سلمان زيمان لـ الجريدة•: عشقت «الراديو» منذ الصغر (1 - 3)
كانت إذاعة الكويت المفضلة لدي... وتربيت على أصوات عوض دوخي ومصطفى أحمد وشادي الخليج
يعتبر الفنان البحريني القدير سلمان زيمان أحد أبرز نجوم الأغنية الخليجية الكبار، وهو يحترم ذاته وفنه، ولم يجامل أو يتنازل عن قيمه ومبادئه الفنية، فظل عطاؤه الغنائي راسخاً في الذاكرة نابضاً بالمعاني القيمة، هو فنان مبدع تجري في دمه العروبة والقومية، فسخر صوته وفنه للقضية الفلسطينية، مؤمناً بأن الفن يرتقي بالإنسان وفكره أينما كان.
* متى وأين ولدت؟- اسمي سلمان دعيج خليفة بن زيمان، مواليد 14 أغسطس 1954، ولدت في مستشفى "أم جان"، وهي "قابلة" أرمنية، وكذلك أخي الأكبر عبدالرحمن وأختي التي تصغرني مريم، أما بقية أشقائي فولدوا في البيوت، ترعرعت في حي شعبي بالمحرق، في فريج علي راشد فخرو بالمحرق جنوبي الملاصق لفريج بن هندي، والذي أطلق على هذا الفريج بعد ذلك فريج الحريجة، وكان في السابق يطلق اسم الفريج على كل بيتين أو ثلاثة.أحببت البحر، لأنه قريب منا، وليس أمامنا في طفولتي لتمضية أوقاتنا غير البحر ولعب كرة القدم، إضافة إلى ذلك كنا نرتاد سينما المحرق بين فترة وأخرى لمشاهدة الأفلام الهندية.ولله الحمد كانت طفولتي سعيدة، تربيت بين والدي، صدرهما حنون وواسع، يتسمان بطيبة لا مثيل لها، تعلمت منهما الكثير.* ماذا عن البيت "العود"؟- تفتحت عيني ونحن نسكن في منزل كبير اسمه بيت بن زيمان وبيت بن نبهان، لأننا عائلتان في هذا المنزل، عائلتنا تتكون من جدي وجدتي ووالدي وعمي مع الأبناء، والمنزل الذي لايزال موجودا اليوم لكن كوقف. وعشنا كأسرة واحدة في هذا البيت، والحوش والسطح مشترك بيننا، وطبعا كنا نربي بعض الحيوانات من أبقار وأغنام.* هل انتقلتم إلى منزل آخر؟- جدي رحمه الله بنى بيتا، فانتقلنا إليه، ويقع بجانب منزل بن نبهان يفصلهما ممر، وكنت أبلغ السابعة من عمري وقتذاك.* ما مدى تأثرك بوالدك دعيج زيمان؟- الأب غال جدا، ولا يعوض، علاقتي به حميمية جدا، قام بتربيتي مع إخوتي وشاركنا في كل شيء، تعلمنا منه التآزر والتواصل "الديمقراطية"، لا يفعل أي أمر إلا بعد أن يستشيرنا، ويحترم اختياراتنا، عندما سلكت طريق الفن لم يكن لديه أي تحفظ أو معارضة، وكذلك عندما أراد شقيقي دراسة الموسيقى، إنه سندنا، كان يعمل في "بابكو" على نظام "شفتات"، كما يتميز بالتصفير المنغم عندما يشتغل في البيت و"تيون" صحيح لبعض الجمل الموسيقية.* ماذا اكتسبت من خصاله؟- الطيبة، لكنني لا أستطيع الوصول إلى طيبته، وسعة الصدر، والتأني في اتخاذ القرارات، التعامل بود مع الآخرين واحترامهم بغض النظر عمن يكونون. * ... ووالدتك؟- تعلمت منها كيف تكون الشخصية قوية، والدي كان متسامحا، أما والدتي فحازمة، ما خلق توازنا جميلا. والأم لا يمكن تعويضها، تفقدها إذا خسرتها، هي موجودة في كل تفاصيل حياتي، وهي ملاذك إذا أردت الراحة النفسية أن تخفف عنك هما ما أو أن تأخذ جرعة من الفرح.