«قسد» تقتحم البلدة القديمة في الرقة بدعم جوي من التحالف الدولي
انطلاق الجولة الخامسة من المباحثات السورية في استانا لبحث امكانية إقامة مناطق آمنة
اخترقت قوات سوريا الديموقراطية «قسد» سور المدينة القديمة في الرقة بعد غارات للتحالف الدولي أدت إلى فتح ثغرتين فيه، ما يعد تقدماً نوعياً للفصائل الكردية والعربية في هجومها على معقل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.ويأتي ذلك تزامناً مع بدء جولة خامسة من المحادثات حول سوريا في استانا تحت اشراف روسيا وايران وتركيا لدرس امكانية إقامة «مناطق خفض تصعيد» في هذا البلد الذي يشهد نزاعاً دامياً.وأعلنت قيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) ليل الاثنين في بيان أن «قوات التحالف دعمت تقدم قوات سوريا الديموقراطية في الجزء الأكثر تحصيناً من الرقة عبر فتح ثغرتين صغيرتين في سور الرافقة المحيط بالمدينة القديمة».
وأوضحت أن طائرات التحالف «شنت غارات محددة الهدف على جزئين صغيرين من السور مما أتاح لقوات التحالف وشركائها اختراق المدينة القديمة في أماكن اختارتها هي وحرمت تنظيم الدولة الإسلامية من استخدام ألغام زرعها وعبوات ناسفة، وحماية قوات سوريا الديموقراطية وأرواح المدنيين والحفاظ على الغالبية العظمى من السور».ويبلغ طول أجزاء السور التي استهدفتها الغارات وفق البيان 25 متراً ويبلغ القسم المتبقي من السور 2500 متراً.وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية من جهتها في تغريدات على حسابها على موقع تويتر أنها «تُقاتل قرب مركز الرقة»، مشيرة إلى أن الضربة الجوية «الدقيقة» أتاحت «دخول قواتها وتجنب مفخخات داعش».وذكرت أن تنظيم الدولة الإسلامية استخدم «هذا السور الأثري لشن الهجمات»، وكذلك لزرع «المفخخات والألغام في منافذ السور لإعاقة تقدم قواتها».
اختراق دفاعات
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «ثلاث مجموعات من قوات سوريا الديموقراطية مدعمة بالقوات الخاصة الأميركية، تقدمت من ثلاثة محاور من شرق سور المدينة القديمة فجر اليوم، واخترقت دفاعات التنظيم بغطاء جوي من قبل طائرات التحالف الدولي».ويأتي هذا التقدم بعد تمكن قوات سوريا الديموقراطية، ائتلاف فصائل كردية وعربية، من دخول الرقة من جهة الجنوب بعد عبورها نهر الفرات، لأول مرة منذ بدء هجومها داخل المدينة في السادس من يونيو بدعم من التحالف وسيطرتها على أحياء عدة.ويسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة الرقة التي تعد معقله في سوريا منذ العام 2014، ويتحصن مقاتلو التنظيم الذين يقدر التحالف الدولي عددهم بـ 2500 مقاتل بشكل رئيسي في المدينة القديمة التي يدافعون عنها بشراسة.وأبدت الأمم المتحدة قبل أيام قلقها على مصير 100 ألف مدني محاصرين في الرقة.مناطق آمنة
من جانب آخر، يبحث وفداً النظام السوري والفصائل المقاتلة في استانا إمكانية إقامة مناطق آمنة في بعض المحافظات والمناطق السورية، في محادثات بدأت الثلاثاء وتستمر حتى الأربعاء في استانا برعاية روسيا وايران، حليفتا النظام، وتركيا الداعمة للمعارضة.وتعقد محادثات استانا التي تتمحور حول الأمن قبل جولة سابعة من المفاوضات السياسية مرتقبة في 10 يوليو في جنيف برعاية الأمم المتحدة.نقطة تحول
