قال الشاعر: "وكلٌّ يدَّعي وصلاً بليلى... وليلى لا تُقرُّ لهم بذاكا"... فجميعنا، حكومة ومعارضة وشعباً، ندعي الإصلاح وندعو إلى محاربة الفساد، ونرفع شعارات رنانة وحماسية بهذا الشأن، ولكن من منا طرح الآلية لذلك وكيفية انتشال المجتمع من آفة الفساد التي نخرت جسد الوطن، وأصبحت وباء لا علاج له.أصبح الفساد جزءاً منا، بل أصبح من عاداتنا وتقاليدنا، فالفاسد اليوم نراه بيننا يتربع على كرسي المسؤول ويتبجح بفساده نهاراً جهاراً دون حياء أو خوف من محاسبة تنتظره، ونحن نصفق له على اعتبار أن فساده شطارة وذكاء وكسب مشروع في زمن لا يطبق القانون على المفسدين، والأمرّ من كل هذا أن فاسدنا يتبوأ أعلى المناصب، ويُؤمَّن على أموالنا ومستقبل أجيالنا سواء كان ذلك بواسطة السلطة أو من اختياراتنا في الانتخابات؛ الأمر الذي لا يمكن معه الإصلاح مهما رفعنا شعارات محاربة الفساد والقضاء عليه. وحتى نستدرك خطر الفساد فإن علينا، إن كنّا صادقين، أن نبدأ باتباع مبادئ الحوكمة في كل مرافق الدولة ومؤسساتها، وإرفاقها بحملة إعلامية شفافة تفضح كل المفسدين في الوطن، فالحوكمة تقوم على تحمل المسؤولية وتطبيق مبدأ المساءلة كل فيما يتولاه من مسؤوليات منوطة به، وبذلك يكون الفساد جريمة يعاقب عليها القانون علناً، حتى يتعظ الناس، ويبتعدوا عن هذه الآفة الفتاكة، كما أنها تمنع السلطة المطلقة من الإفساد، فتخشى الخطأ في عملها وتخلص في أدائها الوظيفي، ومن مبادئ الحوكمة وضع الخطط والبرامج المستقبلية ومتابعة القائمين عليها، ومحاسبتهم في حال تقصيرهم، ومنعها الإثراء على حساب الأمة والوطن، وتحقيقها توازناً بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة.
يعني بالعربي المشرمح:شعارات محاربة الفساد أصبحت جزءاً من الفساد، ورفعها باعتقادي هو الفساد بعينه، مادام لا يوجد آلية وخطة واضحة وشفافة للقضاء عليه، وباعتقادي أن الحوكمة هي الحل الفعال للقضاء على هذه الآفة، على أن تكون غايةً ووسيلة وإيماناً مطلقاً بهدفها، مع انتهاج شفافية عالية تجعل المفسد يحسب حساباته قبل أي فساد يخطط له.
مقالات - اضافات
بالعربي المشرمح: حوكموا الفساد!
17-06-2017