رحبت القاهرة على لسان مصدر أمني رفيع المستوى ببدء المسؤولين عن قطاع غزة الخاضع لسيطرة حركة "حماس"، إجراءات إنشاء منطقة عازلة على الحدود بين رفح الفلسطينية والمصرية، بما يعمل على ضبط الحدود المشتركة، لا سيما مكافحة عمليات التسلل ومنع عمليات التهريب المختلفة.وقال المصدر لـ"الجريدة"، إن هذا الإجراء جاء وفق اتفاق وتفاهم أمني مشترك جرى خلال زيارة وفد من "حماس" للقاهرة مؤخراً، برئاسة رئيس مكتبها السياسي في غزة يحيى السنوار، بإنشاء هذه المنطقة العازلة على الحدود بعمق 100 متر داخل الأراضي الفلسطينية بطول 12 كيلو متراً، كمرحلة أولى، إلى جانب نشر منظومة مراقبة بالكاميرات وأبراج مراقبة، وتركيب شبكة إنارة كاملة على طول الحدود، بحيث تصبح منطقة عسكرية مغلقة.
وأشار المصدر إلى أن الإجراءات التي تقوم بها الجهات المسؤولة في غزة تأتي ضمن حزمة اتفاقات من شأنها تحقيق إعادة الثقة بالتعاون المشترك، وما يتبعها من خطوات إيجابية، تمهد للانفتاح على القطاع أمنياً وتجارياً.وبدأت وزارة الداخلية التي تديرها "حماس" أمس بالفعل في إقامة المنطقة العازلة.وأعلن اللواء توفيق أبونعيم وكيل الوزارة الذي كان يتابع ميدانيا أعمال التسوية والتعبيد لوكالة فرانس برس أن "هذه الإجراءات تأتي في سياق نتائج الزيارة الاخيرة للوفد الأمني لمصر والتفاهمات التي تمت في هذا الاطار".والتقى وفد قيادي وأمني برئاسة يحيى السنوار رئيس "حماس" في القطاع مع المسؤولين الأمنيين المصريين خلال زيارة للقاهرة قبل عدة أسابيع استمرت تسعة أيام، وتمت مناقشة الأوضاع المعيشية والإنسانية والأمنية والحدود في قطاع غزة.وأكد أبونعيم أن المنطقة العازلة "ستصبح منطقة عسكرية مغلقة، وذلك من أجل تسهيل مراقبة الحدود، ومنع تهريب المخدرات، وتسلل المطلوبين"، موجها "رسالة طمأنة" إلى مصر "أن الأمن القومي المصري هو أمن قومي فلسطيني، ولا يمكن أن نسمح بأي تهديد للحالة الامنية المستقرة على الحدود".وشرعت الجرافات وآليات الوزارة في أعمال تسوية الأراضي وهدم البيوت المحاذية للحدود.إلى ذلك، ومع حلول الذكرى الرابعة لـ"30 يونيو 2013"، غداً، أنهت وزارة الداخلية المصرية أمس، مراجعة خطتها الأمنية لتأمين فعاليات إحياء ذكرى التظاهرات الحاشدة التي أنهت حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي وجماعة "الإخوان المسلمين"، في 3 يوليو 2013، وتتحسب الأجهزة المصرية من تنظيم عناصر إخوانية تظاهرات، أو استغلال عناصر إرهابية الذكرى لتنفيذ عمليات ضد المصريين، خاصة الأقباط.من جهته، اجتمع وزير الداخلية، اللواء مجدي عبدالغفار، بمساعديه وقيادات الوزارة أمس، لاستعراض محاور الخطة الأمنية الشاملة التي أعدتها الوزارة لتأمين احتفالات "30 يونيو"، في حين قال مصدر أمني لـ"الجريدة"، إن توجيهات صدرت بالتنسيق والتعاون مع القوات المسلحة، لتأمين فعاليات الاحتفال.وأشار المصدر الأمني إلى أن الخطط تتضمن إلغاء الإجازات والراحات في جميع المواقع لضباط الشرطة وضباط الصف والمجندين، مع التشديد على ضرورة التصدي لأي عمليات لترويع المواطنين ونشر الفوضى أثناء الذكرى، وفقا للقواعد القانونية المنظمة، وتشمل الخطة تكثيف الوجود الأمني بالميادين والشوارع الرئيسية والمنشآت الحيوية والدينية والكنائس والأديرة بالمحافظات، وردع أي اعتداءات قد تتعرض لها.وامتد الاستنفار الأمني إلى سيناء، إذ قال شهود عيان لـ"الجريدة"، إن قوات الشرطة انتشرت بكثافة في مدينة العريش كبرى مدن شمالي سيناء، منذ الساعات الأولى من صباح أمس، في حين تم تشديد الرقابة عند الكمائن الأمنية الثابتة على الطريق الدولي والطرق الفرعية، كما تم تكثيف القوات الثابتة في الأكمنة المنتشرة في مدن وطرق محافظة شمال سيناء.