وفي تغريدات على موقع تويتر، قال الموفد الأميركي لدى التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية بريت ماكغورك أن دخول المدينة القديمة في الرقة يعد «نقطة تحول في حملة تحرير المدينة».وذكر أن «إرهابيي داعش محاصرون تماماً في الرقة، قوات سوريا الديموقراطية تتقدم على أربعة محاور».وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس أن هذا التقدم «يُعد الأهم لقوات سوريا الديموقراطية منذ بدء معركة الرقة في السادس من يونيو»، مضيفاً أنها تمكنت «مدعمة بالقوات الخاصة الأميركية، من كسر خطوط الدفاع الأولى لتنظيم الدولة الإسلامية عند أسوار المدينة القديمة واختراقها».وبحسب المرصد، تدور اشتباكات عنيفة بين الطرفين داخل أسوار المدينة القديمة كما على جبهات أخرى في المدينة.وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية الثلاثاء وفق المرصد وبدعم جوي من التحالف، من استعادة أجزاء واسعة من حي الصناعة الذي تقدم إليه الجهاديون الأسبوع الماضي.وتسيطر هذه القوات بشكل كامل على أحياء المشلب من جهة الشرق والرومانية والسباهية من جهة الغرب، كما تسيطر على أجزاء من أحياء أخرى.سيطرة
ورغم خسارته مناطق شاسعة في سوريا منذ العام 2015، لا يزال التنظيم يسيطر على المنطقة الواقعة جنوب وجنوب شرق مدينة الرقة، وعلى أجزاء واسعة من محافظة دير الزور (شرق)، كما يحتفظ بسيطرته على أجزاء من محافظات حماه وحمص (وسط) والحسكة (شمال شرق).وخسر الجهاديون منذ إعلانهم «الخلافة الإسلامية» في يونيو 2014، ستين في المئة من مناطق سيطرتهم في سوريا والعراق المجاور، وفق ما أظهرت دراسة نشرتها مؤسسة «اي اتش اس ماركت» البريطانية الخميس.العراق
على الجبهة العراقية، تواصل القوات الأمنية توغلها في أحياء المدينة القديمة في الموصل لحسم المعركة ضد الجهاديين.وقال معاون قائد العمليات الخاصة الأولى في جهاز مكافحة الإرهاب العميد الركن حيدر العبيدي لوكالة فرانس برس الثلاثاء «بعد الوقوف على مشارف شارع النبي جرجيس اليوم، قطعاتنا عبرت هذا الشارع وتوجهت نحو أهدافنا المتبقية وهي حي الميدان وحي الشعارين».وأضاف «منذ الصباح الباكر، تمكنا من تحقيق موطئ قدم مهم في هذه الأحياء لم يتبق شيء للعدو سوى هذه الأحياء البسيطة، وفي اليومين القريبين سوف نعلن المدينة القديمة محررة بالكامل، وبالتالي الساحل الأيمن ومدينة الموصل».وبعد أكثر من ثمانية أشهر على انطلاق أكبر عملية عسكرية يشهدها العراق لاستعادة الموصل، بات الجهاديون محاصرين داخل مساحة صغيرة في المدينة القديمة.من جهته، أوضح قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت أن قواته «تستمر بخوض معارك شرسة في المحور الجنوبي والتقدم نحو أهدافها المرسومة».ورغم أن المنطقة التي يسيطر عليها التنظيم صغيرة جداً، غير أن أزقتها وشوارعها الضيقة بالإضافة إلى تواجد مدنيين بداخلها، تجعل العملية العسكرية محفوفة بالمخاطر.وبدأت القوات العراقية هجومها على الموصل في 17 أكتوبر، واستعادت الجانب الشرقي من المدينة مطلع العام، قبل أن تطلق هجومها على الجزء الغربي، وأعلنت في 18 يونيو بدء اقتحام المدينة القديمة، وباتت الآن في المراحل الأخيرة من الهجوم.