قبل مئة عام لم تكن الأرجنتين كما هو حالها اليوم، وبفضل العدد الهائل من الاستثمارات الأجنبية والهجرة الداخلية السريعة والصادرات الزراعية المجزية كان الناتج المحلي الاجمالي للفرد في الأرجنتين خلال العام الحالي يضاهي مستويات ألمانيا وفرنسا، وعلى الرغم من أن الحرب العالمية الأولى أدت الى اضطراب كبير في التجارة الدولية والاستثمارات الخارجية فإن الأرجنتين حققت فائدة غير متوقعة عن طريق تزويد القوات المسلحة في جبهات القتال بالأغذية التي تمثلت في علب اللحوم المملحة.

ما من أحد يستطيع معرفة كيف سوف تتغير الأرجنتين خلال المئة سنة التالية، ولكن يبدو أن العديد من المستثمرين يرغبون في المراهنة على التوقعات التي تتحدث عن أن حكومتها سوف تسدد في هذه السنة ما يعادل 2.75 مليار دولار قيمة سندات لمدة 100 عام بيعت الى مستثمرين مندفعين في التاسع عشر من شهر يونيو.

Ad

جرأة

ونظراً لأن الأرجنتين تخلفت عن السداد 6 مرات خلال المئة سنة الماضية يبدو ذلك الاعتقاد على شيء من الجرأة، ولكن بدلاً من النظر الى الوراء ينظر المستثمرون من جانب الى آخر الى الأرباح الضعيفة التي تعرض في أماكن اخرى، وفي غضون ذلك سوف تدر سندات الأرجنتين لمدة 100 عام حوالي 8 في المئة، وهي نسبة تعادل ما يستطيع المستثمر تحقيقه في الوقت الراهن عن طريق السندات طويلة الأجل التي أصدرتها في عام 2015 شركة بتروبراس البرازيلية النفطية المملوكة للدولة، وهي أعلى بقدر ضئيل من النقاط من الأرباح التي تحققها السندات المكسيكية التي تستحق في سنة 2110 أو الروسية التي تستحق بعد 30 سنة.

والأكثر من ذلك أن العديد من المستثمرين سوف يأملون في تحقيق ربح قبل أن يتعرض الى الاختبار هذا الاعتقاد بجدوى سندات الأرجنتين في القرن الـ 22. واذا أصبحت وجهة نظر هؤلاء المستثمرين قابلة للتحقيق بقدر أكبر (أو اذا تبين أن الأرباح في أماكن اخرى كانت مخيبة للتوقعات) فإن من المحتمل أن تشهد سندات الأرجنتين ارتفاعاً في سعرها، وتسمح بالتالي لحامليها ببيعها بسعر أعلى، ومعروف أنه كلما طالت مدة السندات تحرك السعر في أحد الاتجاهين.

التوقعات الرسمية

وبالنسبة الى الرئيس الأرجنتيني موريشيو ماكري يشكل البيع الناجح لسندات بلاده مصادقة ملائمة على جهوده الاصلاحية. وكان فريق الرئيس يأمل أن يقرر مؤشر "ام اس سي آي" الذي يجمع مؤشرات أسواق الأسهم تضمين الأرجنتين في مؤشره المهم للأسواق الناشئة ويرفع بالتالي من مستوياتها، ولكن مؤشر "ام اس سي آي" قرر الانتظار بالنسبة الى الأرجنتين بخلاف نظرته الى الصين.

وقالت مصادر المؤشر إنه ليس مقتنعاً حتى الآن بأن خطوات الرئيس الأرجنتيني الاصلاحية "ليست من النوع الذي لا يمكن الرجوع عنه"، ثم إن الأرجنتين أظهرت خلال المئة سنة الماضية أن في وسعها اصلاح نفسها والتراجع عنه ثم التراجع عن تلك القرارات أيضاً.