● ما المقصود بتجديد الخطاب الديني؟

- تجديد الخطاب الديني أمر أتت به السنة النبوية، وحثت عليه في قول النبي - صلى الله عليه وسلم: "على رأس كل مئة عام يبعث الله للأمة من يجدد لها أمر دينها"، وهذا يعني أن التجديد سنة من سنن الإسلام، لأن مصالح العباد متطورة متغيرة ومتكاثرة، فكلما جد زمان وعصر جدت المصالح التي تحتاج إلى بيان حكم الله في القضايا والحوادث التي تقع للناس، لكن هذا التجديد والاجتهاد محال أن يقع في الأصول مثل الإيمان بالله والرسل والجنة والنار، وكذلك أصول الأخلاق كالصدق والأمانة والنهي عن السرقة والزنا، فضلاً عن أصول العبادات مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج.

Ad

● كيف ترد على منتقدي الشريعة الإسلامية ممن يتهمونها بالجمود؟

- الشريعة شاملة عامة صالحة لكل زمان ومكان، فكلماتها وجملها ودلالات الألفاظ في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تقبل النظر والتأمل لاستنباط الأحكام منها، ونصوص الشريعة ليست جامدة كما يزعم البعض، فهذا فهم خاطئ، لأنها تتسم بالمرونة ودلالاتها قابلة للنظر والاستنباط منها كلما كان الذي يملك أدوات الاجتهاد والاستنباط مؤهلاً للنظر وإعمال الفكر، ومن هنا تأتي القواعد الشرعية لتقول بتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان، وقواعد الشريعة تقول أينما وجدت المصلحة فثم شرع الله، ودرء المفاسد مقدم على جلب المنافع.

● هل كتب التراث تحتاج إلى تنقية؟

- كتب التراث تتضمن نفائس العلوم وفيها الخير الكثير والوفير، ومهمتنا أن ننظر فيها لنرى هل هناك ما ينبغي أن ينقى مثل الأمور الدخيلة التي تتنافى مع قواعد الشرع، أما ما يتفق مع دلالات العقل ومع المنطق السليم وأدلة الثبوت من القرآن والسنة النبوية الشريفة، فهي مقبولة، ورسائل الماجستير والدكتوراه تقوم بتنقية كتب التراث مما شابها ومما امتد إليها من الدس والتدليس والتحريف، وفقاً للشروط التي وضعها العلماء لعملية التنقية من عدم الاتفاق مع قواعد اللغة وإجماع العلماء والسنة النبوية والقرآن الكريم.

● ماذا عن اتهام مناهج الأزهر بأنها خرّجت فكر الدواعش؟

- يجب أن نفرق بين كتب التراث ومناهج الأزهر، فالتراث أعم وأشمل من المناهج التي هي قدر منتقى من التراث ارتضاه الأزهر منذ 1060 عاماً وخرج على يديه وفي رحاب جامع الأزهر قبل جامعته زعماء الأمة في المشرق والمغرب، أمثال رفاعة الطهطاوي والإمام محمد عبده والزعيم أحمد عرابي، فضلاً عن زعماء وقادة وملوك بعض البلاد الإسلامية، أما من يحملون فكر "داعش" والجماعات المتشددة فلديهم أيديولوجيات وفكر بعيد تماماً ولا يمت بصلة لمناهج الأزهر، ولا يوجد ممن درسوا في الأزهر شخص أصبح قائداً لجماعة متطرفة باستثناء عمر عبدالرحمن مفتي الجماعة الإسلامية، فالتعليم في الأزهر ومناهجه صمام أمان للأمة، واليوم جميع البلدان غير الإسلامية في أوروبا وأميركا وروسيا وأستراليا تطلب من الأزهر أن يمدها بمناهجه ويدرب أئمتها وعلماءها لينقذ العالم بسماحة الدين ووسطية الأزهر.

● كيف يواجه الأزهر فكر الدواعش؟

- مرصد الأزهر الذي يبث بعشر لغات يتتبع أفكار الدواعش ويقوم بنقدها وهدمها ويقوم بترجمة ذلك إلى لغات عدة ليحصن الإنسانية من هذا الفكر السقيم المريض الذي لا يمت إلى مناهج الأزهر وللشريعة الإسلامية بصلة، وهنا أود الإشارة إلى أن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي، بل لابد أن تتضمن جهود العلماء وأصحاب الفكر الوسطي عبر عمل محاضرات ومناظرات لأعضاء الجماعات الإرهابية القابعين في السجون ليغسلوا عقولهم ويعيدوهم إلى رشدهم بالمراجعات الفكرية، مثلما حدث في تسعينيات القرن الماضي مع أعضاء الجماعة الإسلامية.

● في ظل فوضى الفتاوى المنتشرة حالياً... كيف يمكن مواجهتها؟

- يجب إصدار تشريعات تُجرم الفتوى لغير المتخصصين، فلابد من وضع شروط تضبط الفتوى، فليس كل عالم أزهري تجوز له الفتوى الجامعة، ويجب احترام التخصص، وهذا أمر كرره القرآن الكريم حين قال الله تعالى: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " (النحل: 43).

● هل يمكن توحيد جهة الفتوى في الدول الإسلامية؟

- بكل تأكيد عن طريق توحيد المجامع الفقهية وخاصة في ظل وسائل التواصل التي قربت المسافات بين الدول.

● ماذا عن الحوار بين الأزهر والغرب، أو ما يعرف بحوار حكماء الشرق والغرب؟

- هذه الجلسات مفيدة في تقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب وتوضيح المغالطات التي طالت الإسلام، حيث يأتي رجال الكنيسة من روما إلى الأزهر، ويذهب علماء الأزهر إلى روما، إلى جانب جولات فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب في أوروبا وروسيا واستراليا وإفريقيا التي كشف فيها النقاب عن صحيح الإسلام وتعاليمه السمحة، وأن ما يلصق به من تهم هو منها براء، ولا يجب أن يحكم على الإسلام من خلال تصرفات جماعات شاذة استوقفها المستعمرون الذين يريدون الاستيلاء على مقدرات شعوبنا في المشرق الإسلامي، ومنحوا هذه الجماعات المتطرفة أجندة لخدمة مصالحهم حتى يتبوأ المستعمر مكانته في الشرق باسم الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان.

● هل يلعب الأزهر دوراً سياسياً؟

- الأزهر مؤسسة علمية شرعية مسؤولة عن حماية الشريعة، لكن دوره في الوفاق بين الدول والشعوب أمر يقوم به من منطلق وطني ديني، أما السياسة فلها رجالها ودهاليزها، ولها المتخصصون فيها يحترمهم ويجلهم ويوقرهم الأزهر.