ودع الاتحاد الأوروبي، أمس، وسط مراسم مهيبة بالبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، المستشار الألماني الأسبق هيلموت كول، المتوفى عن 87 عاما في 16 يونيو الماضي، قبل تشييعه في ألمانيا.

وأعلن الاتحاد كذلك الحداد على سيمون فاي الشخصية المرموقة، وأول رئيسة للبرلمان الأوروبي التي توفيت أمس الأول.

Ad

ووجهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي ارتدت الأسود تحية الى "مستشار توحيد" المانيا، وقالت: "من دون كول فإن حياة ملايين الأشخاص وأنا منهم كانوا يعيشون في الجانب الآخر من الجدار لما كانت كما هي عليه اليوم".

وقال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في كلمته إن "هيلموت كول كان بالنسبة لفرنسا محاورا مفضلا وحليفا أساسيا، ولكنه كان أكثر من هذا، كان صديقا (...) نحن هنا لنوجه التحية لإرثه التاريخي".

وشارك نحو 20 رئيس دولة وحكومة ومسؤولون سابقون ومئات من الشخصيات في التأبين بينهم معظم القادة الأوروبيين ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي والرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون ورئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو والرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو.

وصل جثمان كول صباحا ووضع في صالون الشرف، حيث لف النعش بالعلم الأوروبي ثم نقله لاحقا 8 جنود ألمان إلى وسط القاعة. وضعت ثلاثة أكاليل من الزهر أمام النعش بألوان علم ألمانيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي والثالث الذي قدمته أرملته كتب عليه "مع حبي، مايكي".

كان رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر (62 عاما) وراء فكرة تنظيم حفل وداع على المستوى الأوروبي، وهو المسؤول الأوروبي الوحيد الذي عايش هيلموت كول وربطت بينهما علاقة وطيدة منذ 21 عاما.

وقال يونكر في كلمته، "كان هيلموت كول أوروبيا حقيقيا وصديقا. أوروبا تدين له بالكثير".

وأضاف أنه "ترك إرثا كبيرا من أجل أوروبا".

كان كول مهندس توحيد ألمانيا وتوسيع الاتحاد الأوروبي وباني الصداقة الفرنسية - الألمانية، وتولى المستشارية طوال 16 سنة حتى 1998.

وقال يونكر: "كان متبصرا"، ولولاه "لما عرفت أوروبا اليورو ولفشل آخرون في توحيد ألمانيا".

وهي أول مراسم من نوعها تنظم في تاريخ الاتحاد الأوروبي، ويتم خلالها تأبين ثلاثة من القادة الذين حصلوا على لقب "مواطني الشرف" مع هيلموت كول. والآخران هما الفرنسيان جان مونيه المتوفى في 1979 وجاك ديلور الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية البالغ 91 عاما، والذي لم تسمح له بنيته الضعيفة بحضور الحفل.

وشارك 17 من قادة الاتحاد الأوروبي في الحفل، ومثل إسبانيا الملك السابق خوان كارلوس، وإيطاليا رئيس المفوضية السابق ورئيس الحكومة السابق رومانو برادي، والبرتغال جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية السابق ورئيس الوزراء السابق.

والقى ثمانية من الحضور كلمات هم إلى جانب يونكر وماكرون رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك.

وبطلب من أرملته، ألقى كلمات وداع كل من رئيس وزراء إسبانيا السابق فيليبي غونزاليس وبيل كلينتون وديمتري مدفيديف.

وكان ماكرون وميركل آخر المتحدثين.

وقد أحيط مقر البرلمان الأوروبي رمز أوروبا المعاد توحيدها على أطراف ستراسبورغ، بإجراءات أمنية مشددة، وبدا وكأنه تحول إلى قلعة أمنية بسبب التهديد الإرهابي، ونشر قرابة ألفي شرطي لحماية الوفود.

وألقى الخلاف داخل عائلة "صانع وحدة ألمانيا" بظلاله على الحفل، إذ رغبت أرملته في منع أنجيلا ميركل من إلقاء كلمة، لأن كول لم يصفح بتاتا عن الشابة التي احتضنها ورعاها ثم طردته من الحزب المحافظ في 1999 في إطار فضيحة مالية في الاتحاد المسيحي الديمقراطي.

وتقرر بعد المراسم نقل جثمان كول بالمروحية إلى لودفيغشافن ومن ثم بالمركب عبر نهر الراين إلى سباير في جنوب غرب المانيا. فبعد أن رفضت أرملته إقامة جنازة وطنية له، تقرر تشييعه في كاتدرائية نوتردام، حيث دفن ثمانية من الأباطرة والملوك الألمان.