أزمتان تستحوذان على اهتمام الشارع الكويتي هذه الأيام، أولاهما سياسية وتتمثل في الأزمة الخليجية بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، والثانية جوية ربما تنعكس لتمس كل المجالات، وهي الارتفاع الكبير في درجات حرارة الطقس التي وصلت إلى معدلات قياسية تجاوزت 51 درجة مئوية في الظل، وهذه الأخيرة هي ما نحن نحن بصدد الحديث عنه.

وتغلب على الطقس الخليجي عامة، والكويتي خاصة، درجات الحرارة القياسية خلال أشهر الصيف، لاسيما في مايو ويونيو ويوليو، وهو ما يضع الناس في حيرة من امرهم، لذلك نلمس تذمراً في وجوه الجميع، وهو ما ينعكس على صحتهم، حيث ان رجال الصحة يحذرون دائما من عدم الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة فترة طويلة، مع الاكثار من شرب السوائل تجنبا لخطر ضربات الشمس التي تكون في بعض الاحيان مميتة، لذلك يلتزم الجميع الجلوس تحت هواء التكييف البارد في كل مكان بالمنزل والعمل والسيارة، حتى إن الاماكن السياحية والمجمعات التجارية باتت تتجه الى ان تكون مغلقة ومكيفة لاتقاء الحرارة صيفا.

Ad

مقترح الطبطبائي

وتفاعلا مع هذا الارتفاع الخمسيني في درجات الحرارة، دعا النائب د. وليد الطبطبائي إلى المسارعة بتقديم اقتراح نيابي بقانون يقضي بصرف العاملين في المؤسسات والجهات الحكومية وطلبة المدارس والمعاهد والجامعات عند بلوغ درجة الحرارة 50 مئوية في محطات الرصد الرسمية، وذلك تماشيا مع المواثيق الدولية، على حد قوله، وحماية للمواطنين، على ان تتم عملية الانصراف من خلال الرسائل النصية والإلكترونية، بالإضافة إلى تزويد الجهات المذكورة بشاشات تبين درجة الحرارة مباشرة.

وأرجع الطبطبائي سبب اقتراحه الى المواثيق الدولية التي قال انها تتضمن تأكيدات على حماية المواطنين والحرص على سلامتهم من خلال توفير البيئة والمناخ المناسب.

اقتراح الطبطبائي «ذو الحرارة العالية» دعانا للاتجاه لتعرف وجهة نظر المختصين في علم الفلك والارصاد الجوية والصحة حول جدوى ما طرحه وهل يمكن ان يعمل به في الكويت لحماية المواطنين والمقيمين الموظفين في الحهات الحكومية والطلبة بكل مراحلهم الدراسية؟ وهل هناك مواثيق دولية وقعتها الكويت تلزم الحكومة بصرف الموظفين عند وصول درجات الحرارة إلى معدلات قياسية؟

ومما لاشك فيه ان هذا المقترح يسعد كل الموظفين الذين يتمنون موافقة المجلس على هذا المقترح للظفر بعدد من الاجازات القسرية كلما ارتفعت الحرارة وبلغت 50 مئوية، وهو ما حدا ببعض المراقبين إلى اعتبار أن مقترح الطبطبائي يدخل ضمن المكاسب والقضايا الشعبوية والانتخابية التي من الممكن ان تنعكس ايجابيا على مقدمها.

تعطيل المصالح

بدوره، رفض الخبير الفلكي صالح العجيري مقترح الطبطبائي، لأنه سيؤدي إلى تعطيل الجهات الحكومية عن العمل من خلال صرف الموظفين، و»هو امر غير جائز ويعطل مصالح البلاد والعباد ويكلف الدولة الكثير»، لافتا الى أنه منذ نشأة الكويت ودرجات الحرارة معروف عنها الارتفاع صيفاً، غير أنها لا تصل في كل الايام الى 50، فهناك أيام قليلة خلال الصيف ترتفع فيها الحرارة إلى هذا الحد خلال يوليو.

وأضاف أنه لا توجد قوانين دولية او محلية تجبر الدولة على صرف موظفي الحكومة عند ارتفاع درجات الحرارة، منوها الى ان كل الجهات الحكومية في البلاد مكيفة، وأجواؤها في الداخل باردة او معتدلة، والموظفون لا يشعرون بأي حرارة او خطر من التعرض للشمس.

حرارة قياسية مؤقتة

في المقابل، استهجن خبير الأرصاد الجوية جمال ابراهيم مقترح الطبطبائي، مشيرا الى انه رغم درجات الحرارة العالية التي تحدث في عدد من أيام الصيف، فإن الدولة، ممثلة في الحكومة، وفرت مواقع للعمل مزودة بأجهزة التكييف، ولا توجد ادنى مشكلة لموظفيها الذين يعملون داخل المقار الحكومية، أما بالنسبة إلى العمالة التي تعمل في الأماكن المكشوفة فهناك قرار من وزارة الشؤون بحظر العمل في تلك الأماكن خلال فترة النهار، فضلا عن العقوبات التي تسجل ضد ارباب العمل في حال وجود عمالتهم في مواقع مكشوفة خلال تلك الفترة التي يحظر العمل فيها.

وأكد ابراهيم أن درجات الحراة القياسية التي تصل الى 50 فما فوق تأتي في عدد محدود من الايام، لا في فصل الصيف كله، ولذلك لا توجد آثار سلبية كبيرة على حياة الموظفين الذين يعملون في الجهات الحكومية المغلقة، نظرا لأنهم بعيدون كل البعد عن خطر الحرارة العالية والتعرض المباشر للشمس.

وذكر أنه لا يوجد قانون أو قرار صريح يوضح كيفية التعامل مع درجات الحرارة القياسية، ولكن في كل الأحوال فإن الـ50 درجة لا تستمر طوال أشهر الصيف، بل تكون في ايام محدودة جدا، ومن هذا المنطلق لا تشكل خطرا على العاملين في جهات الدولة الحكومية او الخاصة.

أضرار صحية

كشف مدير إدارة الصحة المهنية في وزارة الصحة، المتحدث الرسمي باسم الوزارة د. أحمد الشطي أن التعرض لأشعة الشمس المباشرة يؤدي الى أضرار صحية كبيرة تصل الى الوفاة، مؤكدا حرص الكويت على ادراج جوانب الصحة المهنية لمصلحة اعداد الأفراد المؤهلين ضمن خطة التنمية، فضلا عن إنشاء المراكز المتخصصة في المناطق الصناعية ومواكبة الاستراتيجيات والمبادرات الدولية ذات الصلة بتوفير الصحة المهنية للجميع.

وشدد الشطي على أهمية رفع مستوى الوعي الوقائي لدى أصحاب العمل والعمال فيما يخص مخاطر العمل، والوقاية من حوادث العمل والأمراض المهنية، مبينا أن المحافظة على الصحة والسلامة المهنية في مكان العمل استثمار لمصلحة التنمية، وله عائد مضمون على الانتاجية في اي نشاط اقتصادي.