«شَطرٌ من الروح» لعبير الرشيد...
رواية ترسم التباين بين الشرق والغرب
في روايتها «شَطرٌ من الروح» (الدار العربية للعلوم- ناشرون 2017) تنسل عبير الرشيد إلى عالم الأدب من ممرّ الروح، وتقيم على أساسه سردية مختلفة عن العاطفة تكرس الشعور بنوع آخر من الحب، غير الذي نعرفه، ذلك الحب الذي لا يُفسرّ.
في «شَطرٌ من الروح» لعبير الرشيد يلفتك «التزاوج الرّوحي» الذي جمع بين «ديانا» و«آرثر» فجعلهما بمثابة روحين ذابتا في أنسجتهما وتداخلت إحداهما في الأخرى.هذا التصوّر الرمزي التعييني يحدِّد هوية النص، ويعطيه قيمته من خلال تخصيصه وتمييزه ثيمة «الحب» عن بقية الحالات التي عالجتها الرواية العربية، من هيام وعشق وغرام وما يتفرع عنها من أوضاع وصفات ومقامات. فالموضوع المنتقى هنا يُشكل نقلة لتمثيلات الحب من دائرة الغرائزي إلى مدار روحي مع إحالاته الواقعية على محيط إنساني عرف رقياً في علاقات الألفة وتشخيصها بين المرأة والرجل. والمحيط الذي تدور في فلكه الحكاية هو بين لندن والسعودية، حيث برزت قدرة الكاتبة السردية على إظهار التباين والتوازن والتجانس بين ثقافتي الشرق والغرب وتقبُّل أبطال الرواية لها والقارئ للرواية أيضاً.في الوقائع، «ديانا» فتاة نصف لندنية ونصف سعودية هي نتاج زواج مختلط من أب سعودي وأم بريطانية تعيش مع جدتها «كاترين» في بريطانيا، تهوى ركوب الخيل مع ابن خالتها الإنكليزي، فركوب الخيل مع «آرثر» يختصر كل معاني طفولتها وشبابها، ويشعرها بالمتعة والسعادة، كذلك «آرثر» ، حتى أدمن الاثنان وجودهما بالقرب من بعضهما البعض، يعيشيان تفاصيل صغيرة لها معانٍ كبيرة، «المنزل، والجدة، والكوخ» . ولأن الحياة تأخذ أكثر مما تعطي كان لا بدّ من أن يأتي ذلك اليوم الذي يقرِّر فيه والد ديانا العودة بابنته إلى السعودية، فحضر إلى لندن لاصطحابها، فعانى «آرثر» مرارة الفقد والغياب لرفيقة روحه، خصوصاً بعدما وافقت ديانا أبيها في قرار العودة إلى البلد الأم..
صفحة جديدة
في السعودية، ورغم إحساسها بمرارة البعد عن حياتها السابقة في لندن، تقرر «ديانا» البدء بفتح صفحة جديدة في حياتها حيث يكون لها مع الحب موعد، الحب الحقيقي الذي يجمع بين امرأة ورجل وينتهي بالزواج... هو سعود ابن عمها الشاب المتحفظ والمثالي إلى درجة قاوم فيها رغبته في فضح مشاعره تجاه ابنة عمه، ولكنه في النهاية اعترف لها بحبّه الذي أسعدها. أما «آرثر» فكان نصيبه الحزن والأسى. بقي في لندن حيث يعيش ذكريات جمعته مع توأم روحه، وعندما رآها آخر مرة في زيارة لها مع زوجها إلى لندن، لم يكن له سوى طلبٌ واحد، وهو ألاّ تنساه: «تذكري ديانا، تذكريني حتى نلتقي هناك، فأنتِ الرّوح، وإن لم أكن أنا روحك فلا بأس بشطرها» . فما كان من ديانا عند سماعها عباراته إلاّ أن: «دفنتُ وجهي بين كفّي وتفجّر قلبي بالبكاء المحموم!» .