يا أديب ابتسم! فأنت غريب في هذا العالم. غربتك فريدة من نوعها، فغريبٌ أنت في بلادك، غريبٌ أنت بين أترابك، غريبٌ بين عائلتك على مائدة طعامك... تهميش وعزل غير مفهومين عايشتهما طوال سني حياتك، فمثل "المحاكمة" لكافكا أنت متهم بشيء لا تدري ما هو، ومع مرور الزمن تدرك أن تهمتك هي الاختلاف وعقابها هو ذلك التهميش والعزل.غريبٌ أنت، لأنك تقرأ! غريبٌ أنت، لأنك تجرأت على أن تكون فرداً ذا تفكير مستقل، وأن تكون نفسك في عالم النسخ الكربونية، لا عزاء لك ولا مساومة، فمهما حاولت أن تشارك هؤلاء العاديين عاديتهم المفرطة وتحاكي اهتماماتهم الرمادية، ستبقى تلك المسافات الشاسعة بينكم، وسيبقون هم في قوقعتهم كي يحتموا منك ومن أفكارك "الغريبة"! لكن ما هو غريب فعلاً هو مدى شعورهم بالتهديد والخوف من مجرد أفكار جديدة أو طريقة حياة أخرى غير التي اعتادوها.
لكن إياك وأن تجلس في برجك العاجي فتخدعك الأنا في الظن أنك أفضل من البقية، بل ارقد في معقل إبداعك حيناً، واجعل من وحدتك سراجاً يضيء تلك البقع المبهمة من وجدانك، وليكن ألمك وقوداً لإنتاج الخالد من الأعمال. رافق من هم على شاكلتك من الغرباء، وكن مخلصاً لمن يؤازرك في رحلتك الفريدة، وليكن بينك وبين من يهمشك سلام، لا تحرق الجسور، فأنت لا تريد أن تكرر الخطأ نفسه ببناء المزيد من الحوائط بينك وبين الآخر.يا أديب ابتسم! فخوف الآخرين "العاديين" منك ما هو إلا لإدراكهم أنك أنت من يقرع طبول التغيير، وأن أمثالك هم رواد الثقافة والتنوير، فابتسم وامضِ قدماً."في البداية يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر". (المهاتما غاندي).
مقالات - اضافات
غربة
30-06-2017