لماذا التغيير؟
![عبداللطيف المناوي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1459078147207955600/1459078157000/1280x960.jpg)
هذه المخاوف يمكن أن تنطبق على التعامل مع تلك القوة القديمة المتجددة وهي الرغبة في التغيير، أو قوة التغيير، وهي تعيش الآن إحدى أعتى صورها وأفضل تجلياتها، ومثلها مثل القوى الأخرى التي ذكرت لها بعض الأمثلة، فقوة التغيير هي قوة قابلة للتوظيف الإيجابي، أو للانسحاق أمامها، فالمعيار هنا أو العنصر الحاسم هو: هل نقود نحن التغيير أم نقف "متسمرين" أمامه، فلا نجد مستقبلاً لنا إلا بانسحاقنا وفقاً لقوانينه أو لقوانين من يحركه؟أظن أن المخرج الوحيد لأنظمتنا ولنا في هذه المرحلة أن نقود نحن عجلة التغيير بأيدينا، تلك العجلة التي بدأت في الدوران ولم يعد بإمكان شخص ما أو نظام ما القدرة على إيقافها أو دفعها إلى الوراء، قد يتمكن من وضع بعض العصي أثناء دوران هذه العجلة، ولكنه أبداً لن يتمكن من إيقافها حتى لو نجح جزئياً في تعطيلها.المطلوب في هذه المرحلة التجاوب مع قوة التغيير التي أصبحت المطلب الأول الآن بين الشعوب، هذا التجاوب يمكن أن يصب في مصلحة هذه الشعوب إذا ما حدث ذلك الاكتشاف المشترك بين الشعوب وحكامها لتلك النغمة المفتقدة بينهما، اكتشاف الأنظمة للغة حوار صحيح مع شعوبها، وقدرة هذه الأنظمة على تلبية رغبات تلك الشعوب في الحياة وفقاً لمعايير تشعر هذه الشعوب بأنها تستحقها هي الأسلوب القادر على استعادة هذه الأنظمة لشعوبها ومكانتها بينها، وإذا ما عجزت تلك الأنظمة عن القيام بتلك المهمة فإن ذلك لن يكون سوى دلالة على انتهاء صلاحية ذلك النظام، ولكي يتمكن النظام من التغلب على تلك الأزمة، فلا سبيل أمامه إلا دفع قوى التغيير الحقيقية داخله لتتبوأ قيادة عجلة التغيير، وعلى الأنظمة في هذه اللحظة التخلص من كل من يحاول أن يضع عصا في عجلة التغيير المتحركة، أو من يحاول دفع عجلة التغيير من الخلف مستعيناً بقوى من خارج هذا المجتمع لتوجيه عجلة التغيير لتصب في إطار مصالح خاصة لفئة أو طائفة أو قوة خارجية، ولا يبقى لقيادة عجلة التغيير إلا أولئك المنتمون بحق إلى هذا المجتمع والمؤمنون بأهمية هذا التغيير وتطويعه ليتحول إلى قوة مضافة لا قوة هادمة.