خلال تصوير «الصعاليك»، لمس نور الشريف موهبة حقيقية لدى مساعد المخرج محمد النجار، الذي كان التقاه أثناء عمله كمساعد لعاطف الطيب في «سواق الأوتوبيس». لذا حرص على تشجيعه، بل ووعده بأن يقدمه، كما قدّم غيره من المخرجين الموهوبين، وطلب منه البحث عن سيناريو مناسب يظهر به إلى الجمهور.بعد ذلك التقى الشريف المخرج عاطف الطيب من خلال «الزمار» المأخوذ عن مسرحية «هبوط أورفيوس» للكاتب تنسي وليامز، كتب له السيناريو رفيق الصبان وعبد الرحيم منصور، فيما تولى الحوار والأشعار عبد الرحيم منصور، وشارك فيه كل من بوسي وصلاح السعدني. غير أن الفيلم لم يحقق النجاح الذي توقعه البطل والمخرج، ليس بسببهما، بل ربما بسبب تلك اللغة التي كتب بها، فكانت شاعرية حالمة أكثر من اللازم، لا تعبّر عن لغة شخصياته.
غير أن فشل هذه التجربة جماهيرياً، لم يمنع الشريف من الوقوف إلى جانب الموهوبين مجدداً.قدّم الشريف آنذاك عدداً من الأفلام، كانت أفضل ما عرض عليه، إذ بدأ المنتجون يضعون شباك التذاكر في المقام الأول، مع إغفال ما دونه من قيمة، وهو ما كاد يسبب أزمة حقيقية لهذا الممثل المثقف، وأنه حاول أن يراعي الحد الأدنى من القيمة الفنية في أعماله.شارك في «انحراف»، من تأليف مصطفى محرم، وإخراج تيسير عبود، إلى جانب زملائه مديحة كامل، ونورا، وصلاح السعدني. ومع ليلى علوي وشريفة ماهر، ظهر في «كلمة السر»، سيناريو بهجت قمر وحواره، وقصة حسين عمارة وإخراجه. تبعه «دنيا الله» الذي تغير اسمه إلى «عسل الحب المر»، قصة نجيب محفوظ، سيناريو عصام الجمبلاطي وحواره، وإخراج حسن الإمام، وشارك فيه كل من معالي زايد، وسعيد صالح.مع كل من ليلى علوي، وعادل أدهم، وصلاح ذو الفقار، وسمير صبري، وهدى رمزي، شارك الشريف أيضاً في «عصر الذئاب»، من تأليف إبراهيم مسعود، وإخراج سمير سيف. كذلك قدّم مع بوسي «جذور في الهوا» قصة ثروت أباظة، وسيناريو نبيل غلام وحواره، وإخراج يحيى العلمي. أما نورا فشاركها «أجراس الخطر»، من تأليف أحمد عبد الوهاب، وإخراج محمد عبد العزيز، وظهر معهما كل من سعيد صالح، وحاتم ذو الفقار.بعد هذه الأفلام، وجد الشريف نفسه في حاجة ماسة إلى العودة إلى المسرح، فقدّم «لعبة السلطان» على خشبة المسرح القومي، لاثنين من أساتذته، كتبها د. فوزي فهمي، عميد المعهد العالي للفنون المسرحية، وأخرجها د. نبيل الألفي، أستاذ التمثيل والإخراج، وشاركه بطولتها كل من عايدة عبد العزيز، وعبد الرحمن أبو زهرة، وزميل دفعته محمد وفيق.بعدها، ومع كل من فاروق الفيشاوي، ومعالي زايد، وإلهام شاهين، عاد الشريف إلى السينما من خلال فيلم «السكاكيني»، من تأليف مصطفى محرم وبهجت قمر وشريف المنباوي، وإخراج حسام الدين مصطفى. ثم شارك في «وصمة عار»، قصة نجيب محفوظ، وسيناريو مصطفى محرم وحواره، وإخراج أشرف فهمي، وشاركه البطولة كل من يسرا، ويوسف شعبان، وشهيرة، وهدى سلطان. والعمل إعادة لفيلم «الطريق» الذي أخرجه حسام الدين مصطفى عن الرواية نفسها عام 1964.قبل أن ينتهي نور من تصوير «وصمة عار» عرض عليه المخرج أحمد فؤاد بطولة «القطار»، من تأليف محمد سعيد مرزوق، إلى جانب زملائه ميرفت أمين، ويوسف شعبان، وأمين الهنيدي، الذي رحل قبل أن يعرض الفيلم. ثم قدّم «بئر الخيانة»، من تأليف إبراهيم مسعود، ويتناول وقائع قصة حقيقية من ملفات المخابرات العامة المصرية، أخرجه علي عبد الخالق، وشارك فيه كل من عزت العلايلي، وعبد العزيز مخيون، وهدى رمزي، ودلال عبد العزيز.