لقد حفظت الأمثال منها، والقافية، لأنها رحمها الله حفظت الكثير من الأمثال الشعبية، فتختزل رأيها في أي موضوع بقولها مثل ما. * ما ترتيبك بين إخوتك؟- نحن تسعة أشقاء، عبدالرحمن الذي يكبرني بعامين، وأنا بعده، ثم مريم، وصالح، وشريفة، وخليفة، وبدرية، وشوقي، وسلوى، جميعهم لديهم علاقة بالموسيقى بشكل أو بآخر، سبعة منا متخصصون.* ما أقرب الإذاعات إلى قلبك؟- كنت مولعا منذ الصغر بجهاز "الراديو"، فكنت أستمع إلى الأخبار واطلع على آخر مجريات الأمور السياسية في العالم العربي، وفي الوقت نفسه استمع إلى الأغنيات العربية والخليجية المختلفة، بأصوات كبار الفنانين فتربيت على صوت عمالقة الفن الكويتي مثل عوض دوخي، مصطفى أحمد، غريد الشاطئ، شادي الخليج، وحسين جاسم، إضافة الى جارة القمر فيروز وأعمال الرحابنة.فقد كانت إذاعة الكويت هي المفضلة لدي، إنني متابع جيد لها، لدرجة معرفتي بكل مواعيد برامجها، أما الليل فاستمع إلى إذاعتي بغداد ودمشق.
* ما الأغنيات التي كنت تعشقها؟- عشقت الأغنيات الهندية وإيقاعاتها المختلفة، ورددتها كثيرا، لكنني لا أعرف معناها، وكنت أوفر من مصروفي اليومي حتى أستطيع شراء أحدث الاسطوانات الهندية، وكان سعرها في ذلك الوقت 3 دنانير للنسخة الأصلية.* ماذا عن دراستك النظامية؟- دخلت المدرسة الشمالية الابتدائية في المحرق، وأخيراً تغير اسمها إلى مدرسة عمر بن الخطاب وكان عمري سبع سنوات، أي عام 1961، وفي مرحلة الإعدادية انتقلت إلى مدرسة الهداية الخليفية.وفي عام 1969 دخلت مدرسة المنامة الصناعية، وكانت المدرسة الصناعية الوحيدة، أذهب إليها بواسطة الباص أو السيارة لأنها بعيدة عن منزلي، وتخصصت فيها آلات وبرادة (مخرطة)، تخرجت فيها عام 1973.* هل توظفت بعد المدرسة الصناعية؟- نعم اشتغلت لمدة عام كرسام صناعي في وزارة الأشغال، وكان عددنا كرسامين تقريبا 12 موظفاً غالبيتهم من الجنسيتين الهندية والباكستانية وواحد فقط بحريني، كانوا يغنون الأعمال الهندية وكنت أغني معهم، ومكتبنا لا يخلو من الغناء سواء كان هندياً أو عربياً، وكنت معلقاً بالأغنيات الهندية قبل عملي هنا، وهذا ما عزز عشقي لهذه الأعمال، فتعرفت على الجديد.* أين أكملت دراستك الجامعية؟- بعد عام من العمل في الأشغال، استكملت دراستي الجامعية عام 1974، حيث تم قبولي في بغداد، فدرست الهندسة الميكانيكية في جامعة التكنولوجيا مدة ثلاث سنوات، ثم عدت على البحرين، واشتغلت لدى شركة "أسري" في بناء وإصلاح السفن لمدة 7 سنوات، بعدها أتيت إلى الكويت ودخلت مجال الفن، وبقيت فيها حتى ديسمبر 1987.بعد ذلك عدت إلى البحرين وعملت في مجال التدريس الموسيقي، لمدة 20 عاماً، وفي عام 2010 تقاعدت عن العمل، والآن أنا متفرغ أمارس نشاطي الفني بشكل مكثف.* متى تزوجت؟ - تزوجت عام 1979، بعد ستة أشهر من طرحي شريطي الأول "أقبل العيد"، وسكنت في المحرق، لقد تعرفت إليها في محيط العائلة، وكانت قريبة من شقيقاتي.* ما عدد أبنائك؟- الله يحفظهم ثلاثة، الأكبر هو سلام مواليد ديسمبر 1981، وأيمن يناير 1985، ودعيج ديسمبر 1992.