عبدالرحمن العقل لـ الجريدة•: الرقابة صمام أمان (4-5)

«الفارس كان دوري في (الغرباء) لكنني طلبت منحي غيره»

نشر في 16-06-2017
آخر تحديث 16-06-2017 | 00:00
الفنان القدير عبدالرحمن العقل ممثل عشق خشبة المسرح، وعاصر روادها، فاشترك في معظم أعمالهم، وأثبت أنه من الممثلين القلائل الذين يؤدون أدوارهم بطريقة روائية مميزة تتوازن وتتساوى مع بقية أفراد العمل، حتى وصل به المطاف إلى أن يكون ممثلا رائداً ومتناغما مع أصعب مسرح، ألا وهو مسرح الطفل.

في تعابيره يتغلغل صدق الكلمة، فيحضر الزمان والمكان شاهدين على الحدث والرواية، فتزداد الأسئلة وعلامات التعجب حتى تصل إلى أجوبة في نهاية القصة.

واستطاع من خلال مخارج الحروف التي يجيدها أن يشد المشاهد إلى الحالات الإنسانية والسياسية المبطنة في حركة عضلات وجهه وجسمه، كل ذلك أتى من خلال حياته اليومية التي يعيشها دون تكلف أو مزايدة.

إنه الفنان عبدالرحمن العقل، الذي تحدى العادات والتقاليد باحترافه الفن والتمثيل في المسرح، سواء كان للكبار أو الأطفال، وفي أداء الأدوار الكوميدية أو التراجيدية على حد سواء.

في الحلقة الرابعة، يشدد الفنان عبدالرحمن العقل (بوخالد) على أهمية المسرح في تقوية وتأسيس الممثل على الدرب السليم، ولا يؤيد أن ينحصر الفنان في تخصص أو قالب واحد، لأنه متلون كالجوكر يخوض السينما والمسرح والتلفزيون، وهو من يجلب الدينار وليس العكس، بالأداء المتمكن في أكثر من عمل.

ولفت إلى تكوين قاعدة جماهيرية كبيرة تقدر بالملايين للأفلام الكويتية، إذا فتحت الصالات السينمائية في السعودية، ومن ثم ستنعش صناعة السينما في المنطقة...

حول التفاصيل دار هذا الحوار:

• ما مدى أهمية المسرح للممثل الناشئ؟

- إنه الأساس لتقوية أداء الممثل وتأسيسه على الدرب الصحيح، ويجعلك مدركاً أهمية كل كلمة تتفوه بها، أي بمعنى أدق أن تثمن كلامك. ومن هذا التأسيس السليم يصبح أداؤك التلفزيوني سهلا، ولا تهاب الكاميرا التي تواجهها، لكن يجب أن تخفف من إيماءاتك في التلفزيون.

• هل تؤيد أن يكون الفنان في تخصص واحد؟

- الفنان جوكر، سواء كان في المسرح أو التلفزيون أو السينما، فيجب أن يكون متلوناً وصادقاً مع نفسه بالدرجة الأولى، وفي عملية انتقاء نصوصه، ولا يجعل الدينار يجلبه، بل هو من يأتي به، بالأداء المتمكن في أكثر من عمل، من حيث التلوين والشكل والمتميزين عبر بوابة الإبداع، ما يجعل عيون المنتجين عليك لاستقطابك في أعمالهم، لا أن تطرق أبوابهم كي تعمل معهم، وفي حياتي الفنية كلها لم أطرق أي باب طالباً التمثيل، فمن يريدني يطرق بابي وليس العكس، وهذا ما يجب أن يعلمه الجميع.

• ما الفرق بين نص اليوم والأمس؟

- في السابق كان النص يتناول فكرة واحدة فقط، أما الآن فقد اختلف الوضع، فالنص يحتوي على العديد من الأفكار، والكاتب يكتب أكثر من خط ومشكلة، فيشبع المشاهد بقصصه الجميلة، وبرسم الشخصية بحرفية كبيرة، وهي يتقبل مقترحاتك.

وكنت سابقاً تستحي أن تطلب من الكاتب ذلك، إنه فنان وكاتب كبير مثل سعد الفرج أو عبدالرحمن الضويحي أو محفوظ عبدالرحمن، لا تستطيع مناقشة هذه القامات. ولا نبخس حق الكاتب في الماضي، لقد كان صادقاً مع الحالة التي عاشها في ذلك الوقت، كما أنه يتمسك بمشكلة واحدة مثل الطلاق من البداية إلى النهاية، سواء مسرح أو تلفزيون.

• هل لدينا فعلاً أزمة كتّاب؟

- الكتّاب الكبار أمثال عبدالعزيز السريع أو طه حسين أو توفيق الحكيم، لا يكتبون لعبدالرحمن العقل أو غيره بمفرده، لكن للعموم، ولا يقدمون ما يريده المنتج أو المحطة الفلانية، الآن ومع الأسف بعض الكتاب يقوم بتفصيل عمله بناء على رغبة المحطة في استقطاب أسماء معينة من الممثلين والممثلات، والمصيبة الكبرى، أن بعض الكاتبات الشابات تكتب قصتها، وتنحاز إلى البنات، وتنسى الشخصيات الرجولية، وإذا وضعت الأب، يكون مهمشاً! وبعض الشباب يكتب في ما يتعلق بالشباب فقط! ولا نقول إن الحياة خالية من الحب أو الإعجاب بين طرفين أو العلاقات العاطفية، لكن يجب أن تكون موظفة دراميا، وأن يجملها في شيء مفيد.

