جاءت مفاجئة بالفعل هذه التصريحات التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الأول، فموقف فرنسا كان حازماً وواضحاً، منذ بدايات الأزمة السورية في باريس، مارس 2011، وفي أنه لابد من حل "جنيف 1"، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 والمرحلة الانتقالية التي تعني رحيل بشار الأسد في النهاية، وهذا كان قبل جريمة خان شيخون، التي ثبت وعلى نحو قاطع، أن مرتكبها هو هذا النظام السوري، وبعلم ومعرفة الجهات المعنية في روسيا الاتحادية.لقد تم تبني قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 بإجماع دوله الدائمة العضوية، وكان ذلك في 18 ديسمبر 2015، والمعروف أن هذا القرار طالب جميع الأطراف بالتوقف "فوراً" عن شن هجمات ضد أهداف مدنية، وبدعم الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار، كما طالب الأمم المتحدة بجمع الأطراف للدخول في مفاوضات رسمية في أوائل يناير 2016... وبالطبع فإن هذا كان قبل جريمة خان شيخون الآنفة الذكر، وبالطبع أيضاً وبالاستناد إلى "جنيف 1"، وعلى أساس إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة في غضون 18 شهراً "ليتم التحول السياسي المطلوب باختيار قيادة (سورية) جديدة".
ولعل أسوأ ما قاله ماكرون لثماني صحف أوروبية، وبعد أيام قليلة من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "الخاطفة" لباريس هو "أن الأسد عدو للشعب السوري لكنه ليس عدواً لفرنسا"، فهل يعقل يا ترى أن يصدر مثل هذا الكلام عن رئيس من المفترض أنه وريث الثورة الفرنسية العظيمة، وكان عليه قبل أن يقوله أن يأخذ في اعتباره أن فرنسا نفسها تعتبر أن أي نظام يعادي شعبه هو عدو، وبالضرورة لكل الأنظمة الديمقراطية في العالم كله. كان على الرئيس ماكرون قبل أن يقول إنه لا يرى بديلاً شرعياً للرئيس السوري، وأن فرنسا لم تعد تعتبر رحيله شرطاً مسبقاً لحل الصراع المستمر منذ 6 أعوام أن يأخذ بعين الاعتبار أنه لو تم تطبيق هذا المفهوم على كل طغاة الأرض، ومن بينهم أدولف هتلر وموسيليني وأنطونيو سالازار، وغيرهم كثيرون، لبقي هؤلاء يرتكبون الجرائم التي كانوا يرتكبونها ولسنوات طويلة. أما أن يخشى ماكرون على سورية من أن تصبح دولة فاشلة فإن هذا إما أن يكون "حولاً" سياسياً لا يجوز أن يصاب به رئيس دولة عظمى من المفترض أن لديها اطلاعاً وثيقاً على كل ما يجري في هذا الكون، أو أنه "نفاق" مصطنع لمجاملة فلاديمير بوتين الذي من المفترض أنه سيراه في موسكو بعد أيام قليلة... إن هذه الدولة التي كانت في ذهنك يا فخامة الرئيس، قبل أن يصيبها ما أصابها في عهد بشار الأسد، الذي لم تعد تعتبر رحيله شرطاً مسبقاً لحل هذا الصراع المستمر منذ أكثر من 6 أعوام، لم تعد موجودة على الإطلاق، وعليك، إذا أردت أن تتأكد من هذا، أن تسأل النائب السابق لرئيس الجمهورية العربية السورية عبدالحليم خدام، المقيم في باريس الآن، كما أن عليك أن تعود إلى ما كان قاله رئيس أركان الجيش السوري في عهد حافظ الأسد الجنرال حكمت الشهابي عام 2011 للقائد اللبناني الكبير وليد جنبلاط... لقد قال: إن سورية ذاهبة إلى حرب أهلية ومتجهة إلى ما يشبه الصومال، وبشار الأسد يريد "التقسيم"... إنهم يريدون التقسيم... وسورية التي نعرفها لن تعود.
أخر كلام
ما الذي أصاب ماكرون؟!
23-06-2017