في الفصل الأخير من معركة تحرير مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، شمال العراق، من تنظيم "داعش"، الذي سيطر على ثاني مدن العراق وأكبر تجمع حضري سني في البلاد منذ عام 2014، بدأت القوات العراقية صباح أمس، عملية اقتحام المدينة القديمة في الوسط التاريخي حيث يتحصن آخر عناصر التنظيم.

وفيما يبدو أنه سباق مع الوقت بعد إعلان الحكومة أن المدينة ستتحرر قبل نهاية شهر رمضان، أعلن كل من قائد عمليات "قادمون يا نينوى" الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله، وقائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، في بيانين منفصلين، انطلاق الهجوم على المدينة القديمة.

Ad

وأوضح ضابط من قيادة عمليات "قادمون يا نينوى" أن "الضربات الجوية التمهيدية بدأت عند منتصف ليل السبت ـــ الأحد تقريبا. وبدأت قوات الأمن اقتحام أجزاء من البلدة القديمة فجرا".

وبسيطرة القوات الأمنية على المدينة القديمة حيث لا يزال يوجد نحو مئة ألف مدني وفق الأمم المتحدة، يخسر تنظيم "داعش" كامل الموصل آخر أكبر معاقله في شمال العراق.

وتشن القوات العراقية منذ أكتوبر الماضي عملية عسكرية واسعة لطرد التنظيم من الموصل، وهي آخر المعاقل الكبيرة للتنظيم، واستعادت في يناير الماضي السيطرة على الساحل الأيسر لنهر دجلة الذي يقسم المدينة.

وكانت القوات العراقية قد تمكنت، أمس الأول، من السيطرة على المجمع الطبي في الساحل الأيمن من المدينة. وقال قائد الشرطة الاتحادية العراقية الفريق رائد جودت، أمس، إن وحدات من الشرطة الاتحادية توغلت في شمال حي الشفاء (شمال المدينة القديمة)، واستعادت السيطرة على مبنى المجمع الطبي ومصرف الدم، موضحا أن هذه العملية أسفرت عن قتل 19 من مسلحي "داعش" وتدمير ست عجلات مفخخة وأربع دراجات نارية.

وأشار جودت إلى أن القوات أصبحت على بعد 100 متر فقط من ضفة نهر دجلة، مضيفاً أن قطعات الشرطة الاتحادية تنشر أسلحتها المضادة للمركبات المفخخة وعشرات القناصين على أسطح المباني، في حين تتقدم وحدات خاصة لتطويق مستشفى الجمهوري تحت قصف صاروخي مكثف، مما أسفر عن تدمير أماكن لتدريب الإرهابيين وخمسة مواضع للرشاشات الاحادية.

ولفت إلى إرسال تعزيزات كبيرة من الآليات القتالية وناقلات الجند الى مناطق "باب جديد"، و"باب سنجار" تمهيدا لمعركة تحرير جامع النوري الذي أعلن منه زعيم "داعش" أبوبكر البغدادي قيام "دولة الخلافة" في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في العراق وسورية.

العبادي

على صعيد آخر، يبدأ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اليوم جولة في المنطقة تشمل السعودية والكويت وإيران. ويبدأ رئيس الحكومة جولته من السعودية حيث يقيم الاثنين، ويتبعها بزيارة الى إيران غدا، قبل أن يتوجه الى الكويت الاربعاء.

وأكد العبادي، الذي قاوم دعوات قوية من حلفاء طهران لإلغاء زيارته للرياض انتهت بحل وسط يتضمن مروره على طهران في نهاية الجولة، عن وجود "رغبة قوية لدى القيادة السعودية للانفتاح على العراق ظهرت بوادرها منذ عام 2015 حيث كان مقررا أن يقوم وزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل بزيارة العراق وأن يشرف على إعادة افتتاح السفارة السعودية في بغداد إلا أن وفاته حالت دون ذلك".

وقال العبادي، خلال لقاء مع جمع من الصحافيين مساء أمس الأول عشية الجولة، إن "الجانب السعودي أبدى استعداده لاستقبال رجال أعمال عراقيين للاستثمار في المملكة كما يرغب هو في الاستثمار داخل العراق وتحديدا في مناطق بادية العراق".

وحول جولته، أكد العبادي أن الجولة كانت مقررة منذ فترة طويلة، مبينا أن "الهدف منها هو بناء علاقات جديدة مع دول الجوار مبنية على الالتقاء لا العداء".

كما أكد أن حكومته "ماضية في سياسة الابتعاد عن المحاور، ولن تصطف مع جهة ضد أخرى، ولن تسمح باستخدام أراضيها للعدوان على أي من دول الجوار".

ولفت رئيس الوزراء العراقي إلى وجود مشتركات بين العراق ودول الجوار تتعلق معظمها بضرورة محاربة الإرهاب، مؤكدا أن معظم تلك الدول لديها مخاوف حقيقية من امتداد الإرهاب اليها، الأمر الذي يستدعي تعاونا مشتركا لمواجهته.

ما بعد «داعش»

وقال العبادي إن حكومته وضعت شعارا للمرحلة المقبلة هو "التنمية ومحاربة الفساد وعدم السماح للإرهاب بالعودة الى العراق"، بعد انتهاء عمليات تحرير المدن من قبضة "داعش"، ورأى أن "هذا الهدف لن يتحقق إلا بالقضاء على كل حواضن الإرهاب، وأن يشعر المواطنون بأنهم متساوون أمام الدولة، فضلا عن تفعيل الجانب الاستخباري".

الكويت

وعن زيارته المقررة الى الكويت، أكد العبادي أن هدفها هو "الدفع بالعلاقات بين البلدين الى الأمام"، مضيفا أن العلاقة بين البلدين تطورت بشكل كبير، وأن حكومته تسعى للحفاظ على هذا المستوى من التقدم.

ولفت الى أن هناك عدداً من الملفات التي سيتم بحثها خلال الزيارة من بينها مسألة التعويضات التي طالبت بلاده بتأجيل دفعها أكثر من مرة، وقد استجاب الجانب الكويتي.

مؤتمر المانحين

وحول ملف مؤتمر المانحين للعراق الذي كان مقررا إقامته في الكويت، أوضح العبادي أن انخفاض أسعار النفط في الأشهر الاخيرة تسبب في إرجاء المؤتمر عن موعده المفترض في شهر أغسطس الماضي.

وبين أن حكومة بلاده تحاول اليوم إعادة النظر في الفكرة بمجملها لأن إيجاد مانحين في الظرف الراهن أمر ليس بالسهل.