Ad

يعتبر الفنان البحريني القدير أحد أبرز نجوم الأغنية الخليجية الكبار، الذي يحترم ذاته وفنه، ولم يجامل، ولم يتنازل عن قيمه ومبادئه الفنية، فظل عطاؤه الغنائي راسخاً في الذاكرة نابضاً بالمعاني القيمة.

هو فنان مبدع تجري في دمه العروبة والقومية، فسخر صوته وفنه للقضية الفلسطينية، مؤمناً بأن الفن يرتقي بالإنسان وفكره أينما كان.

فنان شكلت طفولته ملامح شخصيته وأدى والده دوراً كبيراً في صقل شخصيته واعتزازه بقوميته ووطنه، قدم للساحة الفنية أعمالاً جميلة وذائقة فنية تلذذ في سماعها الكثير من محبي الفن والتجديد، من بينها «يا مقلة عيني» و«هيفاء» و«الطائر الهيمان» و«أم الجدائل» و«أبو الفعايل» و«ولي في ربوع الشمال»، إضافة إلى غنائه اللون العدني من أعمال القامة الفنية كرامة مرسال مثل «الحب أسرار» و«كان ذا أول» و«أحلى الليالي» و«بعدت عني».

أسهم في تأسيس فرقة أجراس، التي حققت انتشاراً في منطقة الخليج والشام وفلسطين المحتلة، حيث انبرت إلى تقديم جملة من الأعمال ذات القيمة والبصمة الفنية.

في الحلقة الثالثة الأخيرة يحكي زيمان «بو سلام» مرحلة مهمة من حياته حينما استقر في الكويت عام 1987، واشتغل في مجاله الفني من خلال مؤسسة الفجر الإعلامية، ومن ثم أنتج شريطه «ولي في ربوع الشمال غرام»، ومنذ ذلك الوقت توسعت علاقات الصداقة في الكويت التي لاتزال مستمرة حتى اليوم.

كما تحدث عن ولعه بالفنان الكبير الراحل كرامة مرسال، وماذا يعني له؟ كاشفاً عن مفاجأة تكمن في طرح أغنية له، تم تنفيذها بانتظار الوقت المناسب لإطلاقها.

حول التفاصيل دار هذا الحوار:

• متى ترددت على الكويت؟

- بحكم دراستي في بغداد من عام 1974 إلى 1977، وشقيقتي مريم كانت تدرس في قسم التمثيل والإخراج المسرحي بالمعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت، فكنت أتردد على الكويت لرؤية أختي، فكنت استقل القطار من بغداد إلى البصرة ومن ثم أركب التاكسي من البصرة إلى الكويت، في أحد الأيام خلال تسوقي في سوق المباركية، سمعت شخصاً يغني واحدة من أجمل الأغنيات لفتت نظري إليها، والصوت أعرفه، والأغنية جديدة بالنسبة لي، فذهبت إلى محل بيع الكاسيت الذي شغّل الأغنية، وطلبت منه الشريط، فاكتشفت أنه لشادي الخليج، وقد احتوى "عادت لنا الأيام فوق السفينة" كلمات أحمد مشاري العدواني وألحان أحمد باقر و"تقول نسيت" كلمات د. يعقوب الغنيم وألحان أحمد باقر وغيرها.

فأخذت الشريط معي إلى بغداد، وأصبحت هذه الأغنيات الجميلة هي الشائعة بين الطلبة نرددها ونتناولها في الحفلات والسفرات، وتجمعاتنا في الأعياد بفرع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، لقد تأثرت كثيراً بهذا الشريط ومازلت محتفظاً به حتى يومنا هذا.

ومن اللافت أنه كان خليطاً ما بين العامية والفصحى، واحتوى قصيدة للشاعر فهد العسكر بعنوان "كفي الملام" من ألحان أحمد باقر.

في عام 1979، عندما طرحت الشريط الأول "أقبل العيد"، أصبحت العلاقة حميمية جداً، وكان لافتاً هو التذوق الفني لدى أهل الكويت، والتفاعل مع الأعمال الفنية الجديدة، ومن الكويت أصبح شريطي موزعاً على دول الخليج، وجئت أيضاً بعد طرح شريطي الثاني "هيفاء".