وبكل أمانة، لدينا عدد من الكتاب من جيل الشباب، يكتبون نصوصاً جميلة، والبعض منهم يتقبل مناقشتك له حول العمل والشخصيات، ويا ليت بروفة الطاولة تعود. ولو طبقت الآن أقول لو لدينا 9 أعمال سنخرج بـ7 منها بجودة عالية، لأن كل السلبيات والإيجابيات ستنكشف معك في هذه البروفة، لأن المؤلف ليس معصوما من الخطأ.

• ما رأيك في موضوع رقابة الأعمال؟

- لست ضدها، في السابق أعمالنا لم تكن تخضع للرقابة، كانت النصوص تقرأ في مراقبة التمثيليات بتلفزيون الكويت، ومن ثم توزع على المخرجين، والرقابة هي صمام أمان، لما يكتب ولبعض الكتاب، وفي أكثر من عمل يجب أن يخضع لرقابة ذاتية قبل تقديمه للرقابة.

ورقابة اليوم في المصنفات الفنية، أكثر مرونة، حيث تعيد نصك مع بعض الملاحظات الرقابية حول حذف أو تغيير كلمات أو جمل أو مشهد معين، ومن ثم توقع عقدك، لأن نص مقبول. أما سابقاً فكان يرفض النص بأكمله.

• هل تقبل بالمشاركة في عدد قليل من الحلقات؟

- نعم، لقد شاركت في 10 حلقات فقط «ساهر الليل: زينة الحياة»، لأنني عندما قرأت النص، وجدت الدور رائعاً وحقق لي بصمة، وكانت من ضمن الشخصيات الرئيسة والمحركة للأحداث في العمل. فالعملية ليست بالكم، بل بالكيف، في تقديم ما يحفظ لك تاريخك الفني ومكانتك لدى الجمهور الذي تعود على الأجود. فقد قدمت في عام واحد ثلاثة أدوار مختلفة ذات بصمة في «درب العرايس» و«تعبت أراضيك» و«بوطبيع».

• هل رفضت دور الفارس في «الغرباء»؟

- أجل، كان دور الفارس لي، لكنني رفضته وقدمته الفنانة ميعاد عواد، لأنني وجدت نفسي في «كراكترين» متعبين، وطلبت ذلك من المخرج المبدع الراحل حمدي فريد، وحققت من خلاله بصمة، ولايزال الجمهور يذكر «لزمتي» في العمل «عطيني دينار».

• هل الساحة الفنية بحاجة إلى المدينة الإعلامية؟

- نحن في أمس الحاجة إليها، نأمل خيراً من وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله، ووكيل الإعلام طارق المزرم والوكيل المساعد لشؤون التلفزيون مجيد الجزاف، في إعادة طرح هذا المشروع على أرض الواقع.

• كيف وافقت على إعادة «أبطال السلاحف»؟

- المسرحية من إنتاجي، قدمتها عام 1991، وهي ذات الطابع السياسي وتتحدث عن صراع الخير والشر، مشيرة إلى أحداث سنة 1990، وكانت من تأليفي وبطولتي أيضاً، وقد شاركني في النسخة السابقة كل من محمد جابر وجمال الردهان وعبدالناصر درويش ووليد سراب، وكذلك المطربة نوال الكويتية في أول تجربة مسرحية لها، حيث شاركت كمطربة فقط، إضافة إلى سماح ومنى شداد وعادل اليحيى.

وقد حاول معي محمد الحملي أن يحصل على موافقتي لإعادتها، قلت أريد أن أفكر في الموضوع، وقد استغرق الأمر أكثر من شهر، كي أوافق عليه، وقدمتها كإعادة بمشاركة الحملي معي في الإنتاج، مع جيل جديد بنجاح كبير، وكنا نعرض 3 عروض في اليوم الواحد.

وتلمست بكاء بعض الحاضرين في أغنية نوال الكويتية عن الغزو، الذين قالوا تذكرنا تلك الأيام. أما «لولاكي» فهي تعد استكمالا للجزأين السابقين، ولا تشبههما، فهي ليست إعادة.

• متى سيعرض «إلى أبي وأمي... مع التحية: الجيل الثالث»؟

- لا أعلم إلى أين وصل المطاف بهذا المسلسل التربوي الاجتماعي الجديد، لأنني أنتظر تحديد موعد عرضه بفارغ الصبر، لأنه عمل رائع، وهو من تأليف عواطف البدر وإخراج رمضان.

في بداية أول مشهد من الجزء الثالث، أكون جالساً في مكتبي وأمامي صورة والدي الراحل (الفنان خالد النفيسي رحمه الله)، ثم لقطة قريبة علي، تشير إلى أنني قد أمسكت الدفة أو البيت، فلديّ عائلة تتكون من زوجة وولد وبنت، وتعيش معي أم زوجتي في البيت نفسه لتمضي حكاية هذه الأسرة الجديدة والجيل الجديد.

