Ad

يعتبر الفنان البحريني القديرسلمان زيمان أحد أبرز نجوم الأغنية الخليجية الكبار، الذي يحترم ذاته وفنه، ولم يجامل ولم يتنازل عن قيمه ومبادئه الفنية، فظل عطاؤه الغنائي راسخاً في الذاكرة نابضاً بالمعاني القيمة.

هو فنان مبدع تجري في دمه العروبة والقومية في دمه، فسخر صوته وفنه للقضية الفلسطينية، مؤمناً بأن الفن يرتقي بالإنسان وفكره أينما كان.

فنان شكلت طفولته ملامح شخصيته، ولعب والده دوراً كبيراً في صقل شخصيته واعتزازه بقوميته ووطنه، قدم للساحة الفنية أعمالاً جميلة وذائقة فنية تلذذ في سماعها الكثير من محبي الفن والتجديد، من بينها «يا مقلة عيني»، و«هيفاء»، و«الطائر الهيمان»، و«أم الجدائل»، و«أبوالفعايل»، و»ولي في ربوع الشمال»، إضافة إلى غنائه اللون العدني من أعمال القامة الفنية كرامة مرسال مثل «الحب أسرار»، و«كان ذا أول»، و«أحلى الليالي»، و«بعدت عني».

أسهم في تأسيس فرقة أجراس، التي حققت انتشارا في منطقة الخليج والشام وفلسطين المحتلة، وانبرت في تقديم جملة من الأعمال ذات القيمة والبصمة الفنية.

في الحلقة الثانية يروي زيمان «بوسلام» علاقته المبكرة بالموسيقى من خلال طبل (القرقاعون) الذي يتم تصنيعه في البيوت خلال شهر رمضان، وتحققت أمنيته بالحصول على طبلة أم قمرين وهو في المرحلة الإعدادية، التي كانت هدية نجاحه، وبعدها بفترة وفر مبلغاً من المال ليشتري أول غيتار.

ثم انتقل إلى الحديث عن خوضه غمار كتابة الأغنيات، من خلال ثلاثة أعمال في ألبوم خاص يحمل عنوان «أمنيات أطفال»، الذي نال نصيبه من الانتشار في البحرين ثم السعودية والإمارات.

... حول التفاصيل دار هذا الحوار:

• متى انجذبت إلى صوت الإيقاع؟

- إن علاقتي بالموسيقى بدأت مبكراً جداً، فكان يجذبني صوت الإيقاع، ولعل طبل (القرقاعون) أو القرقيعان عند الكويتيين بشكل خاص يتم صنعه في شهر رمضان، أشعل بداخلي حب الفضول والتمسك بهذه الآلة، حيث تابعت بشغف كيفية صنع هذه الإيقاعات ودبغ جلودها وربطها، ما شكل ذلك علاقة بيني وبين الإيقاع. حتى في بعض الأحيان شاركت عازفاً على "الكونغا" وآلات إيقاعية أخرى مع فرقة أجراس مثل أغنية "يا الأغبر"، أو "نار النشامي"، وهو لحن طنبورة توفق فيه أخي خليفة، والعمل من كلمات الشاعر علي عبدالله خليفة، وهو من أحد دواوينه الشعبية، ولم تقتصر مشاركتي فقط في العزف بل حتى في الكورال.

• ما حكاية طبلة أم قمرين؟

- طلبت في أحد الأيام من والدي أن يشتري لي طبلة إذا نجحت في الأول الإعدادي، وحقق أمنيتي بعد أن اصطحبني معه إلى سوق المنامة ليشتري "طبلة أم قمرين"، وكانت أول آلة موسيقية أمتلكها. وبعد مرحلة لاحقة جمعت مبلغاً من المال لشراء الغيتار.

