هناك قناعة لا تقتصر على بعض فصائل المعارضة السورية فقط، وإنما تتعداها إلى بعض الدول العربية المعنية، وإلى قوى واتجاهات كثيرة في الغرب والشرق والعالم بأسره، بأن اجتماع "أستانة" المقبل، الذي من المفترض أن يعقد خلال أيام قليلة، سيكون الخطوة الرئيسية لإجهاض الثورة السورية، وتثبيت نظام بشار الأسد، وإعادة الأمور إلى بعض ما كانت عليه قبل عام 2011، وكأن الشعب السوري لم يقدم مئات الألوف من الشهداء وملايين المهجرين الذين باتوا في مخيمات الذل في أربع رياح الكرة الأرضية.

هناك مؤامرة يتم تنفيذها في وضح النهار، ما يعني أن على فصائل المعارضة، وخاصة المسلحة منها، أن تصمد وتتمسك برفضها حضور هذا الاجتماع المؤامرة، لأنه معروف أنها تتعرض لضغط هائل تشارك فيه بعض دول الإقليم، إضافة إلى الضغط الروسي والضغط الإيراني وضغط بعض الذين اتضح أنهم كانوا في الجبهة المتآمرة، مع أنهم بقوا يتظاهرون أنهم في الجبهة المساندة للشعب السوري وثورته التي هي ثورة الضرورة التي لا بد منها.

Ad

يريد الروس، وبالطبع معهم الإيرانيون، وبعض المؤلفة قلوبهم من العرب وغيرهم، إنهاء كل ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات جنيف المتلاحقة، وفي قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وتحويل مشروع المناطق الأقل توتراً إلى حل نهائي، وإلى تقسيم الدولة السورية على أساس "كانتونات" تتبع لمركز هو دمشق التي يتربع على عرشها هذا النظام الذي أرادت المؤامرة إعادة "تدويره"، ليستمر سنوات طويلة.

لم يعد هناك أي شك في أن مشروع إجهاض هذه الثورة السورية بدأ مبكراً، عندما حرمت من أن يكون لها جيشها الخاص وقيادتها الواضحة المستقلة، وهنا فإنه لابد من تأكيد أنه لولا المؤامرة التي حاكها ورعاها الروس، وشاركت فيها بعض الأطراف العربية وبعض الجهات الإقليمية لكان بشار الأسد غادر عام 2012، ولكانت هناك مسيرة جديدة نحو دولة سورية حرة وديمقراطية ولكل أبناء شعبها بكل طوائفهم وانتماءاتهم القومية.

وهنا وحتى لا يظن البعض أنني أعتبر أن الثورة السورية قد انتهت، وأن "الأسد" أصبح للأبد، فإنني أقول إن هناك مؤامرة بالفعل، ومتآمرين كثرا، لكن إرادة الشعب ستكون هي المنتصرة في النهاية، ولأن الثورة انطلقت عام 2011 بعد ظلام سنوات طويلة لن تركع وستبقى مستمرة بل ومتصاعدة، والشعب سيحقق تطلعاته لأنه شعب حي، وشعب تضحيات متواصلة منذ "ميسلون" العظيمة وحتى الآن... إلى هذه اللحظة وإلى الأبد.