أول العمود:

ننتظر جدية حكومية في دمج هيئة القرآن مع وزارة الأوقاف، وجهاز الخصخصة مع هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهيئة الشباب مع وزارة الشباب، وذلك حتى لا يكون تفصيل المؤسسات وسيلة لتوزيع الثروة ومجاملة الأشخاص والتيارات السياسية.

Ad

***

خلال شهر رمضان الفائت- وكما هو معهود- رسم الشباب الكويتيون من الجنسين لوحة رائعة في مجال التطوع والإغاثة المحلية، ومن بين هؤلاء كثيرون ممن لا ينتمون إلى جمعيات أهلية قائمة، ومن هؤلاء أيضا شباب غير مسيسين، ولا انتماءات حزبية تحركهم، وبعضهم احترف التطوع وأصبح خبزه اليومي.

ولنا في ذلك ملاحظات عامة على هذا السلوك الذي أصبح منتشرا في المجتمع الشبابي في الكويت:

أولا، يجسد هذا السلوك الجانب الشعبي لتسمية الكويت "مركزا للعمل الإنساني"، ويدعمه بشكل عفوي بعيداً عن الاصطناع والتوجيه.

ثانيا، يساهم هذا النهج الرائع في تغيير الصورة النمطية عن اتكالية الشباب وميلهم للحياة السهلة، فبعضهم يذهبون إلى مناطق بائسة ويعملون تحت أشعة الشمس اللاهبة ولا ينتظرون شكراً من أحد، ووازعهم مساعدة الآخرين لا غير، وهم بذلك يبرزون مواطن البؤس في مناطق البلد، وأقصد هنا قضايا البدون والعمالة.

ثالثا، تنامي حركة التطوع خارج إطار المؤسسات القائمة، وهو ما ينبئ بتيار شعبي قوي يملك سهولة الحركة والتحرر من قيود البيروقراطية من خلال فهم متطور لكيفية الإغاثة وتقديم العون.

رابعا، لست مع تكرار الحديث عن ضرورة تكريم هؤلاء لأنهم خرجوا من بيوتهم لمواجهة مشاكل المجتمع طائعين وغير مرغمين، وإن كان من تكريم يستحقونه فهو فتح مقررات دراسية في الجامعات حول ثقافة التطوع في المجتمع الكويتي، أو استضافة بعضهم لإلقاء محاضرات حول تجاربهم في التطوع، فهذا أثمن تكريم لهم.

خامسا، ربما أقف معارضا للرأي القائل بضرورة استقطاب هؤلاء الشباب في الجمعيات الأهلية وذلك لسببين: الأول، أنهم خارج هذا الإطار يضفون نكهة خاصة للعمل الشبابي الذي تفتقده الجمعيات القائمة، وثانيا، ربما لو تحقق انضمامهم إلى تلك الجمعيات لما رأينا هذا النشاط المحموم لفعل الخير والتنافس بين المجاميع القائمة لابتكار وسائل الوصول للمحرومين وطالبي العون كما يحدث الآن.

أخيرا وليس آخرا، فالحركة الشبابية الطوعية وغير الرسمية هي التي تعمل مع الوقت على تغيير المفاهيم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بشكل حقيقي لدى الشباب، ونعني هنا تغيير النظرة للحياة وربطهم ببلدهم وتشكيل هويتهم الوطنية وهو ما تعجز عنه ملايين الدنانير التي تصرف في برامج وسياسات بعيدة عن الواقع، ويتم تقديمها لنا باسم التنمية!!