في الوقت الذي حدد القانون للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تحقيق نظام يكفل للمواطنين حياة معيشية آمنة الى ما بعد الانتهاء من الوظيفة العامة أو الخاصة، يعكس واقع المؤسسة تلك الغاية التي أراد المشرع تحقيقها، ويجعل من المؤسسة المسؤولة عن تحقيق نظام تكافل آمن نظاما لجباية أموال الموظفين دون أن يتمكنوا أو يعطوا فرصة للاطلاع على ملفاتهم أو التعقيب على الحسبة التي يقررها موظفو الإدارة، وكل ما عليك أن تقبل باتباع الأوامر التي لا تخلو من الدفع أحيانا ومعها غرامات التأخير، وإن لم يعجبك الأمر فتحمل مرارة تعطل ملفاتك في التأمينات والشؤون ودعم العمالة، وعندها تدرك مدى دعم مؤسسات الدولة للقطاع الخاص!ورغم سوء المشهد فإنه ليس أسوأ من أن ترى بنفسك صورا من عدم الشفافية والتصيد في مناقشة حقوقك، والتي تمارس من بعض الموظفين في المؤسسة مع عدد من مراجعيها، وتتمثل تلك الصور في ثلاث حالات شهدتها، الأولى عند امتناع المؤسسة عن صرف جزء من رواتب لمصلحة أي من ورثة أحد المواطنين ممن لا يعملون ويستحقونها، يتقدم المستحق بكتاب للمؤسسة بطلب صرفها، إلا أن المؤسسة ونتيجة لكثرة الطلبات أو كنهج داخلي لديها تقوم بعدم الرد، ونتيجة لجهل عدد من المواطنين بقوانين المؤسسة بأن عدم الرد خلال شهر يعتبر رفضا يراجعونها رغم فوات الميعاد، الا أن بعض الموظفين يبلغونهم بضرورة الانتظار ثم يفاجأون لاحقا بأن لهم التظلم لان عدم الرد يعني رفضا، وبعد رفع التظلم يكون الرد من المؤسسة بأنه تظلم غير مقبول شكلا لتقديمه بعد الميعاد ومخالفته أحكام المادة 107 من القانون، وكأن المؤسسة تقول لا مطالبة لكم قانونا، وإن كان لكم حق فقد سقط، وأصبحت تلك الأموال أموالا خالصة للمؤسسة رغم أنها حق أصيل للمتقاعدين أو أسرهم من بعدهم، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يبلغ الموظفون كل مواطن يتقدم بطلب للمؤسسة بأن عدم الرد على طلبه خلال شهر يعتبر رفضا، وله حق التظلم أو ابلاغه بالمواعيد المقررة بقانون المؤسسة!
والحالة الثانية أنه في حالة وفاة الشخص لا تقوم المؤسسة بالاتصال بأسرته وإبلاغه عن حقوقه ومعاشه التقاعدي، ويكفي أنه إذا توفي تذهب أمواله الى المؤسسة، وهو أمر يدعو للغرابة، إذ إن الواجب على المؤسسة طالما بلغت من جهة عمله بوفاته أو من أسرته أن توجه تلك الأسرة بالاتصال بها على سبيل المثال بحقوقه ومنحها إياه، فهي من حق الورثة وليس من حق المؤسسة، وعلى سبيل المثال هناك مواطنة طلبت صرف راتب ابنها المتوفى، الا أن المؤسسة رفضت ذلك بذريعة أنها تعمل، ومن ثم فإن معاش ابنها ذهب جزء منه الى ابنته القاصر، والجزء الآخر الى المؤسسة رغم أنها اموال خالصة لمورثهم!والحالة الثالثة واجهتني شخصيا، وهي عندما أردت تغيير شريحة الراتب الخاصة بي بالمؤسسة، أبلغتني الموظفة بعد انتظار بلغ نصف ساعة في المبنى الرئيسي انه لا يمكنني ذلك، لان هناك ميعادا كان يتعين علي الالتزام به، وطالما فات الموعد لا يمكنني الا انتظار أعوام أخرى لتحقق ذلك، رغم أنها اموالي وأنا من سيدفع قيمة الشريحة الجديدة وليس المؤسسة، وأنا من سيتحمل القسط الجديد الذي سترتفع قيمته عن القسط السابق، ومع ذلك يكون الرد برفض إتمام ذلك، رغم أن المؤسسة لم تبلغني ولم ينبه علي أي من الموظفين طوال مراجعاتي السابقة بأن هناك مواعيد يتعين علي الالتزام بها بخصوص الشريحة!
مقالات
مرافعة : شفافية «التأمينات» وحقوق المتقاعدين!
20-06-2017