Ad

الفنان القدير عبدالرحمن العقل ممثل عشق خشبة المسرح، وعاصر روادها، فاشترك في معظم أعمالهم، وأثبت أنه من الممثلين القلائل الذين يؤدون أدوارهم بطريقة روائية مميزة تتوازن وتتساوى مع بقية أفراد العمل، حتى وصل به المطاف لأن يكون ممثلاً رائداً ومتناغماً مع أصعب مسرح، ألا وهو مسرح الطفل.

في تعابيره يتغلغل صدق الكلمة، فيحضر الزمان والمكان شاهدين على الحدث والرواية، فتزداد الأسئلة وعلامات التعجب حتى تصل إلى أجوبة في نهاية القصة.

واستطاع من خلال مخارج الحروف، التي يجيدها، أن يشد المشاهد إلى الحالات الإنسانية والسياسية المبطنة في حركة عضلات وجهه وجسمه، كل ذلك أتى من خلال حياته اليومية التي يعيشها دون تكلف أو مزايدة.

إنه الفنان عبدالرحمن العقل، الذي تحدى العادات والتقاليد باحترافه الفن والتمثيل في المسرح، سواء للكبار أم الأطفال، وفي أداء الأدوار الكوميدية أو التراجيدية على حد سواء.

في الحلقة الخامسة، يستدعي الفنان عبدالرحمن العقل «بوخالد» ذاكرته حول «السندباد البحري» أول مسرحية للأطفال في الكويت، وكان متخوفاً من هذه التجربة الجديدة، لكن صقر الرشود أقنعه بخوض غمارها لأنه سيحقق بصمة فيها.

ونجح العقل في تحقيق اسم في مسرح الطفل، بإنتاج مشترك مع ثلاثة فنانين، قبل أن يعمل ثنائياً في التمثيل والإنتاج مع الفنان القدير محمد جابر من خلال مؤسسة «الزرزور»، في تقديم أعمال جماهيرية ناجحة، وحول التفاصيل دار هذا الحوار:

• كيف تم استقطابك في مرحلة تأسيس مسرح الطفل في الكويت؟

- إنني عضو في مسرح الخليج العربي، فاختارني الراحل صقر الرشود لبطولة أول مسرحية للأطفال وهي "السندباد البحري"، حيث كان من المفترض أن يتولى إخراجها لكنه اعتذر عن عدم القيام بهذه المهمة وذلك من منتجي العمل الكاتبة القديرة عواطف البدر والفنان الكبير الراحل منصور المنصور من خلال مؤسسة البدر للإنتاج الفني والمسرحي، فاقترح الرشود أن يتصدى لها المنصور، لأنه مخرج قدير ويثق بامكاناته وأدواته الإخراجية.

• هل حاولت التهرب من العمل؟

- حاولت التهرب لجهلي ماهية هذا المسرح الجديد، فأصرّ وأقنعني بأن مسرح الطفل هو أصعب مسرح وقال لي الرشود: "إذا أثبت وجودك فيه فأنت فنان وستترك بصمتك فيه"، وقال لي إن من كتب العمل مؤلف كبير هو محفوظ عبدالرحمن، والنص جميل، وقبل البروفات سافرت إلى مصر، مع الفنانين خالد العبيد واستقلال أحمد لتسجيل أغنيات وموسيقى المسرحية في أحد الاستوديوهات بالقاهرة، كتب الكلمات عبدالأمير عيسى وصاغ ألحانها أحمد البابطين. شاركنا في البطولة أيضاً محمد السريع و ماجد سلطان.

وكنت متخوفاً من التجربة، ولم أفصل بين التمثيل للكبار والتمثيل للصغار، فتعلمت من الرشود الأساسيات وكيفية أداء دوري أمام مشاهد لا يتعدى عمره عشر سنوات وإيصال الكلمة والرسالة والمعلومة بلطف.

• كيف كان شعورك في أول عرض؟

- قدمنا أول عرض على مسرح المعاهد الخاصة، عام 1978، وكانت الصالة ممتلئة، فشعرت بمتعة كبيرة لا مثيل لها وكأن الكويت كلها تشاهدني، حيث كان الجمهور من الأسر والأطفال. وكانت أسعار التذاكر من دينارين ودينار ونصف الدينار ودينار، ولو عرضت في بأسعار تذاكر وقتنا الراهن لأدخلت ربحاً بالملايين. وقد استثمرنا نجاحها بجولة لعرضها في دول الخليج، وهي بالنسبة لي من أجمل الأعمال التي حققت بصمة في حياتي الفنية، على الرغم من فكرتها البسيطة جداً الكامنة في وجود ناس في الجزيرة وشرط الخروج منها أن تفعل خيراً لها.

