استعرض تقرير «الشال» سوق النفط بين المدى القصير والطويل، وأشار إلى أن منتجي النفط التقليدي يقاتلون للحفاظ على مستوى أسعار دون نصف أسعار عام 2013. لكن، حتى هذا المستوى المتدني من الأسعار يبدو صعب المنال، فالاتفاق الأخير على تمديد خفض إنتاجهم حتى نهاية مارس 2018 أدى إلى ارتفاع الأسعار بنحو 10 في المئة، لكنها ما لبثت أن فقدت مكاسبها بحلول الأسبوع الفائت.

وتابع: «ساهم في الضغط على الأسعار تفاوت بنسبة الالتزام ما بين المتفقين، وساهم أيضا ارتفاع إنتاج دول خضعت لاضطرابات، وتعود حاليا إلى زيادة إنتاجها، مثل: نيجيريا وليبيا». وذكر أن الأهم، هو أن التقدم التكنولوجي أدى إلى خفض تكاليف إنتاج النفط غير التقليدي - الصخري، ما أدى إلى ارتفاع منصات حفره بنحو 513 منصة: 413 منصة نفط + 100 منصة غاز، ليبلغ عددها في 9 يونيو الفائت نحو 927 منصة، منها 741 منصة نفط، و185 منصة غاز، بعد أن كانت قبل عام نحو 414 منصة فقط.

Ad

الاعتماد على النفط

وقال «الشال»: ارتكبت الغالبية الساحقة من دول إنتاج النفط التقليدي خطيئة الإدمان في الاعتماد على النفط في زمن رواج أسعاره، وعند المستوى الحالي من الأسعار، باتت جميعها تحصل على أسعار دون أسعار التعادل في موازناتها، أي باتت سياساتها المالية غير مستدامة. ذلك يعني أنه بمرور الوقت، وزيادة عبء العجوزات المالية، وما تؤدي له من تآكل المدخرات وتراكم الديون السيادية، سوف يزداد عدد الدول التي تطلب استثناء لزيادة إنتاجها في أحسن الأحوال، وفي أسوأ الأحوال، لا يعود للاتفاق نفع.

وأضاف: لقد أصبح منتجو النفط التقليدي يفقدون أسواقا لمصلحة النفط غير التقليدي، ولا يحصلون على مكافأة بلوغ مستوى الأسعار المتواضعة التي استهدفوها، ما يقلل من تماسكهم، وربما يهدده في المستقبل.

ولفت إلى أن ما تقدم يلخص الوضع الحالي واحتمالات المدى القصير لسوق النفط، حيث لا تبدو واعدة، ومع ما ذكرناه في الأسبوع الفائت في تقريرنا حول الرؤى لسيناريوهات المدى الطويل غير الواعدة أيضا لسوق النفط، لا خيار سوى قيام كل دولة منتجة بتبني سياسات استباقية لاحتواء مخاطر المستقبل.

استهلاك الطاقة

وذكر التقرير أن المؤشرات كلها توحي بأن العالم يمر بمرحلة بداية فقدان النفط صدارته لمكونات استهلاك الطاقة، وهو أمر قد يستغرق عقودا من الزمن، لكن، خطيئة نفخ مستويات النفقات العامة أفقدت الاقتصادات المدمنة على النفط تنافسيتها، وباتت سياساتها المالية غير مستدامة، لأن مستويات أسعار النفط على المديين القريب والطويل لن تسعفها.

وأوضح أن ذلك كله يحمل الإدارات العامة في تلك الدول مسؤوليات غير مسبوقة، إدارات تحتاج إلى وعي استثنائي، وإلى تضحيات كبيرة، وحتى بافتراض توافر هذه المتطلبات، فإن بعضها فقط سيكون قادرا على الاستدامة، وبعضها الآخر سيفشل. وبيَّن أن الكويت، حتى هذه اللحظة، من الفئة الأولى القادرة على الخروج من أزمة كبرى بتكاليف محتملة، ذلك ما ترجحه الموارد، لكن مؤشرات وعي معظم الإدارة العامة غير متوافر. والكويت، والدول الواقعة في فئة القادرين على اجتياز الأزمة، ما يفصل بينها والسقوط في الفئة غير القادرة، هو عامل الوقت، فكل الدول ضمن الفئة الأولى مآلها السقوط ضمن الفئة الثانية، ما لم تبدأ إجراءات الجراحة في سياساتها المالية والاقتصادية مبكرا.