* هل دخلوا المجال الفني؟- ابني سلام منذ نعومة أظفاره، وفرت جانبا له ليتعلم الموسيقى، فكنت أول من درسه، وكان تجاوبه جميلا، وبدأنا ذلك في الكويت، اشتريت له آلة أورغ في البداية ثم تطور فجلبت له البيانو، وقد أبهرني بحاسة السمع الحساسة والدقيقة جدا، لدرجة أنه كان يعزف أغنياتنا، وأعمال هدى عبدالله، وكل ما يسمعه قادر على عزفه، وعندما عدنا إلى البحرين، تولى المهمة شقيقي خليفة، بحكم أنه متخصص، ودفعه خطوات إلى الأمام في البيانو، وفي عام 1991 قدمنا مهرجاننا الثاني وكان سلام عازفاً معنا، حيث عزف مقطوعة في منتصف الحفل، واستمر معنا في المهرجانات التالية. وفي عام 1994، شارك معنا في أمسية ضمن أنشطة مهرجان القرين الثقافي في الكويت، ووصل سلام إلى مرحلة رهيبة في العزف من دون نوتة، ثم تولع بموسيقى الجاز، من خلال استماعه إلى فنانة من أرمينيا تدعى عزيزة مصطفى، وهي تعزف في أوروبا وأميركا وكان لها "ستايل" مختلف جداً وقريب من الشرقي، فطلبت له كل أسطواناتها المدمجة، ولاحترافيته أقيمت حفلة قدم فيها مقطوعتين موسيقيتين لعزيزة مصطفى مع فرقة البحرين للموسيقى، وكان حينها طالبا في الجامعة وقد تخصص بحوث وإحصاء. والآن سلام هو عازف البيانو الأساسي في فرقة البحرين للموسيقى، وموظف في شركة اتصالات.* ماذا عن ابنك الأوسط؟- أيمن تعلق بالموسيقى، منذ الصغر أيضا، برفقة سلام والفارق بينهما ثلاث سنوات، يعزف الموسيقى بطريقة جميلة، لكنه لم يكن صبورا في التدريب، وواصل الاستماع والعزف على آلتي الغيتار والعود، إضافة إلى الإيقاعات إلى ان تخرج من التوجيهي، بعدها فاجأني بنيته الدراسة في المعهد العالي للفنون الموسيقية بالكويت، فسافر للدراسة ومعه بدر ابن أختي مريم، ثم لحق بهما بعد عامين زياد ابن أخي خليفة، وأنهوا دراستهم وأصبحوا مدرسي موسيقى. وزياد يعتبر جوكر ففي أي مكان يقود فرقة ويوزع الموسيقى ويعزف صولوهات على العديد من الآلات الموسيقية، وحرصت على تعليم أيمن كيفية تصليح البيانو، وعمل الدوزان له، وأصبح الآن تقني بيانو محترفا، يعتمد عليه الموسيقيون في الحفلات بالبحرين.وكون أيمن مع رفاقه أثناء دراسته في الكويت فرقة اسمها (KB) تعني الكويت والبحرين، تتكون من أربعة أعضاء كويتيين وبحرينيين، وأصدرت ألبوماً وأحيت العديد من الحفلات، لكنها توقفت بعد تخرجهم، رغم نجاحها، خسارة... لقد تمنيت استمرارها.* ماذا عن آخر العنقود؟- دعيج تعلق بالموسيقى والعزف، لكن لديه مؤلفات موسيقية، لا يحب ان يسمع أعماله لأحد إلا أنا، فهو متحفظ شيئا ما على هذا الموضوع، إن شاء الله ينزاح هذا التحفظ وتخرج مؤلفاته حتى لو كان ذلك ضمن محيط العائلة. درس هندسة طيران، ثم انتقل إلى الهندسة الميكانيكية، وهو الآن في السنوات الدراسية الأخيرة بجامعة البحرين.