الأزمة في الكونغو تخرج عن السيطرة
تواجه الكونغو أزمة سياسية واقتصادية، ولا تنفك هذه الأزمة تسوء، إذ كان من المفترض أن يتنحى الرئيس جوزيف كابيلا في شهر ديسمبر من عام 2016 مع انتهاء ولايتَيه، علماً أن هذا الحد الأقصى للحكم وفق الدستور، إلا أنه نجح في البقاء في السلطة بتأخيره الانتخابات وإشرافه على عملية قمع عنيفة ضد المطالبين باحترام الدستور.وُقع في 31 ديسمبر اتفاق أدت فيه الكنيسة الكاثوليكية دور الوسيط، وشمل هذا الاتفاق التزاماً واضحاً بعقد الانتخابات بحلول عام 2017، وحدّد أن كابيلا لن يكون مرشحاً أو يحاول تعديل الدستور، علاوة على ذلك سيقود الائتلاف المعارض الرئيسي الحكومة الانتقالية ومجلس الإشراف الوطني، وستُتخذ خطوات لفتح المجال السياسي، لكن هذه الالتزامات وُضعت جانباً، ويبدو اليوم عقد انتخابات عالية المصداقية بحلول نهاية العام بعيد الاحتمال.حذّر اتحاد المطارنة الكاثوليك الواسع النفوذ في البلد هذا الشهر من أن الكونغو بلغت حالة "بالغة السوء"، ودعا الكونغوليين إلى "النهوض" و"تحديد مصيرهم بأيديهم"، وتلا ذلك "نداء ملحًّ" من الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان وتسعة رؤساء أفارقة سابقين شدد على أن مستقبل البلد معرض "لخطر كبير".
تتواصل عملية القمع ضد المعارضة السياسية، والناشطين، والصحافيين، والمتظاهرين السلميين، فيما يزداد عنف عشرات المجموعات المسلحة وقوى الأمن الحكومية في مختلف أرجاء الكونغو، كذلك يواجه هذا البلد أزمة اقتصادية متفاقمة أدت إلى نسبة بطالة ضخمة بين الشبان، وخلال سلسلة من عمليات الفرار من السجن المدروسة جيداً على ما يبدو، هرب أكثر من 5 آلاف سجين، مما عزز عدم الاستقرار وأعاد جهود القضاء سنوات إلى الوراء.ردت قوى الأمن الحكومية باللجوء إلى القوة المفرطة، مسارعةً إلى إعدام مَن يُشتبه في انتمائهم أو تعاطفهم مع ميليشيا تشكّلت بادئ الأمر كرد فعل تجاه إعدام زعيم محلي، وفي بعض الحالات انتقل الجنود من بيت إلى آخر، قاتلين كل مَن عثروا عليه بداخلها. وفي الشهرَين الماضيين دمّرت ميليشيا تدعمها الحكومة وتُدعى "بانا مورا" قرى بأكملها و"شوهت أو قتلت بالرصاص، والفؤوس، والحرق" مئات القرويين، بينهم نساء حوامل وأطفال وأولاد صغار، وفق الأمم المتحدة. وحُدد ما لا يقل عن 42 قبراً جماعياً في المنطقة يُعتقد أن معظمها من صنيع قوى الأمن الحكومية.نتيجة لذلك، أطلق مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة هذا الشهر تحقيقاً دولياً في العنف الممارس في منطقة كاساي.ولكن يمكننا اتخاذ خطوات إضافية، تستطيع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التقدم أكثر في سلسلة القيادة وفرض عقوبات على مَن ساهموا في تمويل كابيلا وحملة القمع والإساءة التي تشنها حكومته، كذلك بإمكان جيران الكونغو واللاعبين الإقليميين الآخرين، مثل أنغولا التي تبدو حكومتها أكثر تخوفاً من عجز كابيلا عن حل الأزمة في بلده، تبني موقف متشدد للضغط على كابيلا والسماح بعملية انتقال ديمقراطية وسلمية قبل نهاية العام.ما زال الوقت متاحاً للإصغاء إلى تحذيرات المطارنة الكاثوليك والقادة الأفارقة السابقين ووقف تفاقم العنف، والإساءة، وعدم الاستقرار التي تهدد الكونغو والمنطقة بأسرها على حد سواء، لكن هذا يتطلب تدخلاً عالي المستوى، فضلاً عن ممارسة ضغط مستدام وهادف ومنسق بدقة على كابيلا وحكومته على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي. الوقت بالغ الأهمية مع خروج الوضع على الأرض عن السيطرة واقتراب المهلة الأخيرة لعقد الانتخابات قبل نهاية العام بسرعة.* إيدا سوير* «واشنطن بوست»