تأسست جائزة معهد غوته عام 1954 واتخذت من مدينة وايمار مسقط رأس الفيلسوف الألماني مقراً لها. من الكتّاب العرب الذين نالوها: الشاعر اللبناني فؤاد رفقا (2010)، والمفكّر السوري صادق جلال العظم (2015).

لا شك في أن اختيار الأديبة اللبنانية إملي نصرالله يندرج ضمن شعار الجائزة لهذا العالم «اللغة هي المفتاح»، وذلك نظراً إلى تجربتها العميقة سواء في الرواية أو في القصة، في تصوير تطور المجتمع اللبناني ومعاناته من الحرب التي اجتاحته على مدى خمسة عشر عاماً والتحول الذي أحدثته في النفوس. وقد جاء في براءة الميدالية: «إميلي نصرالله إحدى الكاتبات المعروفات في العالم العربي، كتبت للأطفال والكبار وابتكرت لغة شعرية وصفت من خلالها زمن الحرب في لبنان».

Ad

تكمن فرادة الأديبة اللبنانية إميلي نصرالله ليس في كونها اختطت لنفسها طريقاً خاصاً ينهل من معين التراث والأحلام والطموحات، ولا يسجن نفسه ضمن دائرة واحدة، بل لأنه ينفتح على دوائر الحياة كافة، لذا ترجمت رواياتها وقصصها إلى لغات العالم: الفنلندية، الدانماركية، الإيطالية، الهولندية والألمانية، من بينها على سبيل المثال: «طيور أيلول» (ترجم إلى الألمانية عام 1998)، «الإقلاع عكس الزمن» (ترجم إلى الألمانية عام 1991)، «الرهينة» (ترجم إلى الألمانية عام 1996)، «يوميات هرّ» (ترجم إلى الألمانية بين 1998-2001).

نضال واغتراب

تدور روايات أميلي نصراللّه وقصصها حول الجذور العائلية، الحياة في القرية اللبنانية، الاغتراب والهجرة، نضال المرأة في سبيل المساواة والتحرّر، لا سيما حرّية التعبير، الحرب التي عانت ويلاتها على غرار ابناء وطنها، إذ احترق منزلها العائلي، مع مخطوطات لها إبّان الإجتياح الإسرائيلي لبيروت (1982).

في روايتها الأولى والأكثر شهرة «طيور أيلول» (1962) تنتقد إميلي نصرالله التقاليد والأعراف انطلاقاً من رفضها لها، تتكلم عن أحلام الشباب، الخروج أبعد من القرية، حلم المدينة، الحب الذي تختاره البنت وليس أهلها، باختصار تشنّ ثورة على التقاليد التي كانت سائدة في ستينيات القرن الماضي.

أما في «الينبوع» (مجموعة قصصية- 1978)، فتتابع رسم الملامح الأساسية لأدَبها ذي النزعة الإنسانية المضيئة، والنسج الفَنيّ والجَمالي المتَميّز الذي يحيلُ المعاناة شُعلَة دائِمَة اللهب وَالسُّطوع، كيف لا ومن الينبوع تتفجَّرُ الحياة...

وتكمل إميلي نصر الله في «الباهرة» (رواية للأطفال- 1975) رحلتها في اكتشاف كنه الأشياء والطبيعة والإنسان، فتصوّر معاناة طفل أوصي بالبحث عن الحلم في الطبيعة، كدرس له يعلمه خفايا الحياة وصعابها وإنها ليست كما يعيشها بين والديه سعادة ويسر.

حكايات الحرب اللبنانية التي أدمت قلبها، ترويها إميلي نصرالله في كتابها «الطاحونة الضائعة» (مجموعة قصصية- 1984)، انطلاقاً من الحصار الجسدي والنفسي للصغار القابعين في الملاجىء، والكبار الجالسين خلف الشبابيك المغلقة والقريبة من خطوط التماس.

أما كتابها «الإقلاع عكس الزمن» (1981) فيختصر زخمَ الرواية العربيّة الحديثة، ويُبلور خصائصها الإبداعيّة، تحليلًا وتشويقاً وأبعاداً نفسِيّة وإنسانية وحَضارية، ويعتبر شاهداً على عصرٍ وَبيئة، ومرآةً لحركة في الحضارة والتاريخ، مِن خِلال نَماذج بشَريّة تعكس في تصرّفها ومشاعرها وأفكارها أدقَّ تموُّجات تِلك الحركة.

في كتابها «من حصاد الأيّام (ثلاثة اجزاء)، تعود إميلي نصر الله إلى القرية، بكلّ ما أبدعت من قيَمٍ وتقاليد ووجدان صاف، إلى السنديانة الدهرية التي لا تزال مدرسةً للجمال والصبر والحكمة الثمينة، وتركّز على المرأة، أمًّا وأديبة وسيّدة منزل وعاملة، مقيمة ومهاجرة، وحاملة «مفاتيح الحياة».

في هذا السياق من التنوع تتوالى مؤلفات إميلي نصرالله في الرواية: «شجرة الدفلى» (1968)، «الرهينة» (1974)، تلك الذكريات (1980)، «الجمر الغافي» (1995). وفي مجموعات قصصية: «جزيرة الوهم» (1973)، المرأة في 71 قصة» (1983)، «خبزنا اليومي» (1990) «محطات الرحيل»(1996)، «الليالي الغجرية» (1998)، «أسود وأبيض» (2001 )، «رياح جنوبية» (2005). وفي مؤلفات الأطفال: « شادي الصغير» (كتاب قراءة للأطفال- 1977)، «يوميات هرّ» (رواية - 1977)،» روت لي الأيام» (مجموعة أقاصيص- 1997)، «الغزالة» (1998)، « أندا الخوتا»(2000)، «على بساط الثلج» (رواية – 2000)، «أوراق منسية» (مجموعة أقاصيص- 2001)، وفي أعمال مختلفة: «في البال» (ذكريات صحافية- 2000)، «نساء رائدات» (سيرة في ستة أجزاء 2001).

نبذة

ولدت إملي نصرالله في 6 يوليو 1931 في قرية الكفير جنوب لبنان، تلقت تعليمها الجامعي في الجامعة الأميركية في بيروت ونالت الماجستير سنة 1958، عملت روائية، صحافية، كاتبة مستقلة، معلمة، محاضرة، ناشطة في حقوقِ المرأة. نالت جوائز عدة من بينها: جائزة الشّاعر سعيد عقل في لبنان، جائزة مجلّة فيروز، جائزة جبران خليل جبران من رابطة التّراث العربيّ في أوستراليا، وجائزة المؤسّسة العالميّة لكتب الأولاد عن رواية «يوميّات هرّ».