المكتبة الدينية : العلاقات الدولية في الإسلام
الإسلام أول من دعا إلى وضع قواعد للعلاقات الدولية بين البشر، وبين الشعوب فيما بينهم من أجل التعايش والتقارب ونشر الطمأنينة، هذا ما أكده كتاب "العلاقات الدولية في الإسلام"، الذي أعاد الأزهر الشريف طبعه مرة أخرى حديثاً للشيخ الراحل محمد أبوزهرة من علماء الأزهر.يقول المؤلف: التعارف مبدأ إنساني وأول من دعا إليه القرآن الكريم، واعتبره غاية فاضلة لاختلاف الشعوب والقبائل، وأن توزيعهم في الأرض كان وحده كافياً لحل كل نزاع، لكن الناس في جماعاتهم ودولهم كما هم في آحادهم تسيطر عليهم الغواية التي أخذ بها الشيطان نفسه.
وقد ثبت في ماضي الإنسانية وحاضرها أنها لم تثبت دعائم التعارف فيما بينها، لأن حب الغلب وحب الامتلاك وحب السلطان، كل هذا جعل التعارف الذي يقوم على التعارف يختفي وتحل محله الرغبة في التحكم باسم العنصرية أحياناً وباسم جهل بعض الشعوب أحياناً، وباسم تسخير بعض الأجناس للبعض الآخر زعما بالباطل، وباسم الاقتصاد أحيانا، وإذا كان التناكر هو الذي يسود العلاقات الإنسانية إذا استقلت هي بتنظيم هذه العلاقات، وهنا يتطلب الأمر هداية من السماء تنظم التعارف الإنساني وتهدي للتي هي أقوم، وبذلك جاءت الرسالات السماوية وبعث النبيون مبشرين بالخير، وجاء الإسلام المنظم لقواعد العلاقات الإنسانية بشكل دقيق، وجعل العلاقة الدولية التعارف الذي جاء به النص القرآني "يَا أَيُهَا النَاسُ إِنَا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا". (الحجرات 13).وتطرق الكتاب إلى إبراز القواعد الإنسانية للعلاقات الدولية التي وضعها الإسلام في حالة السلم وأهمها دار السلام ودار الحرب ودار العهد، ومبدأ السيادة على الأرض أي أن يكون سلطان الدولة أصيلا غير مستمد من دولة أخرى، والمبادئ التي وضعها الإسلام للمستأمن- الشخص الذي يدخل ديار المسلمين من غير نية الإقامة- حيث وجب علينا حمايته حتى وإن كان من دولة معادية وتأمينه ماليا وروحيا ما دام لم ينخرط في الحرب ضدنا، وأن نحافظ على ميراثه وثروته إذا توفي وذهاب أمواله إلى ورثته.ويشرح الكتاب في فصل خاص أقسام المعاهدات التي عرفها الإسلام وتوحيدها في نوعين، الأول: معاهدات مؤقتة وأخرى مطلقة أو دائمة، وأوضح المؤلف أن الإسلام أولى معاهدات أهل الذمة ودار العهد ومنحهم الإقامة ووفر لهم الأمان الدائم، وأن أهل العهد هم أهل البلاد التي يكون عليها حكام وهم من غير المسلمين من أجل أن يحميهم المسلمون فقط نظير أموال بسيطة لتزويد الجيش.ويختتم المؤلف الكتاب بباب خاص عن العلاقات الإسلامية وقت الحرب وأن المسلمين يدخلون الحرب فقط من أجل الدفاع عن أنفسهم وأعراضهم لا للإغارة، وأن الإسلام وضع سلوكاً للمحارب وقت الحرب، وهو منع التخريب ومراعاة الفضيلة أثناء الحرب، أي أن يكون العدوان ليس سراً كما يفعل العدو، مؤكداً أن العدو غير المسلم متحرر من كل القيود الخلقية والإنسانية، والالتزام بالهدنة أثناء القتال.