استعراض الإنجازات
وفي حين بعث رئيس الحكومة شريف إسماعيل، ببرقية تهنئة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي بمناسبة الذكرى، شدد فيها على أن الشعب المصري صنع أعظم الثورات في العصر الحديث، أعدت إدارة "الشؤون المعنوية" بالقوات المسلحة، عدة تقارير عن إنجازات الجيش منذ "ثورة 30 يونيو"، بداية من افتتاح قناة السويس الجديدة في يونيو 2015، وما صاحبها من أعمال تنمية وتطوير لشبكة الطرق بطول 3200 كيلومتر، بجانب بدء تنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة.وأشارت القوات المسلحة إلى جهودها في القضاء على العشوائيات، ومشروعات الأمن الغذائي واستصلاح الأراضي، كما تضمنت التقارير جهود القضاء على أزمة الكهرباء وأعمال تطوير السكك الحديدية ومترو الأنفاق، ومنطقة الضبعة ومدينة العلمين الجديدة والإسماعيلية الجديدة، إضافة إلى البدء في مكافحة الفساد بشكل غير مسبوق.دعوى جديدة
إلى ذلك، لم تستسلم القوى المدنية المعارضة لاتفاقية ترسيم الحدود بين القاهرة والرياض، والتي تنتقل بموجبها ملكية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، على الرغم من تصديق السيسي على الاتفاقية، إذ أقام المرشح الرئاسي الأسبق المحامي الحقوقي، خالد علي، طعناً جديداً أمس، أمام محكمة القضاء الإداري يطالب فيه بوقف تصديق الرئيس على الاتفاقية، وعدم إنزال العلم المصري من فوق الجزيرتين، إلى حين الفصل في النزاع.واستند خالد علي، في طعنه الجديد إلى حكم المحكمة الإدارية العليا، 16 يناير الماضي، الذي قضى ببطلان الاتفاقية، لأن تيران وصنافير من أراض مقطوع بمصريتها، ولا يجوز لأي سلطة، ولا حتى الاستفتاء الشعبي، التنازل عنهما، لمخالفة ذلك نصوص الدستور المصري، مشددا على أن التوقيع على الاتفاقية يتعارض مع المصالح العليا للبلاد.زيارة المجر
خارجياً، يبدأ الرئيس المصري زيارة رسمية للعاصمة المجرية، بودابست، الأحد المقبل، تلبية لدعوة رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، لحضور قمة دول تجمع "الفيس جراد"، التي تضم دول بولندا والمجر والتشيك وسلوفاكيا، وقال مصدر مطلع لـ"الجريدة"، إن مشاركة السيسي تأتي بهدف دفع العلاقات الثنائية بين مصر ودول التجمع، وتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي المشترك.مشاركة السيسي في القمة، ستحول دون مشاركته في أعمال القمة الإفريقية الـ29، التي تستضيفها العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، الاثنين والثلاثاء المقبلين، إذ تقرر أن يشارك رئيس الحكومة شريف إسماعيل، نيابة عن الرئيس، حيث استبق وزير الخارجية سامح شكري الوفد المصري، وبدأ زيارة إثيوبيا أمس، للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الإفريقي بعد غد السبت.