شهر رمضان فرصة ثمينة للتقرب من الله تعالى بالإكثار من الطاعات والارتقاء بالذات وتغيير السلوكيات السلبية، ونشر ثقافة التسامح والحث على التآلف والتآخي وتعزيز العلاقات بين أفراد المجتمع المجسدة لتلاحم المجتمع وتماسكه، المجتمع القطري يمر بظروف دقيقة تتطلب منا جميعا التكاتف والتعاون مع الأجهزة المعنية بالمحافظة على النظام.إننا نشهد في هذا الشهر الفضيل ونحن في العشر الأواخر، وفيها ينشط المسلمون في كل مكان بالتوجه إلى الله تعالى بالطاعات والدعاء ابتغاء رضوان الله تعالى، اللدد في الخصام والقطيعة من إخوة أشقاء بسبب خلافات على أمور كان يمكن الوصول إلى حلول توافقية تجنبنا، شعباً خليحياً واحداً، آثارها السلبية، وفِي هذا السياق، علينا أن نثمن جهود صاحب السمو أمير دولة الكويت والتي ندعو المولى تعالى ونحن في هذه الليالي المباركة، أن تثمر وأن يصفّي ما في القلوب ويهيئ السبل لجمع الأشقاء على التعاون لما فيه مصلحة واستقرار دولنا ونبذ الفرقة وما يؤدي إلى قطع صلة الأرحام.
في المقالة السابقة تناولت إحدى الظواهر السلوكية السلبية، وهي ظاهرة الإسراف الرمضاني في وقت يتطلب من الجميع أن يكونوا على مستوى المسؤولية بترشيد الإنفاق وزيادة الإنتاج وضبط هدر الموارد في الماء والكهرباء والطاقة، بحيث أصبحت فاتورة استهلاك رمضان هي الأعلى، وهو أمر ينافي أهداف الصيام ومقاصده، واليوم أتناول موضوعاً آخر، هو ظاهرة الازدحام المروري في رمضان، فمن يتأمل السلوكيات العامة لقيادة السيارات يجد سلوكيات مرورية غير منضبطة وبخاصة بعد الإفطار تتسبب في تعطيل مصالح الناس وكثرة الحوادث المرورية وزيادة المخالفات، كالوقوف في الممنوع ووسط الطريق أو التزاحم على محال المطاعم وقت السحور، وهذه أمور تتنافى مع مقاصد وأهداف الشهر الفضيل كما لا تتناسب وطبيعة الظروف الاستثنائية التي نمر بها، بل إن الملاحظ أن المخالفات المرورية تتزايد في هذا الشهر لدرجة تعريض حياة الناس للخطر بحجة اللحاق بالإفطار، ومنهج الإسلام واضح ومعروف في معالجة هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر والتصرفات التي تعود بالضرر على الناس، فالقاعدة الشرعية تقول، لا ضرر ولا ضرار، ومن يتسبب في مثل هذه الحوادث المسببة للأضرار، فإنه آثم ويرتكب جرماً عظيماً إذا تسبب في إلحاق الأذى بالآخرين بل يتضاعف هذا الإثم أضعافاً مضاعفة، إذا تسبب في جرح أو عاهة، فكيف إذا أدى تصرفه المتهور إلى الوفاة؟ما العمل لمواجهة هذه الظاهرة؟ أولا: توعية الناس بأن الذي يعطل حركة المرور بحجة أداء الصلاة أو اللحاق بالإفطار أو شراء السحور فإنه آثم، وبخاصة إذا تسبب في حوادث أو عرقل سيارات الإسعاف والدفاع المدني والشرطة فإن إثمه يتضاعف.ثانياً: على مؤسسات الدولة وأجهزتها عدم التساهل في تطبيق القانون بحزم وجدية على المخالفين، وعليها عدم الاعتداد بأعذار الصيام والعبادة كمسوغات للتهرب من تطبيق القانون، ويبدو أن البعض يستمرئ المخالفات في الشهر الفضيل ظناً أن الشرطة لن تخالفهم لأنهم في شهر العبادة والتسامح والرحمة، وهذا ما يدفعهم إلى عدم التقيد بالنظام، ولكن يجب توعية هؤلاء وتصحيح هذا المفهوم لديهم عن طريق الحزم في تنفيذ القانون.ثالثاً: أهمية التوعية بحق الطريق، وهنا يأتي دور الخطباء في رمضان لتوعية المصلين بحق الطريق، فمن يتسبب في عرقلة المرور وإلحاق الأذى بالناس فإنه آثم، وفِي آداب الطريق يحثنا الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا يا رسول الله، ما لنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها فقال صلى الله تعالى عليه وسلم، فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقه، قالوا وما حق الطريق؟ قال، غض البصر وكف الأذى ورد السلام وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر. فليس من آداب الإسلام أن يترك المصلي سيارته في الطريق العام لتعرقل حركة السير بحجة الصلاة.ختاماً: تأتي العشر الأواخر علينا وأمة رمضان تعاني الانقسام والقطيعة والتشرذم، متى تعود، أمة متحابة متآلفة تتمثل قيم رمضان في العفو والتسامح وتجاوز الخلافات؟* كاتب قطري
مقالات
فلنكن على مستوى المسؤولية... الازدحام المروري في رمضان
19-06-2017