• كيف انضممت إلى "نجوم الخليج"؟

- أثناء دراستي في بغداد التقيت بعازف الكمان الفنان محمود حسين، الذي كان يكمل دراسته في الكويت، وتوطدت العلاقة بيننا إلى أن انضممت إلى فرقة "نجوم الخليج" كعازف غيتار، وكان ذلك في عام 1974.

• هل بدأت مبكراً في كتابة الأغنيات؟

- هذا صحيح، كتبت عام 1981، أغنيات للأطفال، منها "بالحب السامي تلقانا/ نعزف ألحاناً ألوانا" من ألحاني، و"اعشق السلام" من ألحاني، "أنا طفل فلسطيني عربي" ألحان علي الديري، "قبلتني أمي" ألحان إبراهيم علي، أصدرناها ضمن ألبوم يحمل عنوان "أمنيات أطفال" الذي احتوى أيضاً على أغنيات "السلحفاة"، و"السمكة"، "النحلة" من كلمات الشاعر خيري عبدربه وألحان الفنان إبراهيم علي. هذه الأعمال لم تأخذ فرصتها كي تنتشر بشكل واسع، جئنا إلى الكويت لتوزيعه، لكن الموزع لم يسوقه بالشكل المرغوب وتركه على الرف، أما في البحرين فقد نال نصيبه من الانتشار، ووصل إلى السعودية والإمارات. ثم كتبت ولحنت أغنية "هيفاء"، و"يا مقلة عيني".

• ما هي قصة "هيفاء"؟

- كنت مسافراً، وبعيد عن زوجتي أم سلام، رغم أننا تزوجنا حديثا في تلك الفترة، والمعروف ان هيفاء تعني البنت الجميلة، ذات القوام، كتبت هذه الأغنية ولحنتها في نفس الوقت، عبرت فيها عن الحب والشجن في إعادة اللقاء، أما "يا مقلة عيني" فهي قصيدة حب لكنها ليست محددة لشخص معين، ولله الحمد نجح العملان وقد أتيا مباشرة بعد الشريط الأول.

• حققت شهرة واسعة في اللون العدني لكن كيف اتخذت طريقاً مغايراً؟

- دار بيني وبين نفسي تساؤل، هل سأواصل غناء الأغنيات العدنية، لأن الشريط الأول حمل على متنه هذه النوعية، من أوله إلى آخره، وتم إصداره بعد أن ساعدتني بعض الظروف لإظهاره. حيث وجدت نفسي من حيث لا أعلم بأنني مغن، والناس تسمع لي، وأحبت هذا اللون الغنائي، ولم أكن مخططاً لهذا الأمر، وهناك هاجس أن أصبح مغنياً، إنما مصادفات كثيرة جاءت تواءمت وتلاءمت لأن يحدث ذلك.

لذا صارعت نفسي، حول موضوع الاستمرارية في مجال الغناء، لكن هل بالطريقة ذاتها؟ كان في الساحة الكويتية بعض الشباب يغنون الأعمال العدنية، وبشكل مستمر شريط بعد شريط.

فدرست إلى أين وصل هؤلاء؟ نهاية المطاف ستصبح مطربا للجلسات الشعبية، وحفلات الأعراس.

وجدت أن ثمة رسالة للفنان، ولابد أن يقتنص الفرصة، وأن يصنع له خطاً خاصاً به، ليس هلامياً، بل واضح أن يغني اللون العدني ولكن ما هو مساره الفني، وهذا ما دفعني إلى ماذا أكتب؟ وأي من القصائد أنتقي، كي ألحنها. فترجمت بعضاً من مشاعري في صياغة الكلمات ومن ثم لحنتها.

• ماذا فعلت؟

- كتبت "هيفاء"، التي حصدت رد فعل إيجابي، كما أن البعض لديه هذا الاسم ضمن أفراد العائلة، وقد حدثني شخص كويتي الذي فقد ابنته هيفاء، تأثر كثيراً بالأغنية، فكانت تلك خطوة جريئة ومهمة في مشواري الفني.