• لماذا أعيد عرض «1، 2، 3، 4 بم»؟

- قدمنا في مسرح الخليج العربي، هذا العمل، وجسدت دور الابن الأكبر، جدي (إبراهيم الصلال) ووالدي (محمد السريع) ووالدتي (مريم الغضبان)، نعود إلى الحياة بعد موتنا أيام بيوت الطين وعبق الماضي الجميل، لندخل على الحياة المعاصرة الحديثة، فكرة رائعة من قبل صقر الرشود وعبدالعزيز السريع، فقد استغرقت كتابتها حوالي 6 أشهر، عرضت أيام الأبيض والأسود، ثم أعدنا تقديمها إحياء لذكرى المبدع الراحل صقر الرشود، وتم تصويرها تلفزيونياً بالألوان، بيد أن جمال القديم ليس كالجديد. وقد استغرق التفكير بإعادتها والوصول إلى نصف نجاحها السابق حوالي شهرين. وهذا يعني عندما تريد إعادة عرض أي عمل عليك عدم التعجل، وأخذ الوقت الكافي لدراسة واستثمار نجاحها في عرضها القديم.

فتح صالات سينمائية في السعودية سينعش أفلام المنطقة

يؤكد الفنان القدير عبدالرحمن العقل أهمية أن يجدد الفنان جلده، من خلال المشاركة في أعمال سينمائية، فسيرتك الذاتية بعد مضي مشوار طويل في المجال الفني قدمت المسرح بألوانه من كوميديا وتراجيديا، ومسرح الطفل والمسرح الغنائي الاستعراضي، كل شيء جميل، ثم في الدراما التلفزيونية من أعمال تراثية أو اجتماعية معاصرة، لكن ينقصك حقل آخر هو السينما.

لذا اتخذ مبادرة ولوج الفن السابع، حيث شارك في أكثر من عمل، من بينها فيلم «المخيم» الذي عرض على «سينيسكيب» ومعه في البطولة الفنان جاسم النبهان، ولديه فيلم آخر مع طارق العلي سيعرض في العيد.

ويشير إلى أن الحركة السينمائية في الكويت نشيطة جدا، بدلالة وجود أكثر من 20 فيلماً جديداً لم يتم عرضها على الشاشة الكبيرة حتى الآن، مضيفا أنه إذا فتحت الصالات السينمائية في المملكة العربية السعودية، فستكون هناك قاعدة جماهيرية كبيرة تقدر بالملايين للأفلام الكويتية، وبذلك ستنعش العمل السينمائي وصناعته في المنطقة.

المبدعون في الكويت يضعون جل طاقاتهم في المهرجانات

تناول الفنان العقل في معرض حديثه عما يقدم من عروض، ما يسمى «أوبريت»، وهو فن قائم بذاته، وهناك «شو»، والأخير عبارة عن نوعين، أحدهما درامي مع الغناء والاستعرض، والثاني غنائي راقص بأداء حركي لم نصل إليه حتى الآن.

وأضاف: لا ضير في استعارة أسلوب ما يقدم من عروض احترافية من أوروبا، مثل «كاتس» الرائعة جداً في كل النواحي من أداء حركي وموسيقى وديكور وأزياء، وهذا لا يتحقق إلا شريطة منح الفنان صالة عرض، وإمكانات، لذا نجد الكثير من مبدعي الكويت يضعون جل طاقاتهم في أعمالهم النوعية بالمهرجانات، وينافسون الفرق الأخرى ويحصدون الجوائز محلياً وخارجياً.

ويتابع حديثه: إذا العمل الجماهيري كان ناجحا في شهر كامل من العروض، تجد من ينتظر دوره يريد حجز المسرح من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، لماذا لا يتم تمديد للعروض الناجحة التي تستطيع الاستمرار أكثر من شهرين وثلاثة أشهر؟، مطالباً بإنشاء مسرحين على الأقل في كل محافظة، لأن الكويت تمتلك مهندسين محترفين باستطاعتهم صنع صالات وخشبة مسرح حديثة وجميلة، تصل إلى مستوى مسرح قصر بيان.

ولفت إلى أن مسرح عبدالحسين عبدالرضا محجوز دائما، أما مسرح الدسمة فعدد كراسيه لا يجدي مع المنتج، 400 مقعد لا تغطي تكاليف العمل المسرحي، وخاصة أجر الفنان الذي أصبح يتقاضى أجره في اليوم الواحد، إضافة إلى الديكورات والألحان والنثريات والإعلانات اليومية باهظة الثمن.

أتمنى إعادة طرح مشروع المدينة الإعلامية على أرض الواقع

النص في وقتنا الراهن يتضمن العديد من الأفكار والخطوط الدرامية

عليك عدم التعجل في إعادة عرض أي عمل مسرحي نجح سابقاً

لا أعلم أين انتهى مطاف عرض «إلى أبي وأمي مع التحية: الجيل الثالث»
back to top