وضعت مؤسسة البترول الكويتية منذ البداية هدف تحقيق التكامل في عمليات المؤسسة، فرفعت شعار "الأداء من خلال التكامل". وأخذت على عاتقها مسؤولية الارتقاء بنفطها الخام عبر سلسلة عمليات زيادة القيمة المضافة، بدءا من الاستخراج، ومن ثم التكرير والنقل، وصولا الى البيع الى المستهلك النهائي، محققة بذلك ما يعرف بالتكامل الرأسي من القاعدة الى القمة ومن الإنتاج إلى منافذ البيع.

إلا أن المؤسسة بدأت في السنوات الأخيرة تروج من خلال المؤتمرات والندوات فكرة أنها ضمن أفضل 10 شركات نفطية في العالم، لكن بعض المتابعين يرون أنها ليست ضمن هذا التصنيف بسبب تراجع الأداء في جميع المجالات، إضافة الى تأخرها عن نظرائها من الشركات، فضلا عن عدم إنجاز المشاريع المتفق عليها، مما لا يؤهلها لأن تكون بين مصاف الشركات الكبرى.

Ad

من جهة أخرى، يرى البعض أن التصنيف يتم فيه أخذ حجم الأعمال والأصول التي تمتلكها المؤسسة في الاعتبار، إضافة الى امتلاكها احتياطيات كبيرة.

لذلك توجهنا بالسؤال الى خبيرين في مجال الطاقة، لمعرفة هل مؤسسة البترول الكويتية واحدة من بين أفضل 10 شركات نفطية في العالم.

في البداية، قال الخبير المتخصص في تكرير وتسويق النفط، عبدالحميد العوضي، إنه عندما تقول مؤسسة البترول إنها الأفضل يجب أن نعرف ما هي المعايير أولا ومن يضعها، مشيرا الى أنه يفترض تكون جهات متخصصة بقضايا النفط، مضيفا أنه قبل 25 عاما كانت هناك جهات تقيم الشركات النفطية وأفضلها، وكان ترتيب الكويت في ثمانينيات القرن الماضي من أفضل 10 شركات على مستوى العالم، إلا أن ترتيب المؤسسة بدأ يتراجع تدريجيا الى أن خرجت من ترتيب أفضل 10 شركات.

أين الاكتشافات؟

وقال العوضي إن من بين المعايير القدرة الإنتاجية للنفط، وعلى سبيل المثال إذا ذكرت الكويت أنها ستنتج 4 ملايين برميل بعد 3 سنوات ولَم تحقق ذلك، فهنا يتأثر معيار المؤسسة من حيث القدرة على الإنتاج، حيث إن هناك شركات منافسة تزيد من قدرتها على الإنتاج.

أما في ما يتعلق بمعيار إنتاج الغاز، حيث إن الكويت بحاجة ماسة إلى هذا المنتج، وهو أيضا يؤثر على ترتيبها، وكانت الكويت تقول إن لديها اكتشافات للغاز، وهو ما أعلن عام 2006، لكن في المقابل نجد المؤسسة تستورد الغاز المسال حاليا، فأين الاكتشافات التي تم الإعلان عنها، والتي مر على إعلانها اكثر من 10 سنوات؟، كذلك الاحتياطيات من الغاز، عندما يعلن عن احتياطيات للغاز وفِي نفس الوقت لا تثبت المؤسسة صدق ما تصرح به، فهذا أيضا يؤثر بالتصنيف.

أما فيما يتعلق بموضوع التكرير، فالقطاع النفطي أعلن أنه سيزيد الطاقة التكريرية بعد بناء مصفاة الزور في 2007 وإلى الآن لم نر شيئا على أرض الواقع، ومن حولنا من الدول الأخرى مستمرة بزيادة طاقتها التكريرية داخليا وخارجيا، وحتى مشاريع المصافي الخارجية أعلنت الكويت نية بناء مصفاة الصين عام 2005، وإلى الآن لا يوجد شيء وغيرها من المشاريع المتأخرة، كل ذلك له تأثير عكسي على التصنيف.

