مفاهيم مغلوطة : «الغلبة بالسيف».. أصل أسس الخلافات الإسلامية
منذ حُكم بني أمية والأمر قائم على القهر والتوريث
بينما تتمسك الجماعات الأصولية بما يعتبرونه إجماعاً إسلامياً على عدم جواز خلو الوقت من إمام قرشي عادل يحكم بالكتاب والسنة، تجد أن النظم السياسية التي حكمت الأقطار الإسلامية أسست بناء على غلبة الحاكم الذي كان يُنصب نفسه بعد ذلك بخليفة المسلمين، دون مراعاة لشرط القرشية أو طريقة حصوله على البيعة من أهل الحل والعقد، فقد كان الخليفة المتغلب بقوة سيفه يورث أبناءه السلطة. فالخلافة في التاريخ الإسلامي منذ بني أمية حتى الخلافة العثمانية التي سقطت في 1924 كل حلقاتها غلبها طابع القهر والغلبة.
وعلى الرغم من أن الخلفاء الراشدين أبوبكر وعمر وعثمان وعلي كانت بيعتهم تبدأ بالصفوة والنخبة، وتنتهي ببيعة سائر الناس، فإن جميع الأنظمة التي جاءت في أعقاب اغتيال الإمام علي بن أبي طالب جعلت الإمامة والخلافة وراثية في أبنائها قائمة على قوة السلاح، والتغلب بالقهر والسيف، ما يعني أن أمر الخلافة هو شكل من أشكال نظم الحكم السياسية، إلا أن الحكام وقتها كانوا يسعون لشرعنته بالبحث عن آيات وأحاديث لتبريره. ومن بين الشواهد التي تثبت أن الخلافة في التاريخ الإسلامي كانت بقوة السيف، حين تغلب الأمويون على الخلافة في حياة الإمام علي، وحين لم يترك معاوية الأمر شورى من بعده، وكذلك حين تغلب العباسيون على الخلافة بحد السيف بعد الأمويين، وكذا حين أعلن الفاطميون الخلافة بحد السيف في مصر والشام، وشاركوا العباسيين في الخلافة، فكانت هناك خلافتان في العراق ومصر، وحين أعلن الأمويون الخلافة الأموية مرة ثانية في الأندلس والمغرب، فكانت ثلاث خلافات في وقت واحد في العراق ومصر والأندلس.اللافت أن وقتها أجاز فقهاء من أهل السنة تعدد الخلفاء بحجة اتساع أقطار الأمة (القبول بالأمر الواقع)، وبذلك بُوركت خلافات قهر غلبت وتسيدت بحد السيف، دون الالتفات إلى شرط "القرشية" –حديث "الأئمة من قريش"- وكذلك تم تجاوز شروط البيعة والشورى والعدالة، فالخلافات التي جاءت في أعقاب الخلفاء الراشدين خلافات قهر تداولت السلطة بالوراثة.