في إطار المساعي الدولية التي تتقدمها الوساطة الكويتية، لاحتواء الأزمة بين الدول الخليجية الثلاث: السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، استضافت العاصمة البريطانية اجتماعات ثنائية منفصلة بين وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون، ونظرائه السعودي عادل الجبير والإماراتي محمد بن زايد والبحريني خالد آل خليفة، احتلت «أزمة قطر» الصدارة فيها.وجاءت الاجتماعات، بعد ساعات من دعوة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، قطر إلى بذل المزيد من الجهد للتصدي للإرهاب والتطرف في المنطقة.
وأكدت ماي أنها أجرت محادثات مع قادة السعودية والبحرين، بالإضافة إلى قطر، أمس الأول، وحثتهم على تهدئة الوضع والانخراط بحكمة في الحوار واستعادة وحدة مجلس التعاون الخليجي في أقرب فرصة ممكنة.وكان جونسون أصدر بيانا منذ أيام دعا فيه قطر إلى أخذ مخاوف جيرانها بجدية، وحثها على بذل المزيد من الجهد، لمنع دعم الجماعات المتطرفة.
تيلرسون وبن زايد
في غضون ذلك، تواصل الاجتماعات واللقاءات والمباحثات؛ عربيا وأميركيا وأوروبيا، لاحتواء الأزمة الخليجية، وتوجه أطراف مختلفة دعوات تكاد تكون متطابقة، من أجل إنهاء التوتر عبر الحوار.وشدد وزير الخارجية الإماراتي عقب لقاء مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون في واشنطن على أهمية «اتخاذ قطر إجراءات حاسمة بشأن مكافحة الإرهاب، ووقف التحريض والتدخل في شؤون الجيران».وطالب الوزير الإماراتي الدوحة بـ»إنهاء استخدام منابرها الإعلامية للتحريض وتشجيع التطرف».واشنطن من جهتها نفت أن تكون لديها أي نية لاستضافة قمة لبحث الأزمة، ما بدد رهانات على أن واشنطن قد تضع ثقلها السياسي والدبلوماسي للضغط في اتجاه الوصول إلى حل قد يكون طوق نجاة للأزمة مع قطر.مباحثات ومناورة
وتلقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد اتصالات من قادة بريطانيا وإيطاليا وألمانيا ناقشوا خلالها الأزمة الخليجية، ودعوا إلى حلها بطرق الحوار والدبلوماسية، من أجل الحفاظ على استقرار وأمن المنطقة. وأكد رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني استعداد بلاده للمساعدة في حل الخلاف الخليجي.وكان أمير قطر تلقى قبل ذلك اتصالا هاتفيا من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي أشارت إلى سعي بلادها لرفع الإجراءات التي تفرضها دول خليجية على قطر، وتأكيدها ضرورة حل الأزمة عبر الحوار.إلى ذلك، انطلقت أمس مناورات عسكرية تجريها سفينتان من القوات البحرية الأميركية مع القوات البحرية القطرية، إضافة إلى تمارين بالاشتراك مع الطائرات.صعوبات تركية
في هذه الأثناء، تواجه جهود تركية لإنهاء التوتر الخليجي مصاعب عديدة، أبرزها اعتبار أنقرة أن العقوبات والحظر عاملان غير إيجابيين في معالجة الأزمة، وأعرب وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عن رغبة بلاده في عقد «حوار مباشر وشفاف» بين أطراف الأزمة الخليجية. وجاء ذلك في مؤتمر مشترك، مع نظيره التونسي، خميس الجهيناوي، في أنقرة.دعوة الوزير التركي جاءت بعد أن غادر الكويت التي وصلها قادما من قطر، وأكد أنه سيزور السعودية لبحث سبل إيجاد حل للأزمة.في موازاة ذلك، جدد الرئيس التركي طيب إردوغان دعوته للعاهل السعودي الملك سلمان إلى تسوية الخلاف مع قطر، التي تواجه مقاطعة اقتصادية ودبلوماسية، وإغلاقا للحدود البرية والبحرية والجوية من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قبل نهاية شهر رمضان.أجواء مفتوحة
من جانب آخر، أكدت الدول المقاطعة، لا سيما السعودية والإمارات والبحرين ومصر، أن «حظر الطيران» لا يسري إلا على الشركات القطرية أو المسجلة في قطر، ولا يشمل بأي شكل شركات الطيران الأجنبي. وأتى ذلك خلال زيارة مشتركة لمسؤولين من الدول الـ4 إلى مقر منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) في مونتريال بكندا، أمس الأول.وأكد وزراء من السعودية والإمارات ومصر والبحرين احترام اتفاقية الطيران المدني الدولي (اتفاقية شيكاغو 1944) وجميع ملاحقها. وذكر مصدر مطلع، أن الرياض أكدت أن الخلاف مع الدوحة قضية سياسية يتجاوز حجمها حقوق المجال الجوي، ولا يمكن حلها في وكالة الطيران التابعة للأمم المتحدة.وكانت الدوحة طلبت من المنظمة الدولية (إيكاو) التدخل، بعد أن أغلقت دول خليجية مجالها الجوي أمام الرحلات القطرية. لكن بعض المصادر شككت في إمكانية إيجاد حل سريع.قرقاش وبن جاسم
في السياق، انتقد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش، ضمنيا، التصريحات التي أدلى بها أخيرا رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية السابق حمد بن جاسم.ووصف قرقاش في «تغريدة» على حسابه في «تويتر»، لجوء قطر إلى «مهندس سياستها الخارجية السابق»، بغير المقنع، داعيا «الأشقاء إلى معالجة أصل المشكلة لا قشورها».وكان بن جاسم، تساءل مستنكرا، في حوار تلفزيوني أمس الأول عن نوع الإرهاب الذي تدعمه بلاده. وذكر بجهود بلاده في محاربة الإرهاب واستضافتها لأكبر قاعدة عسكرية أميركية خارج الولايات المتحدة، وطالب واشنطن بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع، في الخلاف الخليجي، مشددا على أن الدوحة ستصحح أي خطأ، إن وُجد.