فيروز... بستان الفرح الأجمل!
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
بقيت انتظر، فأكمل: "فيروز مطربة لبنانية..."صديقي عبدالرحمن لم يكن يدرك لحظتها أنه يقودني لأخطو إلى بستان الفرح الأجمل، ولم يكن يدرك أنه يضعني تحت مظلة فيروز التي تهمي بياسمين يملأ الدروب. بصوته الطيب أخبرني صديقي عبدالرحمن: "أمي كما تعلم لبنانية، وهي تبدأ صباحها على فنجان قهوة وصوت فيروز"، وابتسم وهو يقول: "أنا واخوتي رضعنا حب فيروز من أمي".ليتني وقتها قلت لك يا عبدالرحمن: "والدتك الغالية، أرضعتني معكم حب فيروز".أكملت المتوسطة وفي مراحل الدراسة الثانوية، قادني الخطو لمجموعة من الأصدقاء يؤمنون بالفكر الإنساني، ويتخذون من قضايا الحرية والديمقراطية والعدالة والسلام والمرأة والإبداع والثقافة درباً لطريقة حياتهم. وكم كانت دهشتي حينما بدأت أنتبه إلى أن أولئك الأصدقاء الذين فرشوا أمامي أسس ذلك الفكر، وقادوا خطوي لقراءة ومناقشة الأعمال الأدبية الإنسانية الأجمل، إنما كانوا يجتمعون في كل وقت، وتكون فيروز حاضرة بصوتها العذب وكلمات أغانيها الإنسانية الآسرة.فيروز وعلى مدى عقود كانت تعويذة مشتركة لجميع أولئك الذين اتخذوا من النضال طريقاً لحياتهم، نضال الفكر ونضال التحرر ونضال الحياة.فيروز كانت كلمة السر بين أصدقاء كل التنظيمات العربية القومية واليسارية والشيوعية. لكن مجد فيروز الأبقى أنها كلمة السر بين البشر البسطاء، كل البشر الذين يرون في الغناء زاداً للحظة حياتهم، ويرون فيه متعة للروح. البشر الذين يسمعون فيروز فيتمايلون فرحاً وطرباً ومتعة ووجعاً وأملاً.في زمن التوحش والوحشية! زمن اقتتال الأخ العربي مع أخيه! نعيش زمنا أغبر أزاح حلم "وطن عربي موحد من المحيط إلى الخليج"، واستبدله بحلم أن يبقى القطر الواحد متماسكاً. أن يسلم من التقطيع المذهبي البشع. زمن عربي صعب ومرّ. لذا فإن إقدام السيدة فيروز وسط هذا الحطام على إصدار أسطوانة جديدة بعنوان "لمين"، إنما يكون خبراً بألف خبر. خبرٌ بألف فرح. فما زالت فيروز تغني، وما زال هناك ثلمة مرآة بغد أجمل.