• كيف توطدت العلاقة وزادت حميميتها؟

- عام 1987، عندما أتيت إلى الكويت لأقيم فيها، واستثمر البيئة الفنية الموائمة، والتي كانت تضاهي القاهرة في التنافس، سكنت في منطقة الفروانية، أحييت أكثر من حفل، ثم طلبت من زوجتي أن تجيء إلى الكويت لتعيش معي، حيث كانت الأوضاع قد تهيأت للأسرة، بعد شهرين من إقامتي فيها أدخلت أبنائي في مدارس الكويت، واحد في سنة أولى ابتدائي، والثاني في الروضة، وقد حصلت على عمل في المجال الفني، وهي مؤسسة الفجر للإنتاج الفني، وبدأت بتدريس الموسيقى للمبتدئين، والعزف على البيانو، ثم شرعت بإنتاج شريط "ولي في ربوع الشمال" الذي احتوى على خمس قصائد، واستعنت بكويتيين ضليعين باللغة العربية صححوا لي مخارج الألفاظ، إضافة إلى التشكيل، ووقفوا معي أثناء التسجيل في الأستوديو، والأعمال هي "ولي في ربوع الشمال" و"متى نلتقي" حيث تعاون معي ثلاثة من الشباب الدارسين في المعهد العالي للفنون الموسيقية، وكتبت لهم الصفقة وأسمعتهم كيفية تنفيذها.

فمشواري كان جميلاً جداً، وتوسعت علاقاتي وصداقاتي التي لا تزال مستمرة منذ 30 عاماً حتى اليوم، وأنا عشقت وأحببت الكويت وأهلها، لست مبالغاً إنني كنت مدللاً عندهم، ففي أغنيتي عنها ترجمة لمشاعري وأحاسيسي تجاهها: "خيروني وخيرتي الكويت/ لقيت عندهم رفقة وصداقة وبيت/ الصدر واسع عندهم والوفا والجود دربهم/ وآنا سلمان بظلهم/ من لي بعد أهلي أهل غير أهل الكويت/ ودوني لهم حيل أحبهم/ قلبي يودهم والبيت عند البيت/ يا غناتي درب الفرح الكويت".

• لماذا اخترت أعمال الفنان الراحل كرامة مرسال؟

- تولعت بالفنان الكبير كرامة مرسال، بعد ما أصدرت شريطي الأول، جئت إلى الكويت، فاستضافني أحد أصحاب شركات الإنتاج الفني، وكان التلفزيون أو الإذاعة يود إجراء مقابلة معي، وكل أعمال الشريط هي لمرسال، يقول لي قبل اللقاء لا تذكر أن هذه أغنيات كرامة، فقلت له لماذا؟ فرد كي تفهم أنها لك، وفي اللقاء ذكرت أنها كلها لمرسال، وأنا سعيد جداً وأتشرف بأن أغنيها، ومازلت متعلقاً بهذا الفنان حتى هذه اللحظة، لأنني أحب صوته وطريقته في الغناء واختياراته وألحانه الجميلة وهو الأقرب إلى ذوقي من بين فناني اليمن، فاقتنيت كل أشرطته في تلك الزيارة، وقمت بتحويل الأعمال في الكاسيت، التي أحبها إلى الرقمية ولن أبالغ إذا قلت أنها موجودة في هاتفي المتنقل.

• هل عارض غناءك لأعماله؟

- علاقتي بكرامة هو يدركها رحمه الله، أثناء وجوده في الكويت يلتقي بعضو فرقة أجراس الذي كان يدرس في معهد الموسيقي علي الديري واسمه الحقيقي علي الغيص، فهو يعزف معه على الكمان، يقول له بكل محبة سلمان لم يترك لي أغنية، خصوصاً بعد تقديمي "الحب أسرار" و"كان ذا أول" و"بعدت عني"، وهو سعيد بغنائي من أعماله.

