتلقي العزاء في والدته.

نضج فني

شكّل عام 1976 علامة فارقة في حياة نور الشريف، وبوسي أيضاً، بعد النجاح الذي حقّقه من خلال فيلم «الكرنك» وحصوله على جوائز عدة، وعروض عدة راحت تنهال عليه من المخرجين، حتى أصبح يقدم فيلماً تقريباً كل شهر، وفي الاتجاهات السينمائية كافة.

عاشت بوسي فرحة النجاح بزوجها، باعتباره نجاحاً شخصياً لها، على عكس كثير من زيجات الفنانين التي تفسدها «غيرة العمل»، فما إن ينجح أحدهما حتى تطفو على السطح أزمات تبدو في ظاهرها مشاكل زوجية يمرّ بها أي زوجين، ولكنها تحمل في باطنها غيرة أحد الطرفين من نجاح الآخر.

لم يحدث ذلك بين نور وبوسي، لأن حبهما سما فوق الضغائن كافة، بل إن كلاً منهما كان يبحث عما يسعد به الآخر إنسانياً، ويساعده فنياً. لذا ما إن قرأت بوسي رواية «قطة على صفيح ساخن» للكاتب العالمي تينيسي وليامز، حتى أعجبت بها بشكل كبير، وتمنت أن تقدمها للسينما، فبادلها نور الشريف حماستها بحماسة أشد:

* رائع. اختيار هايل... تعرفي إن الرواية دي قرأتها وأنا طالب في المعهد وكان نفسي أعملها.

= خلاص نعملها سوا.

* أنا موافق طبعاً. وعلشان نختصر الطريق ومندورش على منتج... ننتجها إحنا.

= إحنا... منين وإزاي؟

* مالكيش دعوة. أنا الفكرة بتلح عليا من فترة إني أكون شركة إنتاج. عارف إنها مغامرة بس كمان حلم. وإن شاء الله نحققه حتى لو هنبيع عفش البيت.

= وأنا واثقة في أحلامك.

* يبقى من بكرة نعمل إجراءات الشركة.

= وأنا هكلم رفيق الصبان يعمل السيناريو للفيلم.

* بس مش هينفع يكتب الحوار... علشان كده ممكن أخلي هاني مطاوع يكتبه.

قرّر نور الشريف أن يعطي لهذا الحب مساحته من خلال العمل أيضاً، فأنشأ شركة إنتاج خاصة بهما معاً، ووضع لها اسماً يحمل أول حرفين من اسمه وبوسي «شركة NP}، ولكن لم يكن لديه متسع من الوقت لتبدأ هذه الشركة عملها فعلياً، بسبب الأفلام التي تعاقد عليها والتزم بتنفيذها، وفي الوقت نفسه لم يكن السيناريو والحوار اللذين عهد بهما إلى رفيق الصبان وهاني مطاوع انتهيا. لذا كان لا بد من تنفيذ الأعمال التي اتفق عليها، فقدم {لقاء هناك} الذي يتناول موضوعاً جريئاً عن قصة كتبها ثروت أباظة، من خلال رحلة شاب من الإلحاد إلى الإيمان، سيناريو أحمد عبد الوهاب وحواره، وإخراج أحمد ضياء الدين، مع كل من سهير رمزي، وزبيدة ثروت، والمطربة فاتن فريد. كذلك شارك في {العاشقات}، قصة وسيناريو سامي غنيم وحواره، وإخراج محمود فريد، مع كل من نيللي، ومريم فخر الدين، وزيزي مصطفى، وجلال عيسى، والفنان الكبير محسن سرحان. تبعه {وعادت الحياة}، قصة إبراهيم الورداني، وسيناريو محمد مصطفى سامي وحواره، وإخراج نادر جلال، مع كل من سهير رمزي، وسهير المرشدي، وناهد شريف، وعماد حمدي، وتوفيق الدقن. كذلك {الكل يحب} مع كل من ناهد شريف، وهادي الجيار، قصة وسيناريو سيد موسى وحواره، وإخراج محمود فريد. قدّم الشريف أيضاً في العام نفسه {شلة الأنس}، قصة د. مصطفى محمود، سيناريو وحوار يحيى العلمي، وشريف المنباوي، ومصطفى محمود، وإخراج يحيى العلمي، مع كل من نيللي، وعزت العلايلي، وهدى سلطان، وعماد حمدي، ومحمد رضا، ومحمود شكوكو. ثم قدّم {المنحرفون} قصة عدلي المولد، سيناريو أحمد عبد الوهاب وحواره، مع كل من ناهد شريف، وسعيد صالح، وحياة قنديل، وعماد حمدي، وليز سركسيان، والوجه الجديد حمدي حافظ، مع المخرج نيازي مصطفى. وقرّر الأخير أن يخوض تجربة الإخراج للدراما التلفزيونية، من خلال مسلسل {هروب} عن قصة نبيل غلام، وسيناريو السيناريست مدحت السباعي وحواره، واختار الشريف ليكون البطل، وشاركه البطولة كل من إحسان القلعاوي، وآمال رمزي، ومحمد وفيق، وإبراهيم خان، وحسن حامد.