مسؤولية سينمائية
بعد انتهاء تصوير الفيلم، شعر الشريف بأن أوضاع السينما في تدهور مستمر، لاعتمادها غالباً على «أفلام سياحية» كانت تعرض خصيصاً في موسم الصيف السياحي، في مقابل تهميش قضايا وطنية عدة وهموم المجتمع. عليه، قرّر عقد اجتماع يضمّ الصانعين من منتجين وموزعين ومخرجين، وفنانين ومهتمين بالصناعة:* أنا باقترح أننا نوقف الإنتاج لمدة سنة.= سنة كتير جدا يا نور.* خلاص نخليها ستة أشهر... مش أقل من كده.- وهنعمل أيه إن شاء الله في المدة دي؟* هنعيد ترتيب الأوضاع وندرس سبب تراجع السينما. ونحطلها أسساً وقواعد ونشوف إيه الموضوعات اللي لازم نركز عليها... وإزاي نزود دور العرض اللي بتنقرض بعد ما هدوا السينمات وعملوا مكانها عمارات.= وليه ما الدنيا ماشية حلو أوي. وأنت أكتر واحد أفلامك بتتوزع بره.* لازم أفلامنا تتوزع جوه الأول كويس. - وناكل منين الستة أشهر دول.* إحنا مش هنموت من الجوع لو وقفنا الإنتاج ستة أشهر. - يظهر الأستاذ نور تلاجته مليانة فراخ ولحمة... ومش فارقة معاه.فشل الاجتماع، وتجاهل الجميع اقتراح نور الشريف لإنقاذ السينما المصرية، ما اضطره بعدها إلى السفر ليقدم للإذاعة القطرية مسلسل «عيون لا تعرف السكون»، وما إن عاد حتى زار زوجته بوسي في الأستوديو حيث كانت تصوّر فيلم «بلاغ ضد امرأة» إلى جانب كل من محمود ياسين، ومحمد صبحي، مع المخرج أحمد السبعاوي. هناك التقى مجدداً محمد النجار الذي كان يعمل مخرجاً مساعداً للسبعاوي، وما إن شاهد الشريف حتى راح يهنئه على المسلسل الذي قدمه للإذاعة القطرية:* معقول سمعته؟= طبعاً ده مسلسل فكرته رائعة والوقت ده هو أوانه. ما فيش طريقة تعيد تقديمه للإذاعة المصرية؟ * عندي فكرة... إيه رأيك تخرجه أنت؟= أنا؟ وإذاعة؟* لا... للسينما.= أنت بتتكلم جد يا أستاذ؟* في السينما أنا ما بهزرش... تقدر؟= أقدر طبعاً. بس يعني...* ما فيش بس. أنا هكلم عبد الرحمن محسن المؤلف ونتقابل عندي في المكتب النهاردة الساعة سبعة= أنا مش عارف أقولك إيه. أنت فنان عظيم... بس في حاجة كده!* حاجة إيه أتكلم. = أصل بصراحة سمعت ناقد بيقول نور الشريف بيجيب المخرجين الجداد علشان يخرج من خلالهم.* هاهاها... أولاً أنا مش محتاج أعمل ده... اللي يخليني أنتج بفلوسي... طب ما أخرج بفلوسي. من سنتين عرض عليا يوسف شاهين ومصطفى العقاد أخرج فيلماً من إنتاجهما. أنا رفضت... رغم إلحاحهما الغريب.= طب ليه؟* لأني لما أحب أخرج يبقى بفلوسي. علشان لما أخسر يبقى فلوسي هي اللي ضاعت مش فلوس غيري. طبعاً دي أمنية... بس لسه ماجاش أوانها.= طب ما أنت هتنتج بفلوسك ما تخرج الفيلم ده... وموضوعه مضمون.* أنا شايف إنك تقدر تعمله كويس أوي. ودي فرصتك مش هسرقها منك... وما تخافش مش هدّخل في شيء... وبعيدين أنا كنت بشوفك وأنت مساعد مخرج بتعاند وتصر على رأيك. يبقى لما تبقى مخرج هتقبل أن حد يفرض رأيه عليك... حتى لو كان نور الشريف.