ثم كتبت ولحنت "يا مقلة عيني"، وزميلي في الفرقة علي حيدر كتب أغنية "الطائر الهيمان"، وإبراهيم علي لحنها، فأصبحت لدي ثلاث أغنيات خاصة فيني، لم أقتبسها من أحد، وقلت ان هذه الخطوة مهمة جداً، وفي نفس الوقت ألا أقفز عن الأغنيات السابقة، فأضفت إليها ثلاثة أعمال عدنية هي "الحب أسرار"، و"كان ذا أول"، و"بعدت عني وبعدت عنك". فاحتوى الوجه الأول من الشريط على أغنياتي الخاصة، والوجه الثاني على العدنيات.

• كيف استقبل الجمهور الشريط الثاني؟

- وردتني بعض الانطباعات من المتلقين غير راضية عن أغنياتي الخاصة، طالبة مني الاستمرارية في اللون العدني والفن اليماني الذي نجحت فيه، هذا بعد أن حرصت على أن يكون النصف الأول من أعمالي والثاني عدني، أردت أن يسمع الجمهور ما أردت قوله في أعمال مغايرة، وقد لاقت تأييداً من البعض الآخر في هذا الخط الجديد، وهذا ما أسعدني، فبحثت عما سأقدم في الأشرطة التالية، أطلقت من خلالها "أم الجدائل"، و"اعتذار"، و"لي في ربوع الشمال"، و"أبو الفعايل".

• لماذا كتبت أغنية "خيرتي الكويت"؟

- كنت في حيرة من أمري ماذا سأصنع، فلم أعثر على نصوص أجد نفسي فيها، فاجتهدت على مدى يومين، وكتبت كلمات أغنية عن الكويت، ثم شرعت في تلحينها، وبعد ذلك تم تنفيذها، قبل يومين من حلول العيد الوطني للكويت، ولله الحمد لاقت القبول والنجاح لدى الجمهور.

• لماذا قدمت أغنية الأم؟

- كتبت هذه الأغنية لأمي الحبيبة وللأمهات في كل أنحاء العالم، الأم هي كل شيء في هذه الدنيا، والأمان والاطمئنان والحب والود، لا يوجد شيء يعوضها.

وقد أصدرت هذه الأغنية المنفردة في مارس العام الحالي، من كلماتي وألحان إبراهيم علي الذي لحن لي أغنية "الطائر الهيمان"، تقول كلمات الأغنية: "قبّلتني أمي يوما في صباح بانشراح/ بلبلاً يشدو لأطفال صغار/ لعبة تهدى لطفل مارحاً بين الحقول/ يلهو يمرح يعدو يفرح طائراً بين الزهور/ وتر يروي حكايات النسيم أطرب النجم الحزين/ شمعة تطفأ في عيدك الحبيب تبتهج فيه الأماني والقلوب/ يمحو الهم ويبعث الحياة حبك ملء السماء/ احضني السهل وموج البحر أمل يغدو الشعور/ حلم حبي حلم حبي يعانق الأشجار".

موقف محرج

• هل تعرضت لموقف طريف أو محرج؟

- من المواقف الطريفة والمحرجة في آن واحد، التي حدثت معي أثناء زيارتي للكويت، حيث كانت آخر زيارة لي في 2012، توفر معي مبلغ من العملة الكويتية، وأتيت في شهر مارس 2016، ومعي هذا المبلغ كي أستخدمه، وأقمت في أحد الفنادق على البحر، واستخدمتها في "البقشيش" للعمال، ويوم سفري ذهبت مع صديقي إلى محل لشراء بعض الأشرطة، فانتقيت ما أردته، فدفعت عشرين ديناراً، قال لي البائع لقد تم وقف التعامل مع هذه العملة النقدية فسألته لماذا؟ أجابني لقد تم تغييرها بإصدار جديد، وكنت قد صرفت عند الصرافين العملة البحرينية إلى الكويتية، وقلت له اختر الإصدار المعتمد، فوقعت في إحراج شديد حينما تذكرت العمال المساكين، وهذا كان من المواقف المحرجة التي لن أنساها، وأتمنى من العمال والموظفين أن يغفروا لي ما حدث فهو من غير قصد.