عندما أتى إلى البحرين بدعوة من السفارة اليمنية في بداية الألفية، أثناء مقابلته في تلفزيون البحرين تم الاتصال بي، وقالوا لي سنفتح الخط ما بينك وبين كرامة، وكان الحوار جميلاً وحميمياً، وتواعدنا في الفندق لكن للأسف الشديد حدث ظرف طارئ ولم أستطع مقابلته.

• هل ثمة أغنيات له لم تظهرها حتى الآن؟

- أحفظ له الكثير من الأعمال، التي لم أغنها سابقاً، أحبها وأرددها مع أحبتي وأصدقائي، لكنني لم أسجلها أو أظهرها للعامة، وكرامة لن يعوض كفنان محترم وأصيل قدم للأغنية العربية عطاءً كثيراً وكانت بصماته واضحة، لذلك تجد على سبيل المثال أغنيته "متيم في الهوى" أداها أكثر من فنان عربي من بينهم المطربة أنغام، وقد ردد أعماله مجموعة كبيرة من نجوم الأغنية من جيل الشباب في الخليج وعالمنا العربي.

أقول ذلك بكل أمانة وصراحة، كما أنه رجل متواضع إلى أبعد ما يتخيله أي إنسان، وتعجبني بساطته وأسلوبه في الغناء والزي الذي يرتديه في حفلاته والجلسات التي نشاهدها في التلفزيون اليمني وقناة حضرموت.

• هل تعرضت للتقليد؟

- من الأمور المضحكة أن الفنان داود حسين في إحدى حلقات برنامجه المنوع في رمضان، قام بتقليدنا أنا وكرامة، بعد مشاهدته لحواري مع مرسال والصراخ، الذي حدث بيننا مع التغيير في أسمائنا، في إطار كوميدي جميل.

• هل لديك مفاجأة جديدة؟

- أجل، ثمة أغنية لكرامة مرسال، قمت بتسجيلها وتنفيذها في الاستوديو في يوليو 2016، وانتهز الفرصة المناسبة لطرحها كمفاجأة جميلة للجمهور الكريم، بعد أن طلب مني بعض القائمين على تلفزيون الكويت وأيضاً أصدقائي، أن أتريث وألا أطرحها إلا بعد تهيئة الأجواء الملائمة لذلك، فأخذت بنصيحتهم، قبل أن أصدرها عبر "آيتيونز". وهناك الكثير من الأعمال الغنائية له، لا تزال في وجداني، وأحب غناءها، ولا أخفيك سراً أن مرسال سيرافقني طوال مشواري الفني، احتراماً وتقديراً لهذا الفن الذي قدمه لكل الناس.

• ما آخر ما طرحته عبر "آيتيونز"؟

- أغنية منفردة من غنائي وألحاني كلمات صلاح عبدالصبور،

وبمشاركة كورال فرقة أجراس، تحمل عنوان "هل كان حباً؟"، تقول كلماتها: "هل كان ما بيننا حُباً وعشناهُ/ أم كانَ حُلْماً عندما أدركنا الصُبحُ نسَيْناهُ/ أم إنّنا خِفنا على قلْبِنا وفي ثرى الخوْفِ دفنّاهُ/ آه لو عاشَ، لو فتّحَتْ للشمسِ عَينْاهُ/ كنّا رَعَيْناهُ/ لمّا تركناهُ/ في مهمهٍ قاسٍ رَمَيْناهُ/ في قلبهِ أنفاسهِ تبكي/ أنّا هَجَرْناهُ/ يا أيها الحبُّ الذي ماتا/ لو يرجعُ اليومُ الذي فاتا/ لو عاد يوم منكَ... عِشْناهُ". ثم الأغنية الوطنية عن الكويت حتى تأخذ حقها من الانتشار.

