مواجهة تحدي المياه في إفريقيا

نشر في 04-07-2017
آخر تحديث 04-07-2017 | 00:07
 بروجيكت سنديكيت إن المياه ضرورية للحياة، ومع ذلك فهي نادرة في أجزاء كثيرة من العالم، وبسبب آثار تغير المناخ، تعاني إفريقيا أسوأ جفاف لها منذ عام 1945، ولا سيما في جنوب السودان والصومال وإثيوبيا وشمال نيجيريا.

تحتاج هذه المناطق الهشة الآن إلى دعم المجتمع الدولي، فنحن بحاجة إلى بناء نظم مرنة لضمان حصول جميع الناس على المياه الصالحة للشرب، وتحسين تدابير توفير المياه والصرف الصحي في المناطق الحضرية التي تشهد نموا سريعا في إفريقيا.

وينبغي أن نبدأ بتوسيع قدرة الأفارقة على تسخير المياه المستعملة، فمن خلال الاستثمار والإدارة السليمة، يمكن أن تصبح مياه الصرف مصدرا مستداما للثروة لكثير من الأفارقة، مع فوائد إضافية لصحة الإنسان، والإنتاجية الزراعية، والاستدامة البيئية.

وعلى مدى السنوات الست الماضية، استثمر بنك التنمية الإفريقي 3.3 مليارات دولار في مشاريع لتوسيع فرص الحصول على المياه وتحسين الصرف الصحي، حيث تصل نحو 2.2 مليار دولار منها إلى الخدمات الحضرية لإفادة 17 مليون شخص على الأقل.

ويدعم بنك التنمية الإفريقي نموذجا متكاملا لإدارة المياه في المناطق الحضرية (IUWM)، والذي يعد تمشيا مع الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ويمكن المجتمعات من الحصول على دخل مستدام من إدارة المياه والنفايات الصلبة في المناطق الحضرية.

ويتطلب تنفيذ هذا النموذج استثمارا أوليا كبيرا، وتكاليف رأسمالية وتشغيلية حادة. لا يقوم سوى عدد قليل من المدن الإفريقية بجمع ومعالجة أكثر من 20٪ من مياه الصرف الصحي الناتجة عن نظم مركزية لإدارة مياه الصرف الصحي. أما الـ80٪ الباقية فهي تشكل مصدرا ضخما غير مستغل للنفايات السائلة والصلبة، مع الاستثمار الصحيح، والبصيرة، والالتزام، يمكن أن يخلق هذا المورد فرص العمل ويحقق نموا مستداما.

ومن ثم فإن إدارة مياه الصرف الصحي هي سمة أساسية من أولويات استراتيجية بنك التنمية الإفريقي، المعروفة باسم الفئات الخمس العليا، التي تهدف إلى تحسين نوعية حياة الأفارقة، وتعزيز الصحة العامة، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وخلق فرص العمل، وزيادة قدرة المجتمعات المحلية على الصمود أمام آثار تغير المناخ، كما ستلعب المياه دورا رئيسا في تحقيق أهداف تصنيع الفئات الخمس والزراعة المستدامة.

وفي ياوندي بالكاميرون، ساعد مصرف التنمية الإفريقي في حماية نحو 300.000 شخصا وممتلكاتهم عن طريق تخفيض تواتر الفيضانات من 15 حادثة في السنة إلى ثلاثة حوادث فقط، وبفضل مشروع للصرف الصحي بقيمة 40 مليون دولار، ساعد بنك التنمية الإفريقي في خفض نسبة السكان الذين يعانون داء الملاريا في المدينة من 16٪ إلى 12٪.

وفي أبيدجان، وكوت ديفوار، أدى مشروع إدارة مستجمعات المياه المتكاملة في حوض غورو بتمويل من بنك التنمية الإفريقي والبالغ 23 مليون دولار، إلى الحد بدرجة كبيرة من الفيضانات في جميع أنحاء حوض غورو، وتحسين سبل معيشة 2.8 مليون نسمة.

