عرف بطيبته وحبه للناس، وورث منه أبناؤه ذلك، وعاش حياة صعبة، لكنه لم ييأس بل كافح وتغلّب على التحديات التي واجهته في حياته، وعاش حتى توفاه الله تعالى في هذا الشهر الكريم 19 رمضان 1438 هـ الموافق 14 يونيو 2017م.

العم عيد محارب العبكل، رحمه الله تعالى، هو آخر الناجين من طبعة بلال الصقر عام 1942، تلك الطبعة التي راح ضحيتها 24 بحاراً كويتياً ونجا 12 رجلاً، منهم النوخذة بلال الصقر ومبارك المجيبل، رحمهما الله.

Ad

ولد بومحارب في فريج بورسلي بالحي الشرقي بمدينة الكويت عام 1922، وكان منزلهم يقع على "حفرة العبكل" المعروفة بجوار بيت فالح أم خضير، وبيت جاسم المناعي، والشريدة المجدلي، وابداح المطيري، والصانع، والصلال، والمنديل، وذعار العتيبي، والعياضي، ويوسف الملا، وبيوت الفقعان، وحصة العيمية، والسكيني، وغيرهم.

درس على يد الملا رضا وختم القرآن عنده، ثم درس عند الملا مرشد وتعلّم الكتابة والحساب.

بدأ العمل وهو صغير في البحر "تباباً" بصحبة والده في شوعي عائلة العبكل عام 1934، ثم عمل في بيع ونقل الصخور باستخدام الحمير. اشتغل مع مجموعة من نواخذة الغوص والسفر، ومنهم النواخذة حمد البراك، وصالح البصيري، وعبدالله بن عليوة، وابن شريدة، وبلال الصقر، وعمل أيضا في الغوص مع مجموعة من أبناء أسرة الفقعان الكريمة.

وقال لي في مقابلة تلفزيونية معه بثها تلفزيون الشاهد على حلقتين في 16 و23 نوفمبر 2012م إن والده توفي في عام 1934 وهو في العقد الخامس من العمر، مما اضطره إلى العمل وهو صغير مع مجموعة من أبناء أسرة الفقعان، وكان عملهم في الغوص.

وقال لي إنه اشتغل في بيع الأسماك التي كان يشتريها من صيادين في منطقة "حد حمارة" القريبة من الحدود الجنوبية، ويبيعها في سوق السمك بمدينة الكويت، وكان ينقلها بسيارة نقل "لوري" ممتلئة يومياً، وذلك في فترة الخمسينيات.

وعن طبعة بلال، وهي من أشهر الطبعات في تاريخ الكويت، قال لي المرحوم بومحارب إن العاصفة (الطوفان) هبت على سفينتهم التي كان النوخذة بلال الصقر يقودها وهم في عرض البحر، بعد خروجهم من بومبي عائدين إلى الكويت. وبرغم اجتهادهم وصبرهم على العاصفة مدة يوم كامل، فقد غرقت السفينة، وظل هو والنوخذة بلال ومبارك المجيبل متمسكين بالماشوة، وهي سفينة الإنقاذ الصغيرة التي ترافق السفينة الكبيرة، حتى وجدوا سفينة كويتية لم تغرق لكن بحارتها فقدوا وعيهم، فصعدوا على السفينة، ثم تم إنقاذهم من قبل باخرة كبيرة.

يقول إن كل همه، وهو في أصعب وأخطر الظروف التي مرت عليه في حياته، كان والدته التي ليس لها ولد غيره، وكانت تنتظره بفارغ الصبر في الكويت. نجا أيضا من حوادث عدة كادت تقضي على حياته وهو في الغوص والسفر.

عرف، رحمه الله، بأنه مؤسس في فرقة معيوف للفنون البحرية في خمسينيات القرن الماضي، ولم يتوقف عن المشاركة معهم في معظم المناسبات الشعبية لفترة طويلة من الزمن.

رحمك الله بومحارب وأسكنك فسيح جناته.