مفتي البوسنة السابق الدكتور مصطفى سيريتش لـ الجريدة.: نواجه أفكار العائدين من «داعش» بالإشراف الكامل على المساجد
«الاندماج السياسي وسيلة لتأكيد هوية المسلمين»
أكد مفتي البوسنة السابق، د. مصطفى سيريتش، أن دار الإفتاء البوسنية اتخذت حزمة تدابير إزاء الشباب المسلمين العائدين من القتال في سورية والعراق، وذلك بضم جميع المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية حتى لا يستطيع هؤلاء نشر الأفكار التكفيرية والمتشددة بين مسلمي البوسنة، بعدما تم تسمم أفكارهم بمعتقدات لا تمت إلى الإسلام بصلة.
ودعا سيريتش- في حوار أجرته معه "الجريدة" خلال زيارته الأخيرة للقاهرة- المسلمين في أوروبا إلى ضرورة الاندماج السياسي بشكل فاعل حتى يتمكنوا من خدمة الإسلام والمسلمين بالمشاركة المجتمعية، والتعبير عن صورتهم بشكل مؤسسي يضمن لهم ممارسة شعائرهم من دون مضايقة... وإلى نص المقابلة:
ودعا سيريتش- في حوار أجرته معه "الجريدة" خلال زيارته الأخيرة للقاهرة- المسلمين في أوروبا إلى ضرورة الاندماج السياسي بشكل فاعل حتى يتمكنوا من خدمة الإسلام والمسلمين بالمشاركة المجتمعية، والتعبير عن صورتهم بشكل مؤسسي يضمن لهم ممارسة شعائرهم من دون مضايقة... وإلى نص المقابلة:
● هل مازال المسلمون في أوروبا يعانون أزمة الاندماج حتى الآن؟- بالتأكيد المسلمون في أوروبا اليوم يواجهون صعوبات كبيرة في سبيل المحافظة على هويتهم، نظراً لعدم توفر الإرادة لدى بعض الحكومات الأوروبية لتنظيم احتياجاتهم الدينية، وحقوقهم الاجتماعية، حيث يتوقع الناس من المسلمين أن ينسجموا تماما مع شرائح المجتمع، إلى جانب تكون انطباع عام عن الإعلام الغربي، مفاده أن المسلم لن يكون مواطناً أوروبيا صالحا إلا إذا تنكر لأصله الإسلامي، وإذا لم يفعل ذلك فسيواجه الاتهام بأي شيء يحدث في العالم الإسلامي، وكأن تلك الجريمة اقترفها بنفسه، ولهذا نجد أن أوضاع المسلمين في أوروبا ليست دينية فحسب، لا سيما الجانب المتعلق بأخلاق الشخصية الإسلامية، بل إنه في العديد من الحالات نجد أمورا سياسية بصفة عامة، ما يجعلهم يعيشون بصورة دائمة تحت هاجس الخوف وعدم الاطمئنان، ولذا لابد أن يبعد الإسلام عن التأثير السياسي حتى يكون دينا عالميا، هدفه تعليم أتباعه ممارسة السلوك، وهذا يتطلب أن يتسلح المسلمون بمعرفة السياسة الدولية حتى يتمكنوا من إنقاذ دينهم من التسييس.
● ما الذي يمكن أن يتم حتى تصبح قيم الإسلام أرضاً مشتركة لكل المسلمين في أوروبا؟- يتوجب أن ندرس بصورة جدية طريقة تجعل كلاً من وجود الإسلام كدين عالمي والمسلمين كمواطنين دوليين أمرا مؤسسيا، كما يتطلب الأمر أن نعلي من رسالة الإسلام، وهي العهد والسلام والأمن عبر العالم، والعمل على توضيح أن الإسلام ليس دين العنف والإرهاب.● منحت جائزة السلام من منظمة "اليونيسكو" بالأمم المتحدة عن نشرك للوسطية بين الأديان، فما أهم ركائز هذه الدعوة؟- الوسطية هي روح الإسلام وعنوانه بين كل البشر، فبها انتشر الإسلام ومن خلالها استطاعت كل الأديان أن تعيش في كنفه، ونحن- مسلمي البوسنة- قمنا بتأسيس مشروع دعوي في كل أوروبا أطلقنا عليه مشروع الوسطية، للتعريف بالإسلام الصحيح، وقد لاقى قبولا كبيراً، وتم تأسيس مجلس إدارة الأوقاف البوسنية لشؤون الوسطية، من أجل الحوار بين الديانات والمعتقدات الأخرى، لأن الحوار هو شريان الحياة واستمرار الأديان في سلام على أرض مشتركة، ومن شروطه أن يكون الحوار متكافئاً وأن يسير وفق خطوط متوازية وبرامج معدة سابقا، وهذه كانت أهم المرتكزات التي انطلق منها مشروع الوسطية. ● حدثنا عن الوعي الديني لمسلمي البوسنة.- الشيوعية فرضت قيود أغلالها قرابة 70 عاماً على المسلمين في البوسنة، فأغلقت المساجد والمؤسسات الدينية، وعملت على تذويب هويتنا واليوم بعد أن نعمنا بالأمن والسلام بعد الحرب حدث تفاهم بموجبه أصبح من المسلمين وزير وأصبحت هناك أوقاف مخصصة لنقل شعائر المسلمين عبر التلفزيون الرسمي والإذاعة، وبفضل هذا المناخ استنهض المسلمون حياتهم وممارسة معتقداتنا بسلام، وزاد وعي المسلمين البوسنيين دينيا بشكل كبير.● ماذا عن دور الإفتاء في زيادة هذا الوعي الديني؟- نعمل على إرسال أبنائنا للدراسة بالأزهر وجامعات الدول الإسلامية، وقمنا بإنشاء مدارس ابتدائي وإعدادي وثانوي من أجل تخريج أجيال مسلمة قادرة على المشاركة والفاعلية في إدارة البلاد، إلى جانب إقامة العديد من الكتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم، وعدد الذين يحفظون القرآن الكريم في زيادة مستمرة.● هناك عدد كبير من الشباب المسلم في البوسنة انضم لصفوف القتال في سورية والعراق وليبيا، فكيف تتعاملون مع هؤلاء بعد رجوعهم بالأفكار المتشددة؟- هذه ليست مصيبتنا فقط، فهناك أعداد كبيرة من أبناء المسلمين في أوروبا اشتركوا في القتال في صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، ومن أجل الوقاية قامت دار الإفتاء في البوسنة بإجراء احترازي بضم جميع المساجد ووضعها تحت إشرافها، حتى لا يجد العائدون فرصة لنشر أفكارهم المتشددة والتكفيرية، كما أننا نجهز لعقد دورات تأهيلية لهؤلاء من أجل إعادة اندماج هؤلاء الشباب بالفكر الوسطي المستنير، بعد أن ظهرت أولى أعراض هذا الفكر المتشدد في تهديد المفتي الحالي بالقتل لمسايرته الحكم الحالي.
مشروع الوسطية البوسني يلقى ترحيباً من جميع المنظمات الأوروبية