مارس لعبة كرة القدم في نادي الجيل

تميز سلمان في طفولته بحبه وولعه بكرة القدم، وكان البحر صديقه المفضل، وانعكس بشكل كبير على هدوئه وشخصيته وتأمله الدائم، وكان الإبداع مرتبطا معه منذ الصغر، فكان يلحن ويؤلف كلمات المنولوجات التي كان يقدمها لنادي الجيل الرياضي والثقافي في نفس الوقت، من بينها منولوج ليوم المرور في البحرين، ومنولوج "طق المطر يا خالي/ طق وخربلي داري/ رحت أدور على سميت/ قالولي السميت غالي".

وكان لاعباً أساسياً في فريق كرة القدم كظهير ومعه في خط الدفاع راشد الختال، وعلي الحسن المقلب بـ"شلح" وراشد سند.

وشارك ممثلاً أيضاً في المسرحيات التي يقدمها قسم الموسيقى والمسرح في النادي، معه إبراهيم الصايغ وعبدالإله.

كما كان يقوم بتأليف الشيلات الرياضية وغنائها فور انتهاء كل مباراة ويؤدونها في باص (قمبر) السائق الذي كان يقلهم من مكان إلى آخر. وفي مباراة الجيل مع الدير وفاز فريقه بأربعة أهداف مقابل هدف من ضربة جزاء لهم، ألف حينئذ الشيلة التالية: "غالبين غالبين أربعة واحد واحد بلنتي" ولا هو لا يعلم كيف انتشرت في كل مكان.

مريم درست الفنون المسرحية وخليفة الفنون الموسيقية

يقول الفنان سلمان زيمان إن شقيقه المايسترو والموسيقي خليفة قد دخل الفن مبكراً، درس في المعهد الموسيقى منذ أن كان في الصف الثاني الإعدادي، مدة سبع سنوات، وحصل على الثانوية العامة في المعهد الموسيقي، ثم على بكالوريوس المعهد العالي للفنون الموسيقية في الكويت- تخصص تأليف عام 1987، هو الآن قائد فرقة البحرين للموسيقى.

أما شقيقته مريم "أم بدر"، فقد درست في المعهد العالي للفنون المسرحية في قسم التمثيل والإخراج المسرحي في الكويت، وهي من اختارت هذا المجال بنفسها، ودرست بجد واجتهاد، وبعد تخرجها عام 1981 عادت إلى البحرين، وأسهمت في نهضة الدراما البحرينية.

وأشار زيمان إلى أنه يوجه لأخته النقد الإيجابي على أعمالها المسرحية أو التلفزيونية، وتشجيعها بالتربص إلى الجمل والمواقف الجميلة، وما يحفزها على تقديم الأفضل، مثل أدائها اللافت في السهرة التلفزيونية "أم ناصر" ومسلسلات "فرجان لول"، "البيت العود"، "حزاوي الدار"، "ملفى الأياويد"، "سعدون"، فهي ممثلة متميزة وراقية وتختار بعناية أدوراها، إلى جانب أدائها الغنائي الجميل حيث بدأت مع فرقة أجراس، وقد لحن زيمان أغنية خاصة لها بعنوان "لا نستطيع".

يعد الفنان سلمان زيمان هو الأب الروحي في الفن لأشقائه وشقيقاته، وخير داعم لهم، وهذا ما يؤكدونه بأنفسهم عبر مقابلاتهم الإعلامية، حيث قالت مريم إن سلمان خلق فيها حب الناس والإنسانية، والإخلاص والالتزام وتقديم الفن الهادف، على الرغم من كونها في مجال التمثيل فإنها تسير على خطاه.