إذا من غير المنطقي الحديث عن أن مؤسسة البترول من أفضل 10 شركات، وهي متأخرة في جميع المجالات عن نظرائها.

تصريح مرسل

وقال العوضي: كذلك يجب ذكر أن أغلب الشركات التابعة تدعمها مؤسسة البترول، وبرغم ذلك تحقق خسائر مما يعيق تقدم تصنيفها، ولو تمت مقارنتها في الشركات العالمية نجدها لا تدفع مثلهم ضريبة بنسبة تصل الى 15 في المئة‎، وهذه الأمور تؤخذ بالحسبان في أي تقييم.

وأكد أن أي تصريح يذكر أن مؤسسة البترول من أفضل 10 شركات في العالم، فهو مرسل، ويجب عليهم إثبات ذلك بالأدلة على أرض الواقع، وغير ذلك يعتبر "ضحكا على الذقون".

وشدد على أن المؤسسة وشركاتها التابعة تعد الأولى بالعالم بارتفاع تكاليف مشاريعها الكبرى، سواء في تكاليف بناء المصافي أو الناقلات، إضافة الى أننا الأوائل في تأخير إنجاز المشاريع.

وقال إنه حتى على مستوى المسؤولية المجتمعية، فإن المؤسسة متراجعة، والدليل موقعها الذي يطل على مواقع التلوث البحري، ومع ذلك لم تحرك ساكنا لمعالجة أو المساهمة في حل هذه المشاكل على رغم ما تمتلكه من أموال يتم صرفها على أنشطة غير مهمة.

امتلاك احتياطي نفطي

من جهته، قال الباحث في اقتصادات الطاقة، د. مشعل السمحان، إن مؤسسة البترول يتحدثون عن الأفضلية من منطلق معايير أخرى، لأنهم مؤسسة كبيرة تضم العديد من الأصول، ‏ولديها شركات تابعة كثيرة، لذلك فهي ‏تصنف بأنها من أفضل الشركات التي تدير العديد من القطاعات النفطية ‏وتجميع الأصول تحت مظلتها واحدة.

وأضاف السمحان أن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن ‏مؤسسة البترول تمتلك احتياطيا نفطيا كبيرا، مما يضعها ضمن أفضل التصنيفات.

أما فيما يتعلق بالاستراتيجيات ومدى الالتزام بتطبيقها، فهذه تعد معايير ثانوية للتصنيف، ‏ولا يتم النظر إليها ولا إلى كم الاستثمارات التي تضخ في هذا القطاع.

‏وحول عدم توضيح مثل هذه التفاصيل من قبل المؤسسة، قال السمحان من المؤكد أنهم يستغلون ‏مثل هذه العناوين دون الكشف عن تفاصيل للإعلام، ‏ويعتبر من منظورهم تسويق لوضع المؤسسة واسمها.

‏أما فيما يتعلق بأن المؤسسة تتبوأ مركزا رياديا في توفير الطاقة بشكل آمن، فهذا ‏المصطلح عائم وفضفاض وغير واضح، ‏وإذا كان يقصد إمدادات الطاقة النظيفة، وتحديدا مشروع الوقود البيئي فهذا الأمر لم ‏تنته منه المؤسسة، وهو مطلب علمي لترويج وتسويق المنتجات البترولية.

‏وحول أداء المؤسسة ‏بصورة عامة، قال السمحان إنها تتجه إلى تبديل ‏استراتيجيتها التقليدية التي تتضمن الإنتاج والتكرير والبتروكيماويات ‏الى خطة ‏التكامل بين قطاعي التكرير والبتروكيماويات، ‏وهي خطوة موفقة في حال تم التوسع في هذا التوجه الجديد، ‏وهو ما تبين أخيرا من خلال إنشاء الشركة الجديدة التكاملية البترولية (كيبك)، تحت مظلة مؤسسة البترول الكويتية.