• ما مدى نجاح أغنيتها؟

- أصبحت أيقونة غنائية، لا تزال خالدة وعالقة في أذهان الكثير من الأجيال، يحبها ويرددها الكبار والصغار. وهي "بلادنا حلوة": "بلادكم حلوة.. حلوة/ بس الوطن ماله مثيل/ لو عنا سافرنا/ الشوق يرجعنا/ حب الوطن غالي/ والعيشة فيه جنة"، التي صاغ كلماتها عبدالأمير عيسى ولحنها أحمد البابطين.

• ماذا قدمتم بعدها؟

- شكلت "السندباد البحري" الأرضية والقاعدة لي في مسرح الطفل، ثم توالت الأعمال منها "أ ب ت" (1979)، "البساط السحري" (1980).

• لماذا اتجهت للعمل من خلال المسرح الخاص؟

- جاءت الفكرة من انطلاق مسرح الطفل من خلال مؤسسة خاصة، أي المسرح التجاري، وعندما أصبح لي اسم وبصمة ومكانة في مسرح الطفل، عرضت موضوع الشراكة في إنتاج المسرحيات على الفنان محمد جابر، فقال لي معي صالح حمد (امبيريج) وعبدالمحسن الخلفان، اشتغلنا أكثر من عمل، ثم أردت العمل بمفردي وطرحت الفكرة على محمد جابر فتأسس مسرح "الزرزور"، وقدمنا معاً العديد من المسرحيات الناجحة، من بينها: الزرزور (1982)، وطرزان (1983)، والشاطر حسن (1984)، جسوم ومشيري(1985)، محاكمة علي بابا (1985)، جسوم ومشيري في الجيش (1986)، النمر الوردي (1988)، أبطال السلاحف (1991)، كينغ كونغ والسلاحف (1994).

• كيف انفصلت عن محمد جابر؟

- أردت خوض غمار الإنتاج بمفردي، وتفهم مني ذلك بكل محبة محمد جابر فهو صديق عزيز جداً على قلبي، فأسست "أولاد العقل" للإنتاج الفني والمسرحي، التي قدمت من خلالها (ABCD)، ثم (2 ABCD)، و(بلاي ستيشن)، و(أبطال السلاحف) 2015، و(هاي فايف)، ثم تشاركنا أنا والحملي في مسرحيات للكبار. كما أنتجت على صعيد الدراما التلفزيونية مسلسل "ليش يا جارة" و"بوطبيع"، وبهذه المناسبة أشيد باهتمام وزارة الإعلام بالمنتج الكويتي، ومنحه الفرصة في التعاون مع تلفزيون الكويت من خلال المنتج المنفذ، معي وحسن البلام ومناف عبدال وأحمد جوهر وطارق العلي.

• ما سر نجاح "البمبرة" مع عبدالله الحبيل؟

- المسرحية من إنتاجه الخاص، وعندما كتب النص رسم شخصيتي فجسدت أكثر من "كراكتر"ولله الحمد ضربت" معنا، إضافة إلى العلاقة العائلية الطيبة التي تجمعني بعبدالله الحبيل، التنافس بيني وبينه أيام الأندية الصيفية ومسابقاتها، من ثم عملنا سوياً من خلال فرقة مسرح الخليج العربي في مسرحيّة "مجنون سوسو" مع الفنان الراحل محمد السريع وهيفاء عادل، وبعد ذلك في مسرحية "الحلاق".

• هل أنت مع اعتزال الفنان؟

- من يعتزل مهنته هو الرياضي والمغني فقط، والأخير عندما يصل إلى عمر كبير يجب أن يتوقف، أما الممثل لا كلما زاد عمره وخبرته فنه يكبر معه، ومثال الفنان الهندي القدير أميتاب باتشان، والنجم الفرنسي ألان ديلون وغيرهما، يظهر خمس دقائق في الفيلم يتقاضى أكثر من بطل العمل، لأدائه الإبداعي... وكذلك العملاق عبدالحسين عبدالرضا الذي ظهر فقط في حلقتين من "سيلفي 3"، وكان كالجبل الشامخ.