مع عودة الفنانة ماجدة الخطيب إلى الإنتاج، اختارت الشريف أيضاً ليؤدي إلى جانبها دور البطولة في {توحيدة}، على أن يشاركهما كل من النجمين الكبيرين فريد شوقي ورشدي أباظة، فضلاً عن سناء جميل. الفيلم مقتبس عن نص أجنبي، أعده للسينما الكاتب نجيب محفوظ، وكتب له السيناريو والحوار صبري عزت، وأخرجه حسام الدين مصطفى، في الوقت الذي كان يعد فيه المخرج هنري بركات فيلماً عن النص نفسه، كتب له السيناريو والحوار يوسف جوهر بعنوان {نغم في حياتي} للمطرب الكبير فريد الأطرش، إلى جانب كل من ميرفت أمين، وحسين فهمي، وعدلي كاسب.

إحساس الفنان

لم تكن المرة الأولى التي يقف فيها الشريف إلى جانب النجمين الكبيرين رشدي أباظة وفريد شوقي، إذ سبق وشارك معهما في «كلمة شرف» غير أنه شعر هذه المرة بأنه أمام فيلم يشهد تسلّم راية أفلام الحركة، فلم يعد بإمكان النجمين تقديم تلك الأعمال التي اشتهرا بها في بداية مشوارهما الفني، والساحة الفنية خالية الآن من هذه النوعية. هكذا شعر بأن الظروف ممهدة لاستقباله، فقرر أن يقفز إلى هذا المقعد الذي كان أصبح خالياً، علماً أن الحركة التي كان يقدمها شوقي وأباظة قبل ربع قرن لم تعد صالحة لهذا الزمن، خصوصاً أن جمهور «الأكشن» الحالي من الشباب يشاهد أفلاماً مختلفة من نوعية أعمال النجم الصيني الراحل «بروس لي» ويقلده في مشاجراته الخاصة في الشوارع بما يسمى «فن قتال الشوارع» أو «الكونغ فو». لذا لا بد من «أكشن» مختلف عن «أكشن» الأربعينيات والخمسينيات، أو حتى الستينيات، ولا بد من مخرج شاب، يفكر بمنطق الشباب.

وقع اختيار الشريف على سمير سيف، الذي التقاه لأول مرة أثناء تصوير «السكرية» حيث كان يعمل مساعداً للمخرج حسن الإمام:

= طبعاً أنا بتمنى... ونفسي في الفرصة دي من زمان. بس اشمعنى أنا؟

* لأني من ساعة ما شوفتك مع حسن الإمام في «السكرية» واتكلمنا سوا... فاكر... لما قلتلك هتبقى مخرج مهم أوي؟

= فاكر طبعاً وكلامك بيرن في وداني من يومها... بس قصدي أنت تقدر تجيب أي مخرج كبير.

* ولما كل المخرجين الكبار يشتغلوا طول الوقت... أنت واللي زيك هتخرجوا أمتى؟

= أقصد إن المغامرة هنا هتبقى مزدوجة. أنت دلوقت نجم كبير ولك اسمك اللي تخاف عليه. وفي نفس الوقت أنت عايز تنتج الفيلم. يعني هتغامر باسمك وفلوسك. يعني لو لا قدر الله الفيلم...

* متكملش. أنا واثق أننا هننجح إن شاء الله. حتى لو لا قدر الله الفيلم زي ما بتقول ما نجحش... يبقى كفاية أننا كسبنا مخرج جديد.

= حتى لو كان على حسابك؟

* شوف يا سمير أنا وجيلي... والجيل اللي قبلي طلع لقى القطاع العام بياخد بإيده ويعطيه فرصة واتنين وتلاتة لحد ما يوقف على رجله... ومش معنى إن القطاع العام انتهى يبقى أنت واللي زيك مش هتلاقو فرصة... زي ما إحنا لقينا اللي يدلنا الفرصة... لازم أنا وجيلي ندي الفرصة للي جاي بعدنا.