شكلت طفولته ملامح شخصيته، ولعب والده دوراً كبيراً في صقل شخصيته واعتزازه بقوميته ووطنه، قدم للساحة الفنية أعمالا جميلة وذائقة فنية تلذذ في سماعها الكثير من محبي الفن والتجديد، بينها «يا مقلة عيني» و«هيفاء» و«الطائر الهيمان» و«أم الجدائل» و«أبو الفعايل» و«ولي في ربوع الشمال»، إضافة إلى غنائه اللون العدني من أعمال القامة الفنية كرامة مرسال، مثل «الحب أسرار» و«كان ذا أول» و«أحلى الليالي» و«بعدت عني». وأسهم في تأسيس فرقة أجراس، التي حققت انتشارا في منطقة الخليج والشام وفلسطين المحتلة، حيث انبرت في تقديم جملة من الأعمال ذات القيمة والبصمة الفنية.في الحلقة الأولى، يتناول زيمان «بو سلام» سيرته الذاتية، فقد ولد في مستشفى القابلة الأرمنية أم جان، عام 1954، في المحرق، وجاء ترتيبه الثاني في العائلة بعد أخيه الأكبر عبدالرحمن، تعلم من والده «الديمقراطية» التي مارسها معه في اتخاذ أي قرار، ومن والدته الشخصية القوية، وحفظ منها الكثير من الأمثال الشعبية.تزوج عام 1979، بعد طرح شريطه الأول، وله ثلاثة أبناء أكبرهم سلام، ثم أيمن ودعيج، وكل واحد منهم دخل المجال الموسيقي... حول التفاصيل دار هذا الحوار:
شقيقه الأكبر أول من أدخل آلة موسيقية للمنزل
ذكر سلمان زيمان أن شقيقه الأكبر عبدالرحمن هو أول من أدخل آلة موسيقية إلى البيت، وكانت آلة الكمان، وخرج معه وهما في سن صغيرة وركبا «البست» (الباص) متجهين من المحرق إلى المنامة، وهناك ممر بجانب البلدية اسمه مسقف، فيه محل «صوت وصورة» ومتجر «روما»، وثمة محل يبيع آلات موسيقية وأسطوانات فاختار عبدالرحمن آلة الكمان، وصاحب المحل عزف عليه أمامهما، وذهبا إلى البيت كي يعزفا عليه بالطريقة نفسها. لكن لم يستطع أي منهما العزف عليه لصعوبته، فكيف يعزف من دون معلم، أو من خلال صديق يجيد العزف على هذه الآلة، كما أن بقية الأشقاء لا يعرفون أسرارها، فتم ركن الآلة على الرف. وأثناء دراسة سلمان زيمان في المرحلة الثانوية، راح يعمل في العطلة الصيفية وادخر مبلغاً من المال لشراء آلة إيقاعية «درام سيت» التي كانت تغريه، وذهب إلى المحل ليفاجأ بأن سعرها 45 دينارا بحرينيا، وهو أكثر مما ادخره في الصيف، فاشترى «غيتار» بمبلغ 17 دينارا وذهب إلى المنزل ومعه هذه الآلة الموسيقية، وكان يعزف على وتر واحد لعدم قدرته على ضبط الأوتار الأخرى، إلا أن النغمات التي تخرج منه لها مفعول ساحر لديه، وصار يردد ما حفظه من أغنيات هندية وعربية. وكانت تلك نقطة التحول في حياته وبداية مشواره الفني.
في طفولتنا لم يكن أمامنا سوى لعب كرة القدم والبحر وارتياد سينما المحرق
نحن تسعة أشقاء وترتيبي بينهم الثاني بعد عبدالرحمن
درست في مدارس «الشمالية» و«الهداية» و«المنامة الصناعية»
حفظت من والدتي الأمثال الشعبية القديمة والقافية
أحببت الأغنيات الهندية وإيقاعاتها ورددت كلماتها
عملت رساماً صناعياً في وزارة الأشغال مدة عام
نحن تسعة أشقاء وترتيبي بينهم الثاني بعد عبدالرحمن
درست في مدارس «الشمالية» و«الهداية» و«المنامة الصناعية»
حفظت من والدتي الأمثال الشعبية القديمة والقافية
أحببت الأغنيات الهندية وإيقاعاتها ورددت كلماتها
عملت رساماً صناعياً في وزارة الأشغال مدة عام