• هل أحد من أبنائك خاض المجال الفني؟

- لا علاقة لهم بالفن، كل واحد منهم في تخصصه سواء في الطب أو الهندسة، خالد وسالم وعبدالله وفيصل، وبقيت لنا الغالية، وإن شاء الله تتخرج قريباً.

• ما جديدك على صعيد المسرح؟

- بعد أن عملت منذ أعوام مع طارق العلي في مسرحيات "خاربة خاربة" و"عايلة قرقيعان"، التقي به على خشبة المسرح مجدداً من مسرحية كوميدية اجتماعية سياسية موجهة للكبار بعنوان "ولد بطنها" التي تحتوي العديد من الإسقاطات، ومعنا ميس كمر وخالد العجيرب ومي عبدالله ونواف النجم، وهي من تأليف بدر محارب وإخراج عبدالعزيز صفر، وستعرض اعتباراً من أول أيام عيد الفطر السعيد على مسرح نقابة العمال بميدان حولي.

• ماذا عن تجارب دوبلاج المسلسلات الكرتونية؟

- شاركت في دبلجة عدد من المسلسلات الكرتونية التي أنتجتها مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك، ولعل أشهرها شخصية (عبسي) التي ظهرت في مسلسل عدنان ولينا أو "مغامرات عدنان"، اشتهرت بهذا الشخصية على مستوى الخليج والوطن العربي، ولا تزال هذه الشخصية حية، البعض يناديني في مواقع التواصل الاجتماعي عبسي.

كما شاركت كضيف شرف في المسلسل الكرتوني "الرجل الحديدي".

أجور نجوم مسرح محمد الرشود أصبحت مرتفعة

حول موضوع إعادة لم شمل الفريق المسرحي الذي كونه المؤلف والمنتج المسرحي الراحل محمد الرشود، أكد الفنان عبدالرحمن العقل، أنه كان فريقاً ناجحاً، شمله مع انتصار الشراح وداود حسين ومحمد العجيمي وعبدالناصر درويش الذي يدعو له بالسلامة بعد إجرائه عملية قسطرة منذ أيام، وهم الآن أصبحوا نجوماً كباراً، وإنتاجياً ليس بمقدوره أن يجمعهم في عمل واحد، لأنه ذلك صعب جداً من ناحية التكاليف المادية، فأجورهم قد ارتفعت وهم يستحقونها.

وأضاف أنه كان يريد أن يجمعهم في عمل "انتخبوا أم علي" لكن بنسخة ثانية منذ سنوات قبل رحيل الكاتب والمنتج محمد الرشود، وقد وافق رحمه الله بمنحه الإذن، حيث يستكمل من خلال هذه النسخة شخصية "علاوي" الذي كبر وتزوج ولديه أبناء، وقدم نصه إلى رقابة النصوص وحصل على الإجازة، وحينذاك تلقى موافقات الشراح والعجيمي وشبه موافقة من داود حسين ودرويش الذي لا يستطيع جلبه في الوقت الحالي بسبب العملية التي أجراها أخيراً إلا بعد عامين تقريباً أما على صعيد التلفزيون فهو قادر على التمثيل.

الرومي والأثري لهما موقف رائع وفضل لا ينسى

في جانب التدرج الوظيفي، لفت العقل إلى أنه بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة عين موظفاً في المصنفات الفنية، وكان حينذاك وكيل وزارة الإعلام حمد الرومي رحمه الله، ومديره المحامي إبراهيم الأثري أطال الله في عمره، ولم ينس موقفهما الرائع وفضلهما طوال عمره، حينما أراد استكمال تعليمه الجامعي، والدراسة في الفترة الصباحية، فأعتزم تقديم استقالته من الوزارة، لكن تمت معالجة الموضوع بفتح المكتب عصراً كي يدوام فيه بمفرده إلى أن تم تعيين موظفين فأصبح مسؤولاً عنهما، وعندما تخرج انتقل إلى التربية وعُيِّن مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية، بعدها شاهد الوزير وخالد الحربان احتفاليات المدرسة، التي أشرف عليها، فقالا له، إن مكانك ليس هنا، بل في إدارة النشاط، ليستفيدوا من إمكانياته، فتدرج مشرفاً ثم موجهاً وموجهاً أول وموجهاً عاماً على المناطق التعليمية، حيث كان يجهز احتفاليات التربية بالعيد الوطني، وبعد مرور فترة استقال لظروف لا يود ذكرها، فتفرغ لمشاركاته في الأعمال التلفزيونية التي يتم تصويرها خارج الكويت وكذلك داخلها.