لم يكتف نور الشريف بإنشاء شركة إنتاج على الورق، واستئجار مكتب فاخر في «شارع عماد الدين» في وسط القاهرة، بل راح يشتري كتباً في الإنتاج ليطالعها كأي طالب في معهد السينما. قرأ ودرس وتعلم وسأل واستشار، حتى أصبح على علم تام بالعملية الإنتاجية كافة، بل أصبح المنتج الفني الثاني في مصر بعد رمسيس نجيب، ثم اختار رواية «الكونت دي مونت كريستو» للكاتب الفرنسي ألكسندر دوماس ليحولها سمير سيف وإبراهيم الموجي إلى سيناريو وحوار بعنوان «دائرة الانتقام»، ليكون باكورة إنتاج «شركة NP}.

غير أنهما قبل أن يشرعا في كتابة الفيلم، كان رفيق الصبان وهاني مطاوع انتهيا من كتابة السيناريو والحوار للفيلم الذي كلفهما به سابقاً، ووضعا له اسم {قطة على نار}، وجاء شديد الحرفية، ولكن الصبان فاجأ نور وبوسي بما لم يتوقعاه:

* أنت بتقول إيه يا رفيق؟

= أنا بقول وجهة نظري كناقد قبل السيناريست... الجمهور مش هيصدق بوسي في الفيلم ده.

* أيوا بس ده حلمها.

= الجمهور ما بيرحمش... وممكن جداً تخسروا خسارة كبيرة.

- خلاص يا نور. أنا مش زعلانة. شوف ممثلة تانية أستاذ رفيق عنده حق.

* أيوا بس أنت اللي...

- بالعكس أنا يهمني نجاح الفيلم، ونجاح الشركة نجاح لنا إحنا الاتنين.

«الكرنك»

في نهاية تصوير فيلم «الكرنك»، دعا علي بدرخان عدداً من النقاد والصحافيين والكاتب نجيب محفوظ، وكاتب السيناريو ممدوح الليثي، إلى جانب أبطال الفيلم. ووجّه الدعوة أيضاً إلى الكاتب يوسف السباعي وزير الثقافة، لحضور عرض خاص للفيلم عقب الانتهاء من مرحلة المونتاج.

انقسم الحضور بين مؤيد ومعارض لرؤية الفيلم، كل وفق وجهة نظره، غير أن أكثر ما لفت انتباه الكاتب يوسف السباعي شخصية «حلمي» المثقف اليساري التي أداها الفنان محمد صبحي، خصوصاً أنها تظهر إهانة للمثقف اليساري. غير أنه لم يكن ممكناً التدخل لتعديلها، لا سيما أن الفيلم انتهى تصويره، لكنه في اليوم التالي هاتف المخرج علي بدرخان وأخبره بأن رئاسة الجمهورية تريد مشاهدة الفيلم.

شاهد الرئيس أنور السادات الفيلم، وأعجب به بل وأثنى عليه، غير أنه أبلغ يوسف السباعي أن يطُلب من الصانعين  إضافة بعض المشاهد التي يرى أنها مهمة وضرورية، إذ أراد أن تنتهي الأحداث بقرارات 15 مايو عام 1971، التي قام بها، ذلك لإظهار الفرق بين عهده والعهد السابق، ذلك خلافاً لرواية نجيب محفوظ التي تنتهي بنكسة 1967.

تسبب تدخل الرئاسة في ضيق شديد لنور الشريف الذي شعر بأن أصدقاءه كانوا على بعض الحق حين حذروا من أن إنتاج الفيلم ليس بريئاً وأنه جزء من حملة سياسية لكن كان الأوان قد فات.

نُفِّذ طلب الرئيس السادات، وعرض الفيلم وحصل على جوائز، فحصد علي بدرخان الجائزة الأولى في الإخراج من وزارة الثقافة، ونور الشريف جائزة أفضل ممثل، وسعاد حسني جائزة أفضل ممثلة، كذلك حصلوا على الجوائز نفسها من «جمعية الفيلم».

البقية في الحلقة المقبلة

نور الشريف رفض الموافقة على تقديم «الكرنك» إلا بعد موافقة أحمد زكي

«الكرنك» أثار غضب المثقفين... ونور أكّد: «أنا ناصري أكثر منهم»

نور الشريف شيّع والدته وعاد لاستكمال التصوير

«العاشقان» كوّنا «شركة NP} والصبان استبعد بوسي من {قطة على نار}

السادات طلب إضافة مشاهد إلى فيلم {الكرنك} فشعر الشريف بضيق
back to top