لم يصدق محمد النجار كلام نور الشريف، إلا عندما زاره في الموعد المحدد في مكتبه، ليجد نفسه إزاء فنان من نوع خاص، إذ لم يضيع وقته واتفق مع المؤلف عبد الرحمن محسن على كتابة الفيلم، ووقّع في الجلسة نفسها عقداً معه والمخرج محمد النجار.للأسف، اكتشف الشريف أنه لا يملك المال الكافي لإنتاج الفيلم، ولكنه لم يعتد أن يتراجع في وعوده، فضلاً عن أن النجار راح يعيش الحلم لحظة بلحظة مع المؤلف، وينتظر اليوم الذي يقف فيه خلف الكاميرا كمخرج. لذا لم يجد الشريف أمامه سوى أن يبيع «الشاليه» الذي كان اشتراه في مدينة الإسماعيلية لتمضية الإجازات الصيفية فيه مع أسرته، لينتج الفيلم الذي كتبه عبد الرحمن محسن بعنوان «زمن حاتم زهران» وشاركته بطولته زوجته بوسي، إلى جانب صديقه صلاح السعدني.نجح الفيلم وأعلن مولد مخرج مهم، وراحت مهرجانات عدة تطلب مشاركته فيها، غير أن لجنة المهرجانات أرسلت أفلاماً أخرى، أقل كثيراً من مستواه الفني، من دون أسباب واضحة! في محاولة للهروب من سجن الأعمال الدرامية التقليدية المتكررة والمستهلكة قدم الشريف «قاهر الزمن» قصة نهاد شريف، وسيناريو أحمد عبد الوهاب وحواره، وإخراج كمال الشيخ. وشارك فيه كل من جميل راتب، وآثار الحكيم، وقدّم العمل طموحـات تقنية جديدة في حدود الإمكانات والمعدات المتاحة للسينما المصرية عبر مخرج تميز في تقديم مثل هذه الأعمال.وإلى جانب كمال الشناوي ونبيلة عبيد، شارك الشريف لاحقاً في «الوحل»، قصة فتحي أبو الفضل، وسيناريو مصطفى محرم وحواره، وإخراج علي عبد الخالق. وعاد بعده المخرج علي عبد الخالق وجمع بين النجوم الثلاثة، نور الشريف، وحسين فهمي، ومحمود عبد العزيز، في «جري الوحوش» من تأليف محمود أبو زيد.رؤية ثاقبة
مع كمال الشناوي وليلى علوي، عاد نور الشريف إلى عاطف الطيب من خلال «ضربة معلم»، من تأليف بشير الديك، ولأنه لم يتخلّ عن عادته في البحث عن المواهب الشابة، اختار خريج معهد التمثيل شريف منير ليشارك معه في الفيلم. وخلال التصوير فوجئ ببشير الديك يطلب رأيه في سيناريو جديد كتبه:* رائع يا بشير. مين اللي هيخرجه؟= مش عارف... أنت شايف مين؟* بصراحة أنا شايف أنه ماشي معاك أنت.= أنا؟* يا عم أنت أخرجت الفيلم على الورق... مش ناقص غير الكاميرا والممثلين وتقول أكشن.= من غير هزار!* أنا ما بهزرش في السينما وأنت عارف... أنت اللي هتخرج الفيلم وأنا معاك فيه.قدم نور الشريف فيلم «سكة سفر» من تأليف بشير الديك وإخراجه، في أول تجربة له في الإخراج، وشاركه في البطولة كل من نورا، وعبد المنعم إبراهيم، وعلي الشريف. ثم قدّم «أصدقاء الشيطان» مع زميليه فريد شوقي ومديحة كامل، وهو آخر أفلام المخرج أحمد ياسين، ومن تأليف إبراهيم الموجي.عرض الفيلم في 16 مايو 1988، ورحل أحمد ياسين في 8 أغسطس من العام نفسه. آنذاك، شعر الشريف بأنه ابتعد كثيراً عن التلفزيون، لكنه قبل أن يبحث عن عمل يعود من خلاله إليه، وجد المخرج أحمد فؤاد يعرض عليه مسلسل «ثمن الخوف» للسيناريست كرم النجار، وشاركته بطولته هالة فؤاد، ابنة المخرج وزوجة صديقه أحمد زكي، ومعهما كل من ماجدة زكي، وجميل راتب، وأمينة رزق، وأحمد توفيق.