هل ديوان «نعم إني امرأة» يرسخ الدعوة إلى تحرر المرأة من القيود المفروضة عليها؟قناعتي أن المرأة يجب أن تفخر بكونها امرأة، وأن تنظر إلى المستقبل مع الاستفادة من الماضي وتراث الأجداد، مع عدم تكبيل نفسها بالقيود. أدعو إلى حركة تحررية لها فكرياً أكثر منها جسدياً، بعيداً عن استدعاء النموذج الغربي، وهي يجب أن تحافظ على هويتها، لأنها ليست كائناً مساوياً للرجل بل مكمل له، فالحياة بينهما لا بد من أن تقوم على المشاركة وليس على الندية أو الصراع.
لماذا يتعامل البعض مع قصيدتي التفعيلة والنثر على أنهما تمرّد على تقاليد الشعر العربي؟«نعم إني امرأة» تجربة شعرية حول قصيدة النثر بين واقع يعاش، وخيال نحلق في فضائه. للأسف، لا يزال يرى البعض أية محاولة شعرية تتجاوز قيود الشعر التقليدي وزناً وقافية، أنها محاولة تمردية يجب ألا تولى أي اهتمام. ولكن التجديد أمر مطلوب. فالشعر ليس أوزاناً فحسب، بل إحساس وتفاعل وتجربة شعورية وخيال وموسيقى، وهو ما يتوافر في كل من قصيدتي التفعيلة والنثر اللتين أصبح لديهما حضور وجمهور وقراء، وإن لاقى ديواني القبول فهذا ما أتمناه، وإن كان غير ذلك، فحسبي أنها محاولة إنسانية تحلق في فضاء متعدد الأبعاد.
أدب مقارن
ماذا عن كتابك «في الأدب المقارن»، وهل أثرت الدراسات في هذا المجال الساحة الأدبية؟ثمة ثراء مستمر والأدب المقارن قديماً قبل 1968 كان نوعاً من النقد الفني والأدبي الذي يُعنى بعقد مقارنات تفرد المساحة لأوجه الاختلاف أو التشابه بين عملين أو أكثر تجمعهما رؤية سياسية أو توجه فلسفي أو منحى اجتماعي أو صراع درامي أو شخصيات تراجيدية أو أسطورية لديها سمات مشتركة أو مختلفة في نواح دون غيرها. والنقد في مجال الأدب المقارن إبحار عبر ثقافات متباينة ومغايرة لبعضها بعضاً، ربما تتشابه أو تتنافر، تتقابل أو تتباعد مسافات الالتقاء ونقط الارتكاز، والمبحر في ذاك المضمار يجد أن كبار النقاد العرب والغربيين تلمسوا طريقهم إلى ذاك المجال وانتهوا إلى أن قضية الأدب المقارن بالغة التعقيد والصعوبة حيث المدارس النقدية والفكرية الخاصة بهذا المدخل النقدي تطوّرت عبر الثلاثين عاماً الماضية، خصوصاً بعد ظهور حركات الحداثة وما بعدها. وأؤكد هنا أن قضية الأدب المقارن قضية جدلية تختصّ بدراسة الأدب وأنواعه الفنية عبر عقد مقارنات ثقافية وفلسفية تعرض النص الأدبي ونظيره من خلال طرح مداخل تاريخية أو «ثيمات» اجتماعية تجمع النواحي الإبداعية لكل من النصين وتجنح إلى إيجاد صيغ فنية أو تقنية لأوجه التشابه بين النصين أو العملين الإبداعيين أو أكثر.الإعلام والدراما
ما رأيك في ما تشهده الساحة الإعلامية من تضارب وتنازع؟رؤيتي أن الإعلام الآن لا يراعي المبادئ وانتقل من القوميات إلى الحركات، وثمة إعلام عربي فضائي خاص ليس محايداً، وهو ما أدى إلى مرحلة التفكيك والتقسيم في الوطن العربي. كذلك خلط الإعلامي بين دوريه المهني والسياسي.كيف ترين صورة المرأة العربية في الدراما التلفزيونية؟سيئة جداً. مثلاً، مسلسلات رمضان تجسد صورة مهينة للمرأة وتحضّ على التحرّش، والسمات التي تغلب على الدراما التلفزيونية المصرية الآن هي الدعوة إلى الفساد والشر في المجتمع، فيما نحتاج راهناً إلى مقاومة الشر، ليس التدخل المجتمعي الاقتصادي السياسي، بل بالانضباط الأخلاقي، والإحساس بالمسؤولية، والدعوة إلى العودة إلى الأصول المنسية والضائعة. وللأسف الشديد، ثمة حالة من الفوضى الفنية في هذه المرحلة الحرجة من الدراما التي تثير الغرائز وتؤدي إلى الانحطاط، فالتعبير الفني إن لم يكن واعياً، فإنه يحوّل الفساد المطلق إلى قداسة، لأنه يعرض لنا هالة منزوعة عن كلفتها الأخلاقية.أُثير الكثير من الجدل حول مسلسل «الجماعة 2»، فما تقييمك للحبكة الدرامية في أحداث المسلسل ومدى ارتباطها بالوقائع التاريخية؟ تحوّل «مسلسل الجماعة 2» إلى تاريخ من وجهة نظر الكاتب الكبير وحيد حامد، وبالرجوع إلى مراجع تاريخية عدة ما زال أصحابها على قيد الحياة نجد فيها بعض الاختلاف أو كثيراً من التناقض بين الحقائق والوقائع وبين وجهة نظر الكاتب ورؤيته، وتلك جدلية أدبية وفنية تتعلق بالأعمال والدراما التاريخية، أي تلك التي تتعرض لحقبة زمنية ووقائع وشخوص بأعينهم. في هذه الحالة الإبداعية، على الكاتب ألا يقع في فخ التقرير والمباشرة، وإلا تحول كما يقول أرسطو من مجرد مبدع إلى مؤرخ يرصد الوقائع.هيكل الأب
تأثرت عزة هيكل بوالدها، وزير الثقافة الأسبق د. أحمد هيكل، الذي كان ينتمي إلى المدرسة الكلاسيكية الجديدة أو الحديثة، وتقول عنه: «كان يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتأثرت باهتمامه باللغة العربية والأدب العربي الحديث، وأن الكلمة يجب أن تكون ذات معنى منضبط، بالإضافة إلى نزعته الدينية التي تغلغلت في داخلي».أما أكثر اللحظات التي تشعر فيها الناقدة د. عزة هيكل بالسعادة، فهي خروج العمل الإبداعي الذي قامت به إلى النور، لافتة إلى أنها مولعة بسماع الموسيقى العربية الكلاسيكية وتلجأ إليها عندما تحاول الاسترخاء بعيداً عن عناء العمل الأكاديمي ونشاطها في مجال الدفاع عن حقوق المرأة باعتبارها عضواً في المجلس القومي للمرأة. ولا تُخفي هيكل استمتاعها الشديد بلعب الشطرنج، باعتبار أنه يحفزها على استعادة نشاطها وحيويتها من أجل الاستعداد لأعمالها الإبداعية الجديدة، مشيرة إلى أنها تحضِّر راهناً لديوان شعري جديد، وللجزء الثاني من كتاب «الدراما التلفزيونية»، بالإضافة إلى الجزء الثاني من كتاب «الأدب المقارن».