منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي ومشاعر الأخوة هي سمة البنيان الدبلوماسي للعلاقات البينية، ووسط تكريس قادة الخليج المبادرات لتحقيق التعاون والسعي نحو الاندماجية تأتي خريطة الطريق التي رسمها القادة خلال اجتماعاتهم الأولى في الرياض وأبوظبي أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات لتجسد بوصلة الاتجاه في العلاقات البينية والسياسة الخارجية.

تاريخياً وخلال السبعينيات انطلقت فكرة العمل الخليجي بعدما راودت القادة من أهل الخليج، فحولتها الكويت إلى حلم ينتظر التحقيق طرحه المغفور له الشيخ جابر الأحمد ضمن استراتيجية لصيانة أمن المنطقة واستقرارها.

Ad

وقد تفاعل قادة الدول آنذاك مع الاختلافات بشكل إيجابي تحسبا للطوفان الإقليمي والحرب الدائرة في المنطقة، والتي كشفت انشقاق الصفوف في عالمنا العربي، وتفاقم الخلافات العربية، ومغادرة جامعة الدول العربية مدينة القاهرة أعواما قليلة ثم العودة إليها، أما الصحافة الخليجية فقد امتلأت آنذاك بتكهنات حول مدى إمكان تحقيق أهداف مجلس التعاون. فهل تحققت الأهداف؟ وهل استطاع القادة ورؤساء الوفود انتهاز فرص القمم والمؤتمرات للحديث بصراحة عما تحمله الأنفس من هواجس ومخاوف؟

واليوم نشهد استقطاباً شديداً في الشارع الخليجي بسبب الأزمة الخليجية الأخيرة، ونشهد أيضا تراشقاً إعلامياً غير مسبوق في وسائل التواصل الاجتماعي تحركه حسابات غير معروفة انتعشت وسط خلافاتنا، وأخذت تكيل أبشع الأوصاف تجاهنا كشعوب وتجاه القادة ورؤساء الدول حتى أصبحت وقودا للحرب الإعلامية.

ووسط ذلك كله تأتي مساعي الكويت لتتألق وسط الأحداث، فنجحت في منح الأطراف المزيد من الوقت للقراءة والتفكير واتخاذ الرأي السديد.

وتفاءل أهل الخليج بالمساعي الخيرة لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد نحو الوصول إلى التفاهم ورأب الصدع، الأمر الذي سيفسح المجال للاقتراب من المعالجة الجذرية لأسباب الخلاف.

فالمملكة العربية السعودية بقيادتها الشبابية المتمثلة بالأمير محمد بن سلمان تتطلع إلى نهج جديد مبني على الدبلوماسية المعلنة والمصارحة، والإمارات تتطلع إلى تطمينات إقليمية، وكذلك الحال لدى قطر والبحرين، ولكن على الجميع التعاون وتفهم حقيقة الهواجس لدى دول المجلس.

كلمة أخيرة:

عام 1977 بادرت الكويت إلى رأب الصدع بين طرابلس ومصر، وفتحت المدارس للاجئين الفلسطينيين للانتظام فورا بالدراسة المسائية، وبعد ذلك كله ما زال البعض يتجاهل مساعينا الخيرة!!