شعر الشريف بعد هذا المسلسل بحنين كبير إلى الرومانسية في السينما، فوافق فوراً على فيلم عرضه عليه المخرج حسين كمال بعنوان «كل هذا الحب»، من تأليف وحيد حامد، وشاركه بطولته كل من ليلى علوي، ويحيى شاهين.لم يكن الشريف ينتظر أن تعرض عليه أعمال ينتقي الأفضل من بينها، بل كان ينتهز الفرصة من حين إلى آخر ويتصل بالمؤلفين والمخرجين من أصدقائه، يطمئن عليهم ويتواصل معهم لمعرفة الجديد الذي يحضرون له، فهو كان يدرك أن المشاريع العادية حتماً ستصل إليه، فيما عليه البحث عن تلك غير العادية. لذا اتفق مع كل من السيناريست مصطفى محرم والمخرج أشرف فهمي على تحويل إحدى قصص الكاتب يوسف إدريس إلى فيلم بعنوان «عنبر الموت» الذي يناقش فساد رجال الأعمال ومتاجرتهم في الموت، وشاركه البطولة كل من يحيى الفخراني، وعفاف شعيب، وحسن عابدين.عرض الفيلم فيما كان الشريف يصوّر «الحقونا» مع المخرج علي عبد الخالق، من تأليف إبراهيم مسعود، وفيه يناقش قضية الاتجار بالأعضاء البشرية، وفي نهايته رسالة صريحة إلى الرئيس حسني مبارك هي: «يخلصك كده يا ريس اتسرقنا... حتى لحمنا».قبل أن يعرض الفيلم كانت الرسالة وصلت إلى الرئيس مبارك، فبادر وطلب الشريف لمقابلته:= أنا عارف يا نور أنك فنان مثقف أوي وفاهم. علشان كده أنا بحبك وبيعجبني أسلوبك وتفكيرك. لكن مش لازم كل الأفلام تبقى مشاكل بس.* والله يا ريس... إحنا بنحاول نجمل الصورة على أد ما نقدر.= تقصد إيه؟ * أقصد أقول لسيادتك إننا مش ممكن ننقل الواقع زي ما هو. في النهاية إحنا بنقدم سينما.= كويس... بس برضه مهم أوي تخلوا الناس تتفاءل... اعملوا حاجات تبسط الناس.لم تمض على مقابلة نور الشريف الرئيس مبارك أيام حتى فوجئ برئاسة الجمهورية توجه له الدعوة هو وبوسي لحضور احتفالات رفع علم البلد على أرض «طابا» في 19 مارس 1989 بعدما استردتها مصر عن طريق التحكيم الدولي. أحب الشريف الرئيس مبارك، لكنه لم يتأثر بكلامه أو رؤيته، بل حرص على مواصلة البحث عن هموم المجتمع لتسليط الضوء عليها، فقدم «الظالم والمظلوم» من تأليف فاروق صبري، وإخراج حسام الدين مصطفى، إلى جانب كل من إلهام شاهين، وحسن حسني، كذلك ظهر في «صراع الأحفاد» من تأليف كرم النجار، وإخراج عبد اللطيف زكي، بمشاركة نورا، وصلاح السعدني، وحسن حسني، وعبلة كامل. وقدّم بعده «ليل وخونة» قصة نجيب محفوظ، وسيناريو أحمد صالح وحواره، مع كل من محمود ياسين، وشهيرة، وصلاح السعدني، وصفية العمري.«قلب» محفوظ
منذ أن قدّم صلاح السعدني الجزء الأول من «ليالي الحلمية» وتحقيقه نجاحاً كبيراً، كان نور الشريف أول المهنئين لصديق عمره، كذلك للكاتب أسامة أنور عكاشة. ثم طلب منه أن يكتب للسينما، غير أن عشق أسامة للدراما التلفزيونية كان يغلب عليه. لكن الشريف لم ييأس وظلّ يلح عليه بعد نجاح كل جزء من «ليالي الحلمية» حتى فوجئ بأنه بعد الانتهاء من الجزء الثالث كتب فيلم «كتيبة الإعدام» حول الذين سرقوا نصر أكتوبر، ثم اتجهوا ليسرقوا أحلام البسطاء من الشعب. بناء عليه، لم يكن ثمة أفضل من عاطف الطيب، شريك الشريف في الهم العام، لإخراج الفيلم، وشارك في بطولته كل من معالي زايد، والفنان الشاب ممدوح عبد العليم، ليقدم النجم بعده «أيام الغضب» من تأليف بشير الديك، وإخراج منير راضي، إلى جانب كل من يسرا، ونجاح الموجي، وإلهام شاهين.حقق الفيلم النجاح وردّد الجمهور أغنية قدمها الفنان نجاح الموجي فيه بعنوان «سلم لنا بقى ع التروماي» باعتبارها تعبيراً صادقاً عن المرحلة. قرأ نور الشريف رواية «قلب الليل» للأديب العالمي نجيب محفوظ، فقلبت رأسه وكيانه، ووجد في شخصية جعفر الراوي المتقلبة المتمردة الكثير ليجسده على شاشة السينما، فقرّر أن يشتري الرواية ليقدمها للسينما كنوع من الاحتفاء الخاص بصاحب «نوبل». لكنه اكتشف أن المنتج جمال الليثي سبقه، فجنّ جنونه، وأرسل بوسي إليه في الإسكندرية لتشتري منه الرواية فرفض. عندئذ قرر الذهاب إليه بنفسه:= هو أنا كنت بشتريها ليه لما أبيعها؟* أرجوك. أنا هتجنن لو ما عملتش الرواية دي. اطلب اللي أنت عايزه.= أنت بتحرجني يا نور. عموماً علشان خاطرك بس هاخد فيها 50 ألف جنيه.* إيه... 50 ألف جنيه؟= ده علشان خاطرك.* أنت مش عايز تبيع... أنت بتعجزني.= عموماً وعد مني إنك أنت اللي تعمل الفيلم. راح الشريف ينتظر وعد جمال الليثي، غير أنه اكتشف أن ملكية الرواية انتقلت إلى المنتج مطيع زايد، وأنه بدأ بالخطوات التحضيرية لتقديمها للسينما، لكن مع النجم العالمي عمر الشريف. إزاء هذا الإحباط، قرّر نور التحدي، فعرض على مطيع زايد أن يقدم الفيلم نفسه من بطولته أيضاً، ولتكن مباراة بينه وبين عمر الشريف، ويكون الجمهور هو الحكم الوحيد فيها! وافق مطيع زايد على هذا الجنون الفريد من نوعه، لكن فجأة ارتبط عمر الشريف مع المخرج هاني لاشين بفيلم «الأراجوز» فاعتذر عن «قلب الليل» ليحسم الأمر لصالح نور الشريف. قدّم الأخير الفيلم عن سيناريو محسن زايد وحواره، وشاركه البطولة كل من فريد شوقي، وهالة صدقي، ومحمود الجندي، وتوغّل البطل في أعماق «جعفر الراوي»، ليصبح الفيلم إحدى أهم محطات الشريف، مع عاطف الطيب.عاد الشريف بعد الفيلم إلى المسرح، فقدّم «المليم بأربعة» للمسرح الخاص من تأليف أبو العلا السلاموني، وإخراج جلال الشرقاوي، وتتناول ظاهرة استخدام الدين عبر شركات توظيف الأموال للنصب على المودعين ونهب أموالهم.لم يكن عمل الشريف في المسرح نوعاً من استكمال نجوميته، بل لإيمانه الشديد بأهمية هذا الفن تحديداً في المجتمع، إذ ينعكس انتعاشه بشكل كبير على بقية الفنون، لذا اقترح على صديقه الدكتور فوزي فهمي، رئيس أكاديمية الفنون، ضرورة أن تكون للأكاديمية فرقة مسرحية، فرحب بالفكرة، ونفذها فوراً، وقرّر أن تكون البداية مع الشريف من خلال «كاليغولا» لألبير كامو، وإخراج أستاذه سعد أردش، بمشاركة إلهام شاهين وطلبة وخريجي معهد الفنون المسرحية.نجحت المسرحية ومثّلت مصر في مهرجان «موتريل» في إسبانيا، وحصلت على جوائز عدة.البقية في الحلقة المقبلة