وفي زمبابوي، بعد وفاة 4300 شخص بسبب وباء الكوليرا في الفترة بين عام 2008 و2009، دعم بنك التنمية الإفريقي والجهات المانحة الأخرى مشروع إعادة الإمداد بالمياه والصرف الصحي العاجل بمبلغ 43.6 مليون دولار، والذي أجرى إصلاحات طارئة على شبكات الصرف الصحي في المناطق الحضرية، مما ساعد 2.5 مليون شخص.

وتتبعت جميع نظم إدارة مياه الصرف الصحي المدعومة من بنك التنمية الإفريقي استراتيجيات الاستدامة لضمان تعزيزها للمكاسب الاقتصادية، وإفادتها المجتمعات المحلية، وإبقائها في متناول الجميع، كما تساعد هذه المشاريع أيضا البلدان على تسخير واستخدام تدفقات النفايات، عن طريق تحويل مياه المجاري إلى الغاز الحيوي والأسمدة.

وفي الوقت نفسه يكمل مرفق المياه الإفريقي التابع لبنك التنمية الإفريقي أعماله في تمويل المشاريع من خلال جذب استثمارات في البنية التحتية للمياه، وفي فبراير دمرت الفيضانات والرياح العاتية الناجمة عن العاصفة الاستوائية دينو ساحل موزامبيق وأثرت تأثيرا شديدا في السكان المحليين، لكن بعد بضعة أسابيع فقط أجرى الصندوق دراسة لتحسين سبل العيش والقدرة على التكيف مع تغير المناخ في جميع أنحاء مقاطعة إنهامبان في موزامبيق، حيث ضربت العاصفة.

ويقوم الصندوق، بالتعاون مع الشراكة العالمية للمياه، بتنفيذ نظم إدارة المياه العذبة في خمس مدن إفريقية، بما في ذلك كينشاسا في جمهورية الكونغو الديمقراطية ومارونديرا في زمبابوي، وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها يمكن أن يتوقع من نظم إدارة المياه والصرف الصحي تحسين إمدادات المياه والمرافق الصحية لإفادة 17 مليون شخص بحلول عام 2030.

كما تستفيد مؤسسة بيل وميليندا غيتس من خبرة بنك التنمية الإفريقي من خلال تقديم منحة بقيمة 18 مليون دولار لتمويل المرحلة الثانية من برنامج الصرف الصحي الحضري للبنك، وسيساعد هذا الجهد في تطوير الابتكارات التجارية من أجل توفير خدمات الصرف الصحي بأسعار معقولة ومستدامة في إفريقيا، والتي يمكن أن تصل إلى مليوني نسمة من سكان المدن مباشرة و6 ملايين شخص آخرين من خلال مشاريع فرعية.

إن تحديات إدارة مياه الصرف الصحي في إفريقيا كبيرة ومعقدة، غير أن مصرف التنمية الإفريقي مصمم على توفير الفرص التي تساهم في تحقيق مكاسب للمجتمعات الإفريقية، في مجال الصحة العامة، وتحسين الصرف الصحي، والتنمية الاقتصادية، وحماية البيئة.

وسيتطلب تحسين نوعية الحياة لجميع الأفارقة الالتزام السياسي والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والمشاركة العامة القوية، ويعمل إطار البنك الإفريقي للتنمية على تحقيق هذه الأهداف الثلاثة معا.

وعلى جميع الفاعلين- في إفريقيا وعلى الصعيد الدولي- مضاعفة الجهود لضمان توفير المياه النظيفة بأسعار معقولة للجميع، ودعم البلدان الإفريقية التي تعاني الجفاف التاريخي، إذاً لدينا التزام أخلاقي للقيام بذلك، وبعد كل شيء، الماء يعني الحياة.

* أكينومي أديسينا

* رئيس بنك التنمية الإفريقي.

«بروجيكت سنديكيت، 2017»

بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top