• متى ستطرح ألبوماً غنائياً؟

- لن أطرح أي ألبوم في الأفق المنظور والقريب، لأنه ليس مجدياً، وسيتسبب في خسارتي، فقد طرحت أغنية "هل كان حباً"، كلفتني مبلغاً من المال تقريباً 3 آلاف دينار على أغنية واحدة، كي يتم تنفيذها، وتكاليفها تتوزع ما بين حجز استوديو موسيقى، ومن عازفين في الفرقة الموسيقية، وإشراف فني، وبعد أن تصدرها، ما هو المردود المادي، إنك تعتمد على "الآيتيونز"، حيث من يرغب بسماعها عليه أن يدفع نصف دولار تقريباً، فإذا نالت نصيبها من الرواج عبر هذا الموقع والتطبيق، ستعوضك فقط 10 في المئة من تكاليفها المادية على المدى البعيد، إذا طرحت مباشرة على موقع "يوتيوب"، من سيشتريها؟ لذا فإن ما تقدمه من أعمال جديدة يكون من أجل إثبات وجودك في الساحة الفنية، وهذا هو المردود بأن ترضي نفسك من خلال ممارسة نشاطك، وأغنيتي الجديدة ستواجه المصير نفسه، وهكذا دواليك، كل سنة تقدم عملاً أو أكثر.

أغنية "خيرتي الكويت" كانت تكليفاً من قبل جمعية الروضة التعاونية، في شهر سبتمبر من العام الماضي، كي أعمل هذه الأغنية الوطنية، وتكفلت الجمعية بكل تكاليفها المادية، وهنا الموضوع مجدٍ، وكذلك الأمر عندما يوجد من يدعمك ويكلفك بعمل ألبوم غنائي، لذا فإنك تنتظر مثل هذه الفرصة، وهذا صعب جداً في الوقت الراهن لي وللكثير من الفنانين في المنطقة، فليس أمام الفنان إلا أن يستمر في طرح الأغنية المنفردة "سنغل".

العودة بعد انقطاع بـ «دويتو» مع عبدالهادي الحمادي

يشير زيمان إلى أن فكرة العمل هي للفنان الكويتي عبدالهادي الحمادي، حيث طلب منه مشاركته الغناء كدويتو في أغنية من دون تحديدها، ومن طبعه أن يساند الفنانين الشباب، وهذا ما يقوم به منذ فترة مبكرة من مشواره، ففي شريط "أم الجدائل" استقطب معه الفنانة هدى عبدالله في أغنية، وفي شريط "اعتذار" شاركت من خلال أغنيتين، وذلك كدفعة لهؤلاء الفنانين إلى الأمام والمزيد من الانتشار.

ولفت إلى أن أعضاء فرقة أجراس لم يكونوا ملحنين كلهم عدا شقيقه خليفة، فمعظمهم من الشباب يدرسون الموسيقى، وكان زيمان معروفاً ومشهوراً وله شريطان في الساحة الغنائية، فطلب من كل واحد منهم لحناً دعماً وتحفيزاً لهم، وعندما تجرؤوا أصبحوا ملحنين إلى يومنا الحالي، وهذا من ضمن رسالته في خدمة الفن والفنانين والمساهمة في إبراز الفنانين والدفع بهم إلى الأمام طالما يمتلك القدرة على ذلك.

وهذا ما حدث مع الحمادي، الذي زاره أكثر من مرة في البحرين، طالباً التعاون في عمل مشترك، فأسمعه مجموعة من الألحان، وفي عام 2011، أثناء تلبية زيمان دعوة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لحضور مهرجان الأغنية لمجلس التعاون الخليجي، عرض الحمادي مجموعة من النصوص والألحان، فوقع اختياره على أغنية "رق العذول"، مع المطالبة ببعض التغييرات على النص، فاتصل بصاحب النص العبسي، وأخذ موافقته، وتحدث مع زيمان وكان سعيداً جداً بهذا التعاون، وأبدى موافقته بإضافة بعض المفردات، فأجرى التعديل، ثم نفذ لحن العمل، وركبت أصواتهما في البحرين.

وفي 2012، لبي زيمان دعوة لتلفزيون الكويت، للمشاركة في إحدى حلقات "ليالي البحار"، وجلسة شعبية مع تلفزيون خاص، وكانت الأغنية جاهزة، فاتفق الحمادي مع المخرج علي سلطان على تصويرها، وحققت صدى طيباً عند إطلاقها في ألبوم الحمادي الغنائي تحت عنوان "عدنيات 2013" وبثت في المحطات الإذاعية وعرضت كفيديو كليب على القنوات التلفزيونية.