مباحث لمراقبة دوام الموظفين؟!
المشكلة ليست كسلا من الكويتيين كما يحاول البعض أن يصمهم، أو إهمالا أو عدم تقدير لقيمة العمل، وإن كان يوجد القليل من هؤلاء هنا وهناك، المشكلة أننا لم نترك للموظف عملا يقوم به، فعندما زادت أعداد الخريجين من الجامعات والمعاهد جزأنا الوظيفة.
والله فشلة! إلى هذا الحد وصل تفكير عباقرة الحكومة! مباحث لمراقبة دوام الموظفين، حضورهم وغيابهم وسلوكهم؟ هل أنتم قدمتم وظيفة فيها عمل ورفضها الموظفون؟ وهل وجد الموظفون ومديروهم أن لوجودهم أصلا معنى وإضافة حتى نملأ بهم الشوارع لكي يصلوا بالموعد المحدد للتوقيع أو البصمة لإثبات حضورهم ثم الجلوس طوال اليوم يلعبون في كمبيوتر الزينة أو "يبحلقون" بالسقف أو ينامون فوق مكاتبهم؟ هذه حال موظفينا في معظم وزارات الدولة، ونستثني بعض الدوائر المزدحمة بطبيعة عملها، والتي يفترض بالحكومة تحويل بقية موظفي الوزارات الأخرى إليها لتسهيل معاملات البشر وإنجازها بدلا من الإصرار على حضورهم والنوم على المكاتب.المشكلة ليست كسلا من الكويتيين كما يحاول البعض أن يصمهم، أو إهمالا أو عدم تقدير لقيمة العمل، وإن كان يوجد القليل من هؤلاء هنا وهناك، المشكلة أننا لم نترك للموظف عملا يقوم به، فعندما زادت أعداد الخريجين من الجامعات والمعاهد جزأنا الوظيفة.
فالوظيفة التي كان يؤديها موظف بالكامل يقوم بها الآن عشرة موظفين أو أكثر، فإنتاجية الموظف اليوم في معظم دوائر الحكومة لا تزيد على دقائق محدودة، وما إن يكمل الموظف دقائقه حتى ينتهي عمله، فماذا تريدونه أن يعمل؟ وماذا يمكن لرجل المباحث أن يعمل؟ سيكتب تقريرا أنه لم ير الموظف يعمل، فمن المسؤول في هذه الحالة؟ إذا كنتم غير قادرين على اتخاذ خطوات جادة لتفعيل الوظيفة العامة فاتركوا الموظف في بيته واطلبوا منه إنجاز مهامه التي لا تتعدى العشر دقائق وهو في بيته، فاستخدام التقنيات الحديثة يساعد على إنجاز المطلوب وبسرعة، وبدون زحمة في الطرق، ووفروا رجال المباحث للأعمال المهمة في حفظ الأمن بدلا من إلحاقهم بركب القاعدين، فليس ذنب الموظف ولا مديره أنكم لا تقدمون حلا جادا للوظيفة وتحديثها وتطويرها ومنحها الصلاحيات الكاملة للإنجاز وتحميل الموظف مسؤولية إنجازها من الألف إلى الياء ليكون الجميع سعداء. الموظف سعيد لأنه ينجز ويتحمل المسؤولية ويشعر أن راتبه حلال، والمتعامل مع الحكومة ينجز معاملاته بسرعة دون اللف والدوران على العشرات من حملة التواقيع في الدوائر المختلفة، والحكومة تتلقى المديح لكفاءة العاملين لديها، بدلا من عشرة يؤدي كل منهم جزءا من الوظيفة، عينوا عشرين يؤدي كل منهم الوظيفة كاملة، حتى الدوائر التي يشكو الناس من كثرة المراجعين وتأخير إنجازها لو زدنا عدد الموظفين وأعطيناهم كامل صلاحية الوظيفة سيتمكنون من تقليص ساعات وأيام الانتظار وإراحة الناس والحكومة من الشكوى المُرة. ليست العملية معجزة، وقد قامت بها كل الحكومات، ولا أدري لماذا نحن نصر على أن نكون آخر العالم ونخترع أمورا لم يسمع بها أحد.مباحث للموظف؟ والله عيب!!