مفتي قرغيزستان الشيخ مقصد بك لـ الجريدة.: أُحذِّر من تنامي التيارات الأصولية المتشددة في وسط آسيا
«المسلمون القرغيزيون شغوفون بممارسة الإسلام بعد انقطاع دام 70 عاماً»
أكد مفتي دولة قرغيزستان الشيخ مقصد بك، أن بلاده أصبحت أرضاً خصبة للفارين من التنظيمات الإرهابية في العالم، بسبب الفقر والأمية التي يعانيها كثير من مسلمي بلاده، وسنوات القمع والتفكك إبان الحكم الشيوعي الذي حكم البلاد قرابة 70 عاماً.
وأوضح في حوار لـ "الجريدة" خلال زيارته الأخيرة للقاهرة أن دار الإفتاء القرغيزية استطاعت إجبار واضعي الدستور على إلغاء القوانين التي تبيح زواج المثليين الذي لا يتناسب مع عقيدة المسلمين الذين يمثلون أغلبية في هذا الوطن، داعيا إلى ضرورة مواجهة الفتاوى التكفيرية التي تدعو إلى الجهاد والقتل، وتشوه صورة الإسلام... وإلى نص الحوار:
وأوضح في حوار لـ "الجريدة" خلال زيارته الأخيرة للقاهرة أن دار الإفتاء القرغيزية استطاعت إجبار واضعي الدستور على إلغاء القوانين التي تبيح زواج المثليين الذي لا يتناسب مع عقيدة المسلمين الذين يمثلون أغلبية في هذا الوطن، داعيا إلى ضرورة مواجهة الفتاوى التكفيرية التي تدعو إلى الجهاد والقتل، وتشوه صورة الإسلام... وإلى نص الحوار:
● في البداية، هل لك أن تحدثنا عن دولة قرغيزستان؟- تقع قرغيزستان في أواسط آسيا في إقليم التركستان، وكانت قديما ملتقى طريق الحرير، وعندما فتح المسلمون خراسان وانتشر الإسلام في هذه البلدان، وعاش المسلمون أزهى عصوره خاصة عهد السلاجقة، واستطاعت هذه الشعوب تذويب المغول، أعتى القوميات في آسيا حينها، ودخلوا الإسلام، وجاءت أسوأ حقبة لبلدان التركستان، بعد أن سيطرت الشيوعية بقيادة الروس عام 1866 ميلادية، وانحصر الإسلام بسبب الاضطهاد، وسيطر علينا الضعف والتفكك، وتم تغيير لغتنا الأصلية وهي العربية إلى اللغة الروسية.
● قرغيزستان خضعت لاحتلال من الاتحاد السوفياتي قرابة 70 عاماً، فهل لهذه الفترة تأثير على واقع المسلمين؟- قرغيزستان دولة نالت استقلالها حديثا عام 1992، وخلال الوجود السوفياتي طمست معالم الحياة الإسلامية تماما، رغم أن المسلمين الآن يشكلون أكثر من 80 في المئة من السكان، وبسبب التضييق على الوجود الإسلامي تم تهجير أعداد كبيرة إلى سيبريا إبان حكم الرئيس ستالين، وقاموا باستقدام مواطنين أوكرانيين، وتم تحويل المساجد إلى مسارح ومتاحف ومخازن للغلال، وكادت الشعائر الإسلامية تختفي، وبعون الله بعد الاستقلال استعدنا عددا كبيرا من هذه المساجد.● هل ساهم استقلال قرغيزستان في استعادة هويتكم الدينية؟- بكل تأكيد بعد الاستقلال كان المسلمون أكثر شغفاً إلى الإسلام وإقامة الشعائر وممارسة عقائدهم، بعدما كانت هذه الطقوس تمارس سرا، وتمت تقوية العلاقات بالدول الإسلامية، وقمنا بإرسال أبنائنا للدراسة في الخارج لتعلم الفقه والدعوة، وكذلك الانضمام الرسمي للمنظمات الإسلامية، وقمنا بعمل بعثات الحج والعمرة، وأسسنا المدارس والجامعات، ومازالت معدلات الفقر هي الأكبر لدينا بعد الاستقلال، فقد بلغت الأمية معدلات غير مسبوقة.● ما دور دار الإفتاء لتلبية احتياجات المسلمين؟- دار الإفتاء تقدم الفتاوى التي يحتاج إليها المسلمون في قرغيزستان، وتعمل على نشر صحيح الدين، وتوفير ترجمات معاني القرآن الكريم والسيرة النبوية، ودار الإفتاء ليست وحدها المنوط بها تشكيل الوعي، بل تتقاسم معها جهات أخرى مثل الجامعات والمراكز الإسلامية، والتي تعمل أيضاً على تعليم اللغة العربية. ● كيف تتعاملون مع الفتاوى التي تطلب منكم؟- لابد من تأكيد أن دار الإفتاء في بلدي تتبع الإدارة الدينية للإفتاء لوسط آسيا ومقرها مدينة طشقند كسائر دول التركستان، فنحن نتبع إدارة إفتاء موحدة، نظرا لتشابه الظروف بين هذه البلدان التي نالت استقلالها بعد تفتت الاتحاد السوفياتي، كما أننا نستعين بعلماء العالم الإسلامي في الفتاوى الفقهية، وأيضاً المجامع الفقهية المختلفة.● الحركات الإسلامية الداعية للجهاد في تزايد ببلدكم، فما الأسباب؟- الجماعات المتطرفة الجهادية وجدت قرغيزستان أرضا خصبة، نظرا للفقر والأمية الدينية، إلى جانب أن هناك أعدادا كبيرة انضمت في سنوات سابقة لـ "القاعدة"، وعند عودتها نشرت الفكر المتطرف التكفيري، واستجاب لها قطاع كبير من المسلمين، ظنا منهم أن هؤلاء يمثلون الإسلام الصحيح، إلى جانب أن هذه التيارات عمقت من النظرة الانتقامية من الشيوعيين إبان الحكم الشيوعي، إلى جانب أن أمراء الجهاد الفارين من "القاعدة" اتخذوا قرغيزستان مكانا آمنا لهم، وأخيرا انضم أكثر من 600 فرد إلى صفوف "داعش" في سورية والعراق وليبيا، بسبب تشبع هؤلاء بهذا الفكر.● كيف تواجهون خطر العائدين من "داعش"؟- نواجه هؤلاء بنشر الفتاوى التي تحض على عدم المشاركة في القتال والجهاد، وتعقد دار الإفتاء الندوات التثقيفية للشباب للتحذير من الوقوع في شراك هذه الأفكار، ومن خلال خطب المساجد نحذر المسلمين من الوقوع تحت تأثير هذه الجماعات المتطرفة، وتوعية الآباء من وقوع أبنائهم في شباك التكفيريين.● كان لكم دور كبير في التصدى للقوانين التي تبيح زواج المثليين، فهل استجاب المشرع لذلك؟- عند وضع دستور البلاد، لم يسمح لنا بالمشاركة في وضع القوانين التي تخص عقيدتنا، وتقدمنا للجنة تعديل الدستور بطلب من دار الإفتاء بأن هذه القوانين لا تناسب عقيدة المسلمين لكونهم أغلبية، واستجابت اللجنة، وتم تعديل الفقرة التي كانت تقول إن "الزواج عقد بين شخصين"، ليصبح :"الزواج عقد بين رجل وامرأة"، فنحن لا نوافق على القوانين الشاذة التي يدعو إليها الغرب، ولا تناسب معتقداتنا.● هل دستور الدولة يعوق ممارسة عقيدتكم؟- دستور قرغيزستان يقر بعلمانية الدولة، وهو فصل الدولة عن الدين، ومع ذلك سمح للمواطنين بممارسة عقائدهم بكل حرية، رغم سعي تيارات دينية إلى فرض الشريعة الإسلامية على الدولة، لكن ذلك قوبل بالرفض.
نواجه العائدين من "داعش" بالتأهيل النفسي