مع فنجان الذكريات (1)

نشر في 30-06-2017
آخر تحديث 30-06-2017 | 00:08
 أ. د. فيصل الشريفي قد يكون من المناسب ترك عالم السياسة وصخب الأحداث لأصحبكم إلى عالم الذكريات في استراحة لي ولكم، لأروي قصة كتبتها لعائلتي عند بداية ظهور برنامج التواصل الاجتماعي "واتساب" واستخدامي له.

أحداث القصة تعود لأيام دراسة الماجستير في عام 1989، حيث كان معي أولادي أحمد وبدور ونور وأمهم، تجمعنا شقة صغيرة تقع بالدور الأرضي في شارع بلانكنس رود بمدينة دندي أسكتلندا.

الوقت يوم السبت قبيل موعد صلاة المغرب، والهاتف الأرضي يرن، وإذ بصديق يطلب مني أن أقله من مدينة سانت أندروز لعطل أصاب سيارته، لم أحاول أو بالأحرى لم أستطع الاعتذار له، فقمت من فوري لألبس ملابسي دون أن أحتاط للبرد القارس أو حتى أخذ محفظتي، فسيارتي لا تبعد إلا أمتارا عن باب سكني.

المفارقة بدأت هنا، ففي هذا اليوم كنت أعاني من أنفلونزا حادة، ولشدة المرض لم أسمع اسم المدينة بالطريقة الصحيحة، وبدلاً من الذهاب إلى مدينة سانت أندروز اتجهت إلى مدينة سانت روز، فحظي أو حظه العاثر قادني إلى المكان والتوقيت الخطأ.

عند وصولي إلى مدينة سانت روز لم أجد صاحبي فقلت في قرارة نفسي لعله وجد من يقله أو أنه استطاع إصلاح سيارته، ذهبت إلى أقرب هاتف عمومي لكي أكلم زوجتي أم أحمد، وفي ذلك الوقت لم تكن الهواتف النقالة متوافرة لأسألها إن كان صاحبي قد اتصل بي أو ترك رسالة، فأجابت بنعم، وهو ما زال في انتظارك بمدينة سانت أندروز، "آه من حظي العاثر"، عندها طلبت منها إذا ما عاود الاتصال أن تبلغه اعتذاري وأني في الطريق إليه، لكنها الأقدار تخبئ ما لم يكن بالحسبان!!

أثناء طريقي إلى المدينة المحددة لم يدر ببالي أن سيارتي الجديدة التي لم تدخل "السرفيس" الخدمة الأولى ستتعطل ودون سابق إنذار لأجد نفسي وحيداً بشارع مقطوع في مكان ليس فيه أي وسيلة نقل، وحين كنت أفكر في سبب العطل وفي هذه الأثناء وقفت لي امرأة جميلة ولطيفة في العقد الثالث من العمر، تقترح إيصالي إلى أقرب محطة مواصلات، فالمكان مقطوع، فقبلت العرض على الفور شاكراً وممتناً لما فعلته من أجلي.

ولأنه يوم عطلة والحياة تنعدم وتقل معها وسائل النقل الجماعي بين المدن الصغيرة في أسكتلندا اضطررت للوقوف أكثر من ساعتين في طقس أقل ما يقال عنه زمهرير من شدة البرد القارس، منتظراً موعد الباص حتى إن رأيته حسبته هدية السماء لما أصابني من تعب وإعياء.

في هذه اللحظة جاءتني ابنتي بدور بفنجان قهوة ساخن مع فطيرة الدارسين التي أحبها، وكأنها تطلب مني التوقف عن الكتابة وإكمال القصة، فالبنت حب أبيها، ولضيق المساحة المخصصة لي في هذا العمود أستأذنكم لأعاود تكملة المقال، إن شاء الله الأسبوع القادم، تاركاً وراء ظهري عالم السياسة وعالم التذمر.

